الجزائر

التجربة الشعرية عند "احسن دواس" في أطروحة دكتوراه



ناقشت الطالبة صونية ماوني من جامعة 20 أوت 1955 بسكيكدة، الأسبوع الأخير، أطروحة دكتوراه بعنوان "التجربة الشعرية عند احسن دواس" تحت إشراف الدكتور عثمان رواڨ، وأمام لجنة مناقشة ترأّسها الأستاذ الدكتور وليد بوعديلة، والأستاذ الدكتور علي خفيف مناقشا، والأستاذ الدكتور رشيد قريبع مناقشا، والأستاذة الدكتورة نسيمة علوي مناقشا، والدكتور عبد الرزاق بوڨطوش مناقشا.تقول الطالبة الباحثة في ملخص أطروحتها: "يقول الجاحظ: "والمعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العجمي، والعربي، والقروي، والمدني، وإنّما الشأن في إقامة الوزن، وتخيّر اللفظ، وسهولة المخرج، وكثرة الماء، وفي صحة الطبع، وجودة السبك، وإنّما صناعة الشعر صناعة وضرب من التصوير، وجنس من التصوير".
وقد وُجدت تلك الخصائص الأساسية لنظم الشعر في الخطاب الشعري عند الأستاذ الدكتور القدير احسن دواس؛ إذ كانت أعماله المنجزة المطبوعة، مدوّنة ثرية، تستحق إنجاز رسالة حولها.
وأشارت الطالبة الباحثة إلى أن الشاعر احسن دواس قدّم قصائد شعرية منذ 1998. واستمر في الكتابة إلى يومنا هذا. ولم تخنه دفقته الشعورية، بل تطورت عبر السنين، واستجابت للتحولات الشكلية والفكرية التي مرّ بها الشعر العربي؛ حيث نظم الشاعر احسن دواس شعره على أوزان شيخه الخليل في أكثر من سبع وثلاثين قصيدة، إلى جانب مشاركته في المهرجان الشعري الأول في مدينة قسنطينة سنة 2000م. وكان من بين ألمع الشعراء الجزائريين الذين شرّفوا ولاية سكيكدة. ثم انتقل الشاعر إلى نظم الشعر الحر، وواكب التحولات الفنية لبنية القصيدة المعاصرة. كما نظم قصائد موجهة للطفل مثل قصيدة "حاسوبي"، التي أُدرجت في الكتاب المدرسي للطور الابتدائي. ولايزال صوته الشعري صادحا في سماء الإبداع إلى يومنا هذا.
وقالت ماوني إن دراستها تهدف إلى إثراء مكتبة الأدب الجزائري، بالكشف عن أحد أعلامه في الشعر المعاصر، والذي يستحق دراسة أكاديمية جادة، نرصد فيها أسرار وخبايا تلك التجربة، وتتبّع أهم التحولات التي تطرأ على الخطاب الشعري عند احسن دواس.
ومن أجل تحقيق أهداف الدراسة، أشارت إلى أنها طرحت مجموعة من الإشكاليات، لعل أهمها "ما أهمية التغيّرات الفنية في التجربة الشعرية عند احسن دواس؟"، و"ما أهمية التقنيات الجمالية التي وظّفها الشاعر في دواوينه؟"، و"كيف نقيّم التجربة الشعرية عند احسن دواس؟"، و"كيف زاوج الشاعر بين الخطاب ودلالات السياق؟"، و"ما الذي أضافه الشاعر للإبداع؟"، و"هل تمكن من تأكيد وجوده وحضوره داخل النسق الثقافي العام؟".
