التقاضي أمام المحاكم الدولية

شهد القانون الدولي التقليدي تغييرا جذريا وتطورا عمليا نحو الحداثة إثر توقيع معاهدة فرساي في سنة 1919 وحملت معاهدة فرساي العديد من المزايا والتي منها إنشاء تنظيم دولي " عصبة الأمم" وتأسيس أول نظام قانوني دولي لحماية قواعد القانون الدولي العام، وإحداث انقلاب في المفاهيم الجزائية التي كانت سائدة في القانون الدولي الجزائي التقليدي، وذلك باعتماد المسؤولية المزدوجة على الدولة والفرد. وبذلك يمكن طرح التساؤل الآتي : كيف تم تكريس المسؤولية الدولية الجزائية على الأشخاص الطبيعيين، وبالتالي إمكانية مثول الأشخاص الطبيعيين أمام المحاكم الدولية؟ سنحاول دراسة هذا الموضوع من خلال التركيز على ثلاثة عناصر أساسية، الأول يتمثل في الجهود الفقهية والدولية التي مهدت لاعتماد المسؤولية الجزائية الشخصية دوليا، أما العنصر الثاني فسنتناول من خلاله دور معاهدة فرساي في تدوين المسؤولية المزدوجة في القانون الدولي، وفي العنصر الثالث والأخير نبين دور عصبة الأمم وجهودها لإرساء مضامين معاهدة فرساي الجزائية.