الجزائر

الترويح عن النفس .. لا إفراط و لا تفريط



لا يختلف أحد حول أهمية الترويح عن النفس ، و الذي يعدُ إحدى الرغبات الفطرية الموجودة بداخل كل إنسان ، يحتاج إلى راحة الجسم واسترخاء الأعصاب ، خاصة بعد جهد طويل، ولأهميته البالغة فلا أحد يمكنه الاستغناء عنه صغيرا كان أم كبيرا .
ويبدأ الميل إلى الترويح عن النفس لدى الفرد منذ صغره، ويزداد إلحاحه على هذه الحاجة النفسية عند مرحلتي المراهقة والشباب ، و اللتان تعتبران مرحلتان حساستان للغاية، ثم يتضاءل شيئا فشيئا مع تقدم الإنسان في سنّه، أي في مرحلتي الكهولة والشيخوخة؛ و هذا ما يجعل من الترويح عن النفس ضرورة تدعو إليها الفطرة الإنسانية، وحاجة نفسية وعقلية وجسمية، لا يمكن تصور العيش من دونها .
و تختلف عادات الشباب في الترويح عن النفس، من واحد إلى آخر و من جنس لغيره ، متبوعا بعوامل عدّة . من أجل التعرّف على الطرق المفضلة لدى الشباب للترويح عن النفس، استفسرت "الجزائر الجديدة" بعضا منهم، فتحدث كل واحد منهم عن أسلوبه الخاص في الترفيه.
"مراد"، 25 سنة، يقول أن"طريقة الترفيه عن النفس المفضلة لديه، هي التفسح مع أصدقائه مرة في الأسبوع، يقول " تارة نذهب للغابة و أخرى لحديقة التسلية ، و أحيانا نذهب لمنطقة لا يعرفها أحد منا فنكتشفها، وهذا جد مهم بالنسبة لنا ، خاصة في نهاية الأسبوع ، حيث الدروس الجامعية المكثفة ، لساعات طويلة متعبة ".
وأما "نبيل" فيفضل الترويح عن نفسه بسياقة سيارته ليلا على الطريق السريع، مضيفا بالقول " السياقة هي وسيلة الترفيه المفضلة لدي ، ففي تلك اللحظة أكون بمفردي و أستمتع بالمذياع و الطريق الخالية ، و خاصة لما يكون الجو ممطرا بالليل ".
و ترى "أسماء" أن "المطالعة هي وسيلتها الأنجع للاسترخاء و التخلي عن متاعب اليوم و نسيانها تماما، ولهذا فهي دائمة المطالعة".
هذا وتلح العديد من الدراسات التي قام بها الأخصائيون ، على أن الترويح عن النفس يجدد الطاقة المساعدة على الحيوية والنشاط، ويقوي الإرادة على بذل المزيد و المواصلة نحو الأفضل، وينشط العقل.
ويواجه الشباب في مرحلة التخطيط لبناء المستقبل وتأكيد الذات صعوبات عديدة ، و هذا من الطبيعي، فهي مرحلة نضج الطفل و بروز مظاهر الرجولة فيه .
لا إفراط و لا تفريط
ورغم أهمية هذا العنصر في حياة كل منا، إلا أن الكثير من الشباب يريدون إمضاء حياتهم كلها لهواً ولعباً وخمول، وهذا ما لا ينبغي على أحد قط، فالترفيه وسيلة يرام بها تجديد الطاقة الإيجابية الباعثة على الاجتهاد و النشاط و ليس بأي حال من الأحوال غاية ، فهذا قد يصبح بحث غير متناهي عن المتعة ، واللذة افتتان خطير بمظاهر الحياة وزخرفها.
ولقد أوصى الدين الإسلامي الحنيف بأن يروّح الإنسان عن نفسه ساعة بعد ساعة، فقد قال النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" "روّحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلت عميت" ويقول الإمام علي "رضي الله عنه"، " إن للقلوب شهوة وإقبالاً وإدباراً، فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها، فإن القلب إذا أُكره عمي ، وقال أيضاً " إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكم ".
الترويح عن النفس حاجة وضرورة فطرية وإنسانية، و كل إنسان بحاجة إلى ترفيه و ترويح عن نفسه ، لكي ينطلق من جديد في العمل والنشاط بالمزيد من العطاء والإنتاج. ولكن ليس من الصواب أن يصبح عادة دائمة شبيهة بالخمول و الكسل، إذ لا معنى للراحة من دون عمل، ولا للترويح عن النفس من دون جهد وتعب فلا إفراط و لا تفريط .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)