الجزائر

التكنولوجيا... جبهة لتعزيز أمننا القومي


التكنولوجيا... جبهة لتعزيز أمننا القومي
لم تعد تكنولوجيات الإعلام والاتصال مجرّد كماليات ولكن ضرورة يومية لا يمكن الاستغناء عنها، خاصة بعد القفزة الهائلة التي عرفها العالم بعد دخول الأنترنت حيز الاستعمال تحول معها هذا العالم المترامي الأطراف إلى قرية صغيرة أصبح من الممكن معها مشاهدة الشخص الذي تخاطبه على بعد آلاف الأميال.إن الجزائر وفي زخم هذا التحول الضخم، لا يمكنها إلا الانخراط في هذا الاتجاه والانتقال إلى السرعة القصوى لاستدراك ما فاتها من وقت ولابد في هذا الصدد من الإقرار أن بلادنا تسجل تأخرا في هذا المجال، الشيء الذي يحتّم عليها العمل على عصرنة قطاع البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال.ومن الخطإ الاعتقاد، في هذا الإطار، أن تحديث الشبكات واقتناء أحدث الأجهزة يكفي وحده لعصرنة القطاع إن لم نأخذ في الحسبان أن المورد البشري هو محور هذا المسار، لهذا يعتبر التكوين أهم وأقوى العوامل، لابد من إعطائه الأهمية القصوى إذا كانت السلطات العمومية تريد تجسيد إرادتها السياسية المعلنة في النهوض بهذا القطاع الحساس، خاصة في ظل التوجّه نحو إنشاء “الحكومة الإلكترونية” وهو خيار لا مفر منه من أجل الحصول على خدمة عمومية سريعة وجيّدة تريح المواطن من عناء الوثائق ووباء البيروقراطية التي طالما عرقلت مصالحه وأثقلت كاهل الخزينة العمومية وحجبت كل قنوات الاتصال بين المواطن والمسؤول على جميع المستويات.إن التوجّه نحو تنويع الاقتصاد الوطني والتقليل من التبعية للمحروقات هي جبهة أخرى تفتحها الدولة الجزائرية من أجل مواجهة تراجع مداخيل البلاد من العملة الصعبة، لكن هذا الخيار يحتاج بدوره إلى تكنولوجيات عالية، حيث لم يعد من المقبول إجراء المعاملات الاقتصادية بطرق عفا عنها الزمن، في الوقت الذي نسعى فيه إلى استقطاب الاستثمار الأجنبي الذي يتطلب توفير الكثير من الشروط، على رأسها سرعة وفعالية الإجراءات الإدارية وهذا العامل هو الذي أصبح يحدث الفارق في اختيار وجهات الاستثمار وإلا كيف نفسر اختيار بعض المستثمرين وجهات لا تمتلك أدنى ما تتوافر عليه الجزائر من فرص وإمكانات!؟لا يشذّ الجانب المالي عن هذه القاعدة وهذا ما يثبت أن قطاع البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال يكتسي أهمية استراتيجية كبرى، حيث يعتبر فاعلا حقيقيا في التنمية الوطنية الشاملة، لا يكاد أيّ قطاع يستغني عن هذه التكنولوجيات لتحسين الأداء من حيث السرعة والجودة والقطاع المالي يأتي على رأسها، حيث يحتاج إلى تبنّي هذه التكنولوجيات لتسيير أمثل لأموال الجزائريين ومعرفة حجم الكتلة النقدية وتوجّهاتها والتحكم في السيولة والقضاء على السوق السوداء التي تنخر الاقتصاد الجزائري...إلخ، كل هذه المعضلات يمكن التحكم فيها والقضاء عليها تدريجيا إذا تم التحكم في تكنولوجيات البريد والإعلام والاتصال.الأكيد أن هذا هو التحدي الأكبر الذي يجب أن ترفعه الجزائر. وقد أثبتت حادثة انقطاع الكابل البحري للأنترنت - الرابط بين مرسيليا وعنابة، شهر أكتوبر الماضي، أن تكنولوجيات الإعلام والاتصال أصبحت من المقومات الأساسية للأمن الوطني الجزائري وليس مجرد وسيلة للتسلية والدردشة عبر وسائط التواصل الاجتماعي، خاصة وأننا دخلنا في جيل جديد من الحروب تسمى الحروب الإلكترونية، تعتمد على جيل جديد من الجيوش هي الجيوش الإلكترونية “جيوش السايبر”، بل هناك حروب إلكترونية لا نراها حمى وطيسها بين القوى الكبرى، وهناك بالمقابل دول أخرى أنشأت وحدات متخصصة في هذا النوع من الحروب والجزائر معرّضة لهجومات من هذا النوع كغيرها من الدول، وهي مجبرة على اللحاق بهذا الركب ولدينا من الكفاءات البشرية والمادية ما يمكنّنا من مواجهة هذا الجيل الجديد من التهديدات


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)