الجزائر

التعاون الأمني الروسي الجزائري



التعاون الأمني الروسي الجزائري
بقلم: عميرة أيسر*البوابةَ الشرقيةَ الجنوبيةَ للمجموعات الإرهابية تحاول التسللَ عدة مَرات إلا العُمق الجزائري من أجل تنفيذ عمليات نوعية وإحداث أكبر حَجم من الدمار في هياكل ومؤسسات الدولة أو القيام باستهداف المنشآت العسكرية والطاقية الحيوية. وعملية تيقنتورين التي كانت تستهدف شلّ توريد الغاز الجزائري إلى إسبانيا بالكامل نجحت القوات الخاصة التابعة لجهاز المخابرات الجزائرية المسماة وقتها (بالجيس) في إفشالها وتَحرير جميع الرهائن الأجانب التي كانت تُعول الجماعات الإرهابية على أخذهم كرهائن لمبادلتهم بقادة التنظيمات الإرهابية المعتقلين في السجُون الجزائرية. المجموعة المهاجمة تَعدى عدد عناصرهَا 100 عنصر مُسلح استطاعوا السيطرة على مركز طاقوى حيوي واعتقال 900 عامل من بينهم 130 أجنبي وكانت العمليات الإرهابية بقيادة كل من عبد الرحمن النيجري ولمين بن شنب. ونفذ الجيش بقيادة قائد الناحية العسكرية الرابعة بتاريخ 16-17جانفي 2013 عملية خاطفة أدت إلى تحرير عدد كبير من الرهائن مع سُقوط العَشرات منهم قتلى وجَرحى بسبب طبيعة العملية وعَمد الإرهابيون إلى تفخيخ جُثث عدد منهم ومن ثم تفجيرهَا.الإستراتيجية العسكرية والأمنيَة التي أقرها المجلس الأعلى للأمن في التعامل مع مُختلف التَحديات الأمنية والإرهابية هي الردُّ بقوة وبحزم وعدم الاستسلام لرغبات الخاطفين من المجموعات الإرهابية التي أصبحَت العدو الأول الذي يهدد وحدة البلاد وسلامة أراضيها. وربُما هذا يفسر تَزايد الميزانية المُخصصَة للدفاع إذ وصَلت بحسب تقرير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام إلى 13مليار دولار العام الماضي. وهو ما يفوق ميزانيات الدفاع في دول عربية مجتمعة في سنة 2013. وهي أكبر بحوالي 13مرة من ميزانية الدفاع منذ 25 سنة. هذا الارتفاع الكبير في حجم الأموال المُخصصة لتطوير القطاع الأمني العسكري وتَغيير العقيدة القتالية لجيش الوطني الشعبي من جيش يقوم على التجنيد الإلزامي إلى جيش احترافي مُدرب على أعلى مُستوى ويخضَع ضباطه إلى دورات تَكوينية في الكليات والمعاهد العسكرية الأجنبية. وتعتبر روسيا الحليف الاستراتيجي الأول للجزائر في مجال الأمن والدفاع إذ تزودهَا بحوالي 50-60 من احتياجاتها التَسلحية. وآخر صفقة ربما تم عَقدها بين وزارة الدفاع الروسية ونَظيرتها الجزائرية تمثلت في تزويد الجيش الجزائري بحوالي 28 مدرعة متطورة ذات أنظمة تكنولوجية معقدة. فالتعاون الروسي الجزائري الحَيوي يَشمل بيع الأسلحة المتطورة والحديثة إلى الجزائر ومنها طائرات ميغ 35 وحوامات مي 28 ذات الرؤية الليلية وأنَظمة الاستشعار عن بعد. وبطاريات عربات البانستر والصواريخ الإستراتيجية من نوع أس 300-اس400 التي تَجعل المجال الجَوي الجزائري مُغطى أمنيا وإمكانية تدمير أي جسم غَريب على بُعد أكثر من 600 كلم. وإلى جانب ذلك يقوم الضُباط الروس بتدريب الكوادر الاستخبارية والأمنية الجَزائرية وتزويدها بأهَم المعلومات والمَناهج الدراسية المتقدمة في المجالات العسكرية والأمنية وحتى الخاصة بالتكنولوجيات العسكرية المُتطورة.الحُدود الجنوبية مع الجزائر باتت مشتعلة منذ الحرب الفرنسية على مالي وتَحوّل مالي والنيجر المجاورة للجزائر إلى بُؤر لنشاط الجماعات الإرهَابية التي باتت تُحاول ضرب منشآت الطاقة الجزائرية. فالتواجد الفرنسي على الأراضي المَالية ومَنطقة باماكو أعطى لهذه الجماعَات المُرتبطة بحركة الازواد الانفصالية في شمال مالي عزّز الإرهاب ومنهم مُختار بلمختار أمير كتيبة الملثمين في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي. وكذلك أمير منطقة الصحراء في الجَماعة الإسلامية المسلحة والجماعة الإسلامية للدعوة والقتال وأيضاً مًؤسس كتيبة الموقّعون بالدم التي نفت في بيَان لها مقتل زعيمها وتفنيد مزاعم القوات التشادية التي ادعت أنها تمكنت منْ قتله في جبال افوغَاس برفقة 28 مقاتلاً وذلك بتاريخ 2 مارس 2013. فكل هذه المجموعات الإرهابية التي تهدد الحدود الإقليمية الجزائرية على طول الحدود الشرقية والجنوبية الغربية وخطر داعش الذي باتَ يحتل مناطق واسعةً في ليبيا وغيرها ووصل نفوذه إلى منطقة الساحل الإفريقي وإعلان بَوكو حَرام في نيجيريا مبايعة البغدادي تهدد بتمدد العنف والإرهاب إلى الجزائر فضلاً عن تزايد نشاطات جَماعات التهريب وتجارة المخدرات والسلاح وخاصة على الحدود المغربية.يعتبر الكثير من المحللين الأمنيين أن الولايات المتحدة الأمريكية وأجهزة مخابرات غربية تراهن على محاولة إحداث شرخ ديني أو مذهبي أو عشائري بين مكونات الشعب الجزائري المختلفة وتستخدم لذلك وسائل الإعلام من أجل إظهار الأحداث والاضطرابات الأمنية التي قد تحدث نتيجة صرَاعات قبَلية أو عشائرية للتحريض على الجزائر ومحاولة ضرب أمنهَا وتَماسكها الاجتماعي والديني. لكن الأزمة الاقتصَادية التي تعيشهَا الجزائر بسبب انخفَاض أسعار النفط قد تكون قنبلة موقوتة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)