الجزائر

التكنولوجيا أداة لانتشار اللغة العربية


دعا المشاركون في الندوة التي نظمها المجمع الجزائري للغة العربية، أول أمس، بفندق "أولمبيك"، والموسومة ب"اللغة العربية في عصر التكنولوجيات الجديدة"، إلى تضافر الجهود لإدماجٍ أعمق وأفضل للغة العربية في التكنولوجيات، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، الذي فرض وجوده في شتى مجالات الحياة.في هذا السياق، قال البروفسور شريف مريبعي رئيس المجمع، إن اختيار شعار "اللغة العربية في عصر التكنولوجيات الجديدة" بدلا من موضوع "اللغة العربية، لغة الشعر والفنون" الذي أقرته اليونسكو هذه السنة احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، مرده دور التكنولوجيات الهام في نشر اللغة العربية التي لها باع كبير في الحضارة الإنسانية، علاوة على وجودها القوي في الشعر والفنون.
واعتبر المتحدث أن التكنولوجيا بما تتيحه للمادة الإعلامية من سرعة انتشار ودقة وسهولة وكذا قابلية للتلقي من قبل الصغير والكبير من غير عناء، أداةٌ لا غنى عنها في خدمة اللغات، ولا سيما اللغة العربية، منوّها بجهود اللسانيين والمختصين في الحاسوب في إنجاز أبحاث مشتركة، أغنت الأبحاث التطبيقية اللغوية، وأنشأت الموسوعات والمعاجم، ونظمت الدروس والمؤتمرات عن بعد بأقل جهد، وأقلّ تكلفة.
استعمال التكنولوجيات الحديثة لترسيخ لغتنا
من جهته، قدّم الأستاذ أحمد قسوم مداخلة بعنوان "الذكاء الاصطناعي وأفق تطوير اللغة العربية"، جاء في بعضها أن الذكاء الاصطناعي، حسب تعريف الموسوعة البريطانية، هو قدرة الكمبيوتر أو الروبوت المبرمج على أداء المهام المرتبطة عادة بالكائنات الذكية، وتطوير الأنظمة ذات العمليات الفكرية المميزة للإنسان؛ مثل القدرة على التفكير، واكتشاف المعنى، أو التعميم، أو التعلّم من التجارب السابقة.
وتحدّث الأستاذ عن المبالغ الضخمة التي تصبّها الدول المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن الثورة القائمة الآن تعتمد على الشبكات العصبونية التي تحلّل المعلومات حسب المعطيات التي تمتلكها. كما تطرق لقدرة الذكاء الاصطناعي على تجاوز تقارير الأطباء، واكتشاف طبيعة الأورام من دون صور الأشعة.
أما عن علاقة الذكاء الاصطناعي بالتعليم، فقد قسمها الدكتور إلى عدة نقاط، من بينها نقطة تتعلق بأنظمة التعلّم المتكيّفة التي تُعد منصة برمجية مصممة لإدارة وتوزيع وتتبّع تعلّم الطلاب وفق إمكانياتهم، وكذا الواقع الافتراضي المتمثل في محاكاة بانغماس كامل في بيئة ثلاثية الأبعاد؛ مثل استعمال سماعة الرأس أو نظارات خاصة، في حين أن الواقع المعزّز هو تجربة تفاعلية ثلاثية الأبعاد، يستطيع الشخص من خلالها رؤية نسخة محسّنة من العالم الحقيقي مع أصوات وعناصر مرئية إضافية.
كما تطرق المتحدث لمعالم الثورة القادمة "النماذج اللغوية الكبيرة"، وهي روبوتات ذكية للمحادثة مثل "شات جي بي تي". وبالمقابل، أكد حاجتنا إلى رؤيا مستقبلية ذات بعد حضاري؛ من خلال استعمال التكنولوجيات الحديثة لترسيخ اللغة العربية في الأجيال الصاعدة، وإنشاء المعاجم اللغوية والمدوّنات باستعمال التكنولوجيات الجديدة، وتحقيق الترجمة الآلية.