واعتمدت الباحثة في إنجاز بحثها، كما أشارت، على المنهج البنيوي مع الانفتاح على بعض المناهج الأخرى كالسيميائية. وبغية الإحاطة بالموضوع جيدا، قسّمت بحثها إلى أربعة فصول؛ إذ يتمثل الفصل الأول في مضامين واتجاهات الشعر الجزائري وعناصره، والشعر الجزائري أثناء دخول المستعمر الفرنسي، والشعر الجزائري ومرحلة التحولات، والشعر الحرّ. أما الفصل الثاني فعنونته بالتجربة الدينية في شعر احسن دواس، وعناصره، ومفهوم التناص (لغة/اصطلاحا)، والتناص عند العرب والغرب، والتناص الديني من خلال القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، وشعر المديح الديني، في حين عنونت الفصل الثالث بالتجربة الموضوعاتية في شعر احسن دواس، بينما جاء عنوان الفصل الرابع بالتجربة الفنية في شعر احسن دواس، وعناصر المبحث الأول "ماهية اللغة الشعرية"، و"المعجم الشعري"، و"الثنائيات الضدية"، و"المغامرة الشعرية ووعي الكتابة". أما المبحث الثاني فيضم "تشكيل البنية الإيقاعية"، و"مفهوم الإيقاع الخارجي كالقافية وأنواعها"، و"حرف الروي"، و"التدوير"، و"الإيقاع الداخلي كالتصريع، والطباق، والتكرار". المبحث الثالث يضمّ تشكيل "الصورة الشعرية" من حيث مفهوم الصورة الشعرية، وأدوات الصورة، وبنياتها كالتشبيه والاستعارة، والرمز والصورة البلاغية.
ومن أهم المراجع التي غذّت بها الباحثة رسالتها، الأدب الجزائري الحديث لصاحبه عمر بن ڨينة، وتطوّر الشعر الجزائري من سنة 1945 حتى سنة 1980، للوناس شعباني، ويتم النص الجنيالوجيا الضائعة لأحمد يوسف، والشعر الجزائري الحديث اتجاهاته وخصائصه الفنية لمحمد ناصر. أما بالنسبة للدراسات السابقة فنذكر رسالة ماجستير بعنوان "البنية الأسلوبية في شعر الطفل الجزائري، مقاربة أسلوبية لديوان احسن دواس" للباحث عبد الرحمان شيباني، وأطروحة بعنوان "المعادل الموضوعي في شعر احسن دواس".
وتقول الطالبة الباحثة عند إنجازها هذا البحث اعترضتها صعوبات؛ منها صعوبة التعامل مع المصطلحات النقدية التي تتخبط في إشكالية الترجمة. وأردفت أنها بعد رحلة البحث في هذا الموضوع، توصّلت إلى جملة من النتائج، أبرزها دواوين الشاعر التي تُعدّ مرآة عاكسة لحياته؛ حيث عبّر عن مشاعره وأحاسيسه، ونلمس صدقه العاطفي، وتأثيره في المتلقي أيما تأثير. وأضافت أنّ لكل شاعر مناهل يستمدّ منها معانيه المقصودة ودلالاته الإيجابية، حسب ما يلائم تجربته الشعرية؛ إذ رأت أنّ الشاعر احسن دواس يتأرجح بين قطبين متضادين، هما اليأس والأمل، إلى جانب معالجته مواضيع مختلفة؛ ما يدل على طول نفس الشاعر، وسعة اطلاعه، إلى جانب اتخاذه من المعطيات الدينية مرجعية دلالية؛ حيث تناصت قصائده مع النصّ القرآني والحديث النبوي وقصص الأنبياء.
للإشارة، هذه الأطروحة ليست الأولى حول أعمال الشاعر احسن دواس؛ فقد نوقشت أطروحة دكتوراه أخرى بالمركز الجامعي "عبد الحفيظ بوالصوف" بميلة بعنوان "المعادل الموضوعي في شعر احسن دواس، أعدتها الطالبة ابتسام جوامع. وناقشها ثلة من الأساتذة الأفاضل برئاسة الأستاذ الدكتور عبد الملك ضيف، وعضوية الناقد الأستاذ الدكتور يوسف وغليسي، والأستاذ الدكتور محمد كعوان، والدكتورة وهيبة جراح، والدكتور موسى كراد، إلى جانب رسالة ماجستير بجامعة "جيلالي اليابس" بسيدي بلعباس، حول "البنية الأسلوبية في شعر الطفل الجزائري، مقاربة أسلوبية لديوان احسن دواس".
بوجمعة ذيب


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)