الجزائر

التاريخ تراث مشترك يحميه الجميع



التاريخ تراث مشترك يحميه الجميع
اعتبر الدكتور مصطفى بيطام مسألة حفظ الذاكرة الثورية واجبا وطنيا تشترك فيه كل الفعاليات الوطنية، بمن فيها العائلات الجزائرية التي لا تخلو منها واحدة من اسم مجاهد أو شهيد، وبالتالي تقع عليها مسؤولية المساهمة بما لديها في تجميع هذا التراث سواء بالقطع التي تملكها أو بالوثائق والشهادات باعتبار أن جيل نوفمبر سائر في طريق الزوال، كما تناول المسؤول الدور الذي يؤديه المتحف على عدة أصعدة وجبهات مما أكسبه الريادة و"الرقم واحد" على المستوى العربي من المحيط إلى الخليج.ماهي المهام المحورية التي التزم بها متحف المجاهد منذ تأسيسه ؟إن أهم وظيفة التزم بها المتحف منذ نشأته سنة 1972 هو تخليد مآثر المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر، وذلك بطرق متعددة وبكل الوسائل المتاحة لجمع كل ما له علاقة بهذا المسار النضالي والجهادي للشعب الجزائري منذ سنة 1830 وحتى 1962.لقد كان التركيز الأول على استرجاع ما أمكن من وثائق وصور وكل مكتوب أو مسجل أو تراث معنوي من شعر ملحون وغيره مما يرمز للمقاومة، إضافة إلى استرجاع الأشياء المادية من أسلحة وألبسة وغيرها من الوسائل التي استعملها المجاهدون.هناك أيضا التركيز وبشكل أساسي على تسجيل الشهادات الحية من أفواه المجاهدين الