الجزائر

التفجير الانتحاري يعيد المدينة إلى نقطة الصفر حالة الطوارئ مجددا بتيزي وزو



لم تكد تيزي وزو تتحسس بعد، بعض هواء مرحلة ما بعد رفع حالة الطوارئ، حتى عادت مرغمة تحت وطأة التهديد الإرهابي لفرض خطط أمنية كانت قد اختفت منذ شهور قليلة فقط، وضع كما كانت له تداعيات لدى مسؤولي الأمن، لاحظت ''الخبر'' أن وطأته تبدو أكبر على سكان المدينة وهم يختنقون في انتظار نهاية دقائق ربع الساعة الأخير في مكافحة الإرهاب.  لا تزال آثار التفجير الانتحاري الذي استهدف مقر الأمن الحضري الأول وسط تيزي وزو، فجر السبت الماضي، ظاهرة وبعضها لم ينقل من مكانه كأنما هو تسليم بأن الإرهاب واقع لا ينتهي من حياة السكان، فليس من عادة تيزي وزو أن تعيش فترات إحباط كما هي بادية في شوارعها وأزقتها منذ تفجير الأحد الماضي، وربما في غياب عمليات نوعية للجيش في المنطقة قريبا قد تطول مظاهر هذا الإحباط في وجود تهديد إرهابي يكاد يكون يوميا في الضواحي المحيطة بوسط المدينة، بل ويعلن استعداده لاستعراض أكبر في الأيام البواقي من رمضان.  في محيط التفجير، يمتد شارع لملي أحمد، وتقف إلى جانبه عمارة وقد أصابها سواد أخفى لونها الفاتح، وتكسرت نوافذ شرفاتها وتشققت جدرانها، فيما تأثـرت محلات في الطابق الأول بعدما تساقطت نحوها قطع آجر وإسمنت ومواد صلبة كانت في شرفات السكان. غياب الإدارة هناك خرج الناس مذعورين وغاضبين من حي 48 مسكنا يشكون غياب الإدارة لتباشر عملية إعادة الترميم الداخلي للمنازل وتوضيب قنوات توصيل الغاز بعدما تضررت بدورها وبشدة جراء قوة التفجير الانتحاري، وقد وقف السيد صارني كمال، أحد سكان الحي بين العشرات من جيرانه متوعدا الإدارة بشيء غير متوقع ما لم تستجب لمطالبهم التقنية في إعادة الترميم، فالحي كما تبين، تأثـر مرتين على التوالي من شدة تفجيرين انتحاريين في محيطه القريب، فأثار التفجير الانتحاري الذي استهدف مقر القطاع العملياتي في الـ03 أوت 2008 بدورها لا تزال ظاهرة على جدران باقي العمارات. ويختلف سكان الحي مع مصالح الولاية التي أرسلت موفدا عنها رفقة ممثل عن ديوان الترقية والتسيير العقاري ومقاولين، في موضوع الدراسة التقنية لواجهة العمارة قبالة المركز الحضري الأول الذي تعرض للتفجير الأحد الماضي، فيقترحون دراسة حالة بحالة لجميع المنازل قياسا لتفاوت واضح في حجم الخسائر، وعدم تكرار أخطاء 2008 وإعادة النظر في قنوات صرف المياه. ودعا أحد السكان قائلا ''في 2008 وعدتنا السلطات الولائية ولم تفعل شيئا واليوم نطلب منهم أن يفوا بوعودهم لأن الوالي مثلا منذ أربعة أيام لم يسأل عنا''، ومعلوم أن والي تيزي وزو، عبد القادر بوعزغي، أشرف على تنصيب لجنة ولائية خاصة لتقييم جميع الأضرار الناجمة عن التفجير الانتحاري. يروي أحد سكان العمارة عن فجر يوم السبت الماضي قائلا ''ذلك اليوم نهضنا مسرعين نتدارك تأخرنا في إعداد وجبة السحور، وبالكاد أنهينا في الرابعة فجرا وثماني دقائق حتى سمعنا دوي انفجار قوي اهتزت له العمارة''. وأضاف ''انطلقت شظايا الزجاج كرصاصات خارقة أصابت الجدران المقابلة وأصيب ولدي الذي لم يبلغ السادسة من عمره. ويذكر سكان الحي بحرقة قصة شاب صاحب كشك معروف قبالة المركز الأمني المستهدف مباشرة، كان الشاب يغط في نوم عميق، فاستيقظ على وقع نيران تلتهم الكشك فأصابت جسده وأقعدته إلى اليوم في مستشفى المدينة لكنها أفقدته ملامحه وحواسه. عودة التشديد الأمني لقد دفع تفجير الأحد الماضي، بمسؤولي الأمن في الولاية إثـر تشاور مع المدير العام للأمن الوطني، اللواء هامل عبد الغني، لإعادة تفعيل إجراءات أمنية طبقتها المصالح الأمنية في وسط تيزي وزو ما قبل رفع حالة الطوارئ، فمجددا أغلق الشارع المحاذي لمقر الأمن المستهدف في الاتجاه المؤدي نحو وادي عيسي، وهو طريق ظل مغلقا لسنوات وفتح فقط في مارس الماضي مع صدور مرسوم رفع حالة الطوارئ، كما أقرت مصالح الأمن في الولاية غلق الطرق الاجتنابي قرب مقر الأمن الولائي في مدخل المدينة، لكن غلقه تم قبل نهاية شهر رمضان، إثـر معلومات عن استعداد ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' لتنفيذ عمليات وسط المدينة. ومع أن كثيرا من الحواجز الأمنية في وسط تيزي وزو، تعود لسنوات ماضية، إلا أن درجة التأهب من بعد الأحد الماضي عادت لتشهد مستويات قصوى، قياسا لـ''تقصير وتراخي'' في مراقبة السيارة المفخخة التي استقلها الانتحاري ليلة السبت إلى الأحد، حيث تشير معطيات إلى أن الانتحاري قدم من جهة بني دوالة، والغريب أن أكثـر الحواجز الأمنية تشديدا في الولاية تقع عند محولات في اتجاه بني دوالة شمالا أو الأربعاء ناثـراثن جنوبا. ولاحظت ''الخبر'' تشديدا غير مسبوق في المراقبة في الجهة الجنوبية للمدينة، حيث يستخدم كل حاجز أمني أجهزة كشف عن المتفجرات، وأسلاك شائكة وقضبان حديدية مدببة لتخفيض السرعات. وتطوق تيزي وزو بحواجز شبيهة في كثير من المواقع، حيث يوجد حاجزان متتابعان في جهة بني دوالة، وحاجز ثابت عبر مدخل قريب من طريق ذراع بن خدة، وفي الجهة الغربية حاجزان متتابعان، الأول لوحدة أمن تستخدم أجهزة الكشف عن متفجرات، ثم حاجز محول بوخالفة الذي تلقى القائمون عليه تعليمات باحترام المراقبة وإجراء عمليات تفتيش فجائية لبعض الحافلات لنقل المسافرين للتأكد من الهويات. وتقول مصادر إن التنظيم الإرهابي ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' يحاول تنويع هجماته في الولاية، ما يدعو إلى رهانات أمنية جديدة، وتشك مصالح الأمن في وجود محاولات لتجهيز سيارات مفخخة أخرى أو قنابل لاستهداف مقار أمنية، ويبدو أنه مخطط موسع بين كتائب التنظيم تشمل ولايات شمالية خمسة، تيزي وزو، بحاية، البويرة، بومرداس والعاصمة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)