إدراج الذكاء الاصطناعي في مدارسنا.. ضرورة
من جهتها، قدّمت الأستاذة أسماء عويشات مداخلة بعنوان "التكنولوجيات الجديدة وتعليم اللغة العربية، أنظمة الأسئلة والأجوبة"، ذكرت فيها أهمية تعلّم كيفية طرح الأسئلة، ومن ثم استخراج الأجوبة بشكل أكثر سرعة. كما دعت إلى تشبّع الأساتذة بالتكنولوجيات حتى يتساووا مع اهتمام التلاميذ بكل هذه التطبيقات التي تسمح لهم بالتعلم بشكل سلس.
وتابعت أن التلميذ في نظام "شات جي بي تي" يمكنه التعلّم مباشرة، والاستعانة بالأستاذ بشكل سريع، لتتساءل عن كيفية استعمال التطبيقات الذكية لتعليم اللغة العربية في مدارسنا، خاصة في زمن بعد كورونا؛ حيث أصبح وجود الأنترنت في البيت أمرا بديهيا، لتطالب بإدراج الذكاء الاصطناعي في المدارس الجزائرية؛ حتى يتمكن التلميذ من الرد بشكل مقنع على الأسئلة.
تجربة علمية لتأكيد أصالة القرآن الكريم
أما الأستاذ حليم سعيود فقدّم مداخلة بعنوان "التعرف على المتحدث من خلال الصوت والنص العربيين مع تطبيقات في القرآن الكريم"، قال فيها إنه يمكن التعرف على هوية المتكلّم من صوته عبر برمجيات خاصة، أو على الأقل إيجاد هوية المتحدث الأكثر احتمالا، في حين لا يمكن اعتبار نص شخص ما وسيلة بيومترية مثل الصوت والبصمة، بينما لا نستطيع التكهن وحتى معرفة صاحب نص ما حسب الأسلوب الأدبي الذي ينتهجه.
وفي هذا السياق، تحدّث الأستاذ عن تجربته في إثبات أصالة القرآن الكريم؛ حيث شكّك البعض في أنه ليس كلام الله وإنّما كلام رسولنا محمد. وفي هذا اعتمد المتحدث على العلم لإثبات صحة مصدر القرآن. والنتيجة أنّ صنفي الأسلوب اللغوي للقرآن والحديث مختلفان تماما، وهكذا فإن الافتراض السابق باطل تماما.
الأخبار الزائفة مشكلة تمسّنا أيضا
تناول الأستاذ كمال فرات من جامعة لوران الفرنسية في مداخلته، "تحديات الأخبار الزائفة: مفهوم الحرب الإدراكية وكشف الحقيقة"؛ حيث قدّم تعريفا للحرب الإدراكية التي هي حرب معلومات، تهدف إلى التأثير في آراء وتصوّرات ومعتقدات الخصم أو الجمهور باستخدام وسائل الاتصال.
وتوقف الأستاذ عند أعمال المخبر الذي يديره في الجامعة، مؤكدا أن الأخبار الزائفة ليست وليدة الساعة، بل تعود إلى حقبة ما قبل الميلاد، ولكنها انتشرت بشكل رهيب، بظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكذا تخصص بعض المدوّنات في نشرها، بالإضافة إلى البوستات التي يمكن أن تنشئ محتوى ضارا، أو العمل كمادة إعلانية، علاوة على "الترول"، وهو شخص مثير للمشاكل، ينشر أخبارا كاذبة. كما تحدّث الأستاذ عن جمعية "ستوري كيلرس" التي أسسها شخص من قدامى الموساد. وأنشأ ملفات لشخصيات مزيّفة. وتعاون مرشحين في الانتخابات الرئاسية لدول إفريقية، دفعوا له خمسة ملايين دولار كلٌّ على حدة. ووصلت الملفات الزائفة في بداية 2023، إلى 40 ألف ملف. واعتبر أن الكشف التلقائي عن الأخبار الزائفة صعب جدا. أما عن الخبر الزائف الأكثر تداولا في الجزائر عام 2017، فكان وفاة الرئيس السابق بوتفليقة، مضيفا أن هذا الخبر تأكد بعد سنوات، وهو ما يساهم في صعوبة التعامل مع الخبر الزائف الذي يمكن أن يتحول إلى حقيقة بعد فترة زمنية معيّنة. وتابع أن أغلب الأخبار الزائفة تُكتب باللغة العربية الفصحى حتى يتم تداولها على شكل واسع. كما تشارك في نشاط الحرب الإدراكية، وقادرة على زرع الشكّ في أذهان المواطنين.
الذكاء الاصطناعي يكشف السرقات الأدبية
من جهتها، شاركت الأستاذة حدّة شرون بمداخلة بعنوان "كشف السرقات العلمية باستعمال المعالجة الآلية للغة"، فقالت إن المعالجة الآلية هي فرع من فروع الذكاء الاصطناعي. وبالمقابل يمكن استعمال التدابير الوقائية لكشف السرقات العلمية قبل اللجوء إلى التدابير الردعية، والتي تأتي في مقدمتها سرقة الأفكار، لتنتقل في حديثها، إلى ذكر آليات كشف السرقات الأدبية؛ مثل الاعتماد على تطبيق "تورنيتا". وتابعت: "للأسف، لم يتم تزويد "تورنيتا" بالمعلومات الكافية باللغة العربية؛ لذلك فهو يفتقر إليها"، لتختم مداخلتها بالتأكيد على أهمية فهم آليات عمل أدوات التكنولوجيا للكشف عن السرقة الأدبية.
تحليل المشاعر غيّر سبر الآراء
أما الأستاذة سليمة حرات فقدّمت مداخلة عن "حضور اللغة العربية في الإعلام الجديد وعلى شبكات التواصل الاجتماعي/ تحليل المشاعر وتطبيقاته"، تطرقت فيها لبعض الإحصائيات الخاصة باستعمال الأنترنت في الجزائر، والتي بلغت نسبتها 70.9 ٪؛ أي أكثر من النسبة العالمية المقدّرة ب65.7. كما إن أكثر تطبيق مستعمل في الجزائر هو "اليوتوب" عكس العالم العربي، الذي يحتل "فايسبوك" فيه صدارة التطبيقات الأكثر استعمالا.
وعن مجال تحليل المشاعر فهو يهتم بتحليل آراء الأشخاص ومشاعرهم تجاه مواضيع مختلفة؛ كالمنتجات، والخدمات، والمنظمات، والأفراد، والقضايا والأحداث انطلاقا من مدوّنات نصية، قد تكون تعليقات، أو تغريدات، أو مراجعات. وتابعت أن تحليل المشاعر مختلف عن عملية سبر الآراء، التي هي مستقاة من مؤسسات متخصصة. كما إن صاحب الرأي على علم مسبق بهذه العملية، عكس ما يتعلق بالأشخاص الذين تُحلَّل مشاعرهم وفق ما ينشرونه، مثلا، في وسائل التواصل الاجتماعي، ومن دون رضاهم.
نقص البيانات بالعربية أضرّ بأنظمة التوصية
وأما لمياء بركاني فعرّفت في محاضرتها "أنظمة التوصية بالعربية وتطبيقاتها"، بأنظمة التوصية التي يُعنى بها إنشاء توصيات دقيقة لمجموعة من المستخدمين بشأن العناصر أو المنتجات التي تهمّهم، في حين قالت إن التحديات التي تواجهها باللغة العربية هي انقسامها إلى لغة عربية فصحى، ونظيرتها الحديثة، واللهجات، وكذا المتعلقة بقواعد النحو العربي، خاصة أنّ هناك نقصا كبيرا في مجموعة البيانات العامة بلغة الضاد.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)