الجزائر

التلاميذ في عطلة غير محدودة!؟


التلاميذ في عطلة غير محدودة!؟
تعرف ثانويات مدينة البليدة، منذ الفاتح أكتوبر، إضرابا شاملا شل جميع مؤسسات التعليم الثانوي، وأحال التلاميذ على عطلة غير محدودة في ظل إصرار المضربين على نيل حقوقهم من خلال الإستجابة إلى مطالبهم المهنية. ولا يجد الزائر إلى محيط ثانويات البليدة جهدا كبيرا للوقوف على الجمود الذي خيم عليها منذ أكثر من 15 يوما، فهي اليوم خالية على عروشها والحركة بها تكاد تنعدم ماعدا توافد التلاميذ كل صباح رفقة الأساتذة المضربين الذين يسجلون حضورهم اليومي قبل أن تخلد هذه الثانويات إلى السكينة والهدوء الذي يحلّ محل الضوضاء والحركية التي تنفرد بها المؤسسات التعليمية.
إحباط لدى التلاميذ
عندما وصلنا إلى إحدى ثانويات البليدة المسماة عمر بن الخطاب وجدنا أبوابها موصدة وقبل أن نهم بالإستفسار علمنا من أحد أعوان الحراسة بأن الأساتذة في إضراب مفتوح منذ حوالي أسبوعين، ولا يتواجد بها أي أستاذ أو تلميذ، وغير بعيد عن هذه المؤسسة التعليمية، رمقنا بعض التلاميذ في الجهة المقابلة ينتظرون الحافلة لتقلهم من حيث أتوا، اقتربنا منهم وسألناهم عن مشاعرهم وأحاسيسهم وهم يدخلون الأسبوع الثالث دون دراسة، وبقدر الحسرة التي لمحناها على محياهم وهم يبتسمون، كانت ردود فعلهم إثر الأوضاع التي يعيشونها مليئة بالتذمر والحزن، وبعض من الأسف والقنوط والكبرياء وهم الذين جاءوا للتو من المتوسطات وانتقلوا إلى الثانويات، التلميذ الأول الذي عبر لنا عن مشاعره يدعى “مراد" وهو يدرس في السنة الأولى علمي، حيث تحدث إلينا ببراءة “نحن اليوم دخلنا الأسبوع الثالث دون دراسة بسبب إضراب الأساتذة، حيث نقصد الثانوية كل صباح لنعود بعد نصف ساعة خائبين، فأنا شخصيا كنت أحلم بالدراسة في الثانوية وتمنيت ألا أصطدم بمثل هذه الإضرابات التي عانيت منها عندما كنت في المتوسطة". وعندما سألنا “مراد" إن كان يفكر في مصيره القريب إذا استمرت الحركة الإضرابية للأساتذة، لم يتوان في الرد علينا بعبارة واحدة “نحن التلاميذ ننتظر ساعة الفرج ونرجوا أن تعود المياه إلى مجاريها ونستأنف الدراسة عن قريب".
لم تكن مشاعر وبراءة عبارات هذا التلميذ هي التي لفتت انتباهنا ونحن نحاول استغلال فرصة تواجدنا مع بعض رفاقه على قلتهم قبالة ثانوية عبر بن الخطاب، حيث منحنا الكلمة لزميل له يدعى “سمير" يدرس في السنة الثانية آداب، وقد بدا لنا من خلال حديثه أنه كسب تجربة منذ أن تخطى مرحلة الإبتدائي وباتت إضرابات الأساتذة أمرا عاديا بالنسبة له “ماذا تريدني أن أقول، فمثل هذه الحركات الإحتجاجية والإضرابات باتت العملة المفضلة في المؤسسات التعليمية فلا يمر موسم دراسي إلا ويشهد انقطاعا عن الدراسة لفترات متباينة ومتكررة، حيث أن التلميذ هو الذي يدفع الثمن في كل مرة"، وبعد أن توقف عن الحديث لبعض الوقت واصل سمير انتقاد وضعه التعليمي من خلال الإشارة إلى المصير الذي ينتظر تلاميذ النهائي المقبلين على شهادة البكالوريا “إذا كنا نحن طلبة السنة الأولى أو الثانية لا تنتظرنا محطة مهمة، فإن الأمر يختلف عن تلاميذ النهائي الذين يستعدون لاجتياز أصعب محطة في مسيرتهم الدراسية وهي شهادة البكالوريا".
لهذه الأسباب جُمِّد النشاط في الثانويات
في البداية وددنا الإستماع إلى آراء بعض الأساتذة المضربين للوقوف على نوعية احتجاجاتهم ومطالبهم التي رفعوها يوم قرروا الدخول في إضراب وبالتحديد منذ بداية الشهر الحالي، غير أننا فوجئنا بعدم تواجدهم في كل الثانويات التي سمحت لنا الظروف بزيارتها على مستوى مدينة البليدة، حيث علمنا من بعض العمال ومنهم أعوان الحراسة المتواجدين هناك أن حضور الأساتذة كما التلاميذ يكون فقط خلال الفترة الصباحية، حيث يقصدون الثانويات لتسجيل حضورهم رفقة التلاميذ قبل أن ينصرفوا ويتركوا مؤسساتهم تسبح في جو من السكينة والهدوء وكأنها مؤسسات سكنتها الأشباح. وأمام استحالة معرفة آراء الأساتذة، لم نجد بدا من الدردشة مع بعض عمال الثانويات الذين يعانون هم كذلك من نفس المشاكل التي طرحها الأساتذة، وهو ما حاول أحدهم توضيحه لنا عندما عدّد لنا المطالب المرفوعة “خلافا لأساتذة وعمال ثانويات الوطن الأخرى، فقد حرمنا من الترقية ومنح الأبناء والعائلة، ومنحة المردودية خلال شهر أكتوبر الحالي، ناهيك على أننا لم نتلق أي مقابل عن الساعات الإضافية". وخلال مساعي الأساتذة والعمال مع مفتشية التربية بالبليدة، قيل لهم بأن الأمر لا يعني هذه المؤسسة التربوية ونفس الجواب وصلهم كذلك من الولاية، وأمام هذا الوضع نظموا وقفة احتجاجية الإثنين الماضي أمام مقر الولاية، ولم يتم استقبالهم من طرف الوالي، كما أن حركتهم الإحتجاجية الحالية سبقتها أخرى، وأمام إصرار الأساتذة على مطالبهم علمنا من محيط إحدى الثانويات أن مفتشية التربية وعدتهم بتسوية أوضاعهم مع حلول شهر ديسمبر، إلا أن الأساتذة رفضوا هذه الوعود وأصروا على أن تكون كتابية.
وفي ظل الإنسداد الذي تعرفه قضية الأساتذة المضربين، تواصل بعض النقابات لقاءاتها مع الجهات المعنية وأولها مفتشية التربية هذه الأخيرة التي أردنا معرفة رأيها في الموضوع، غير أننا لم نتمكن من ذلك، حيث طلب منا الأمين العام الإنتظار لنفاجأ بمغادرته المفتشية دون أن يدلي لنا بأي تصريح.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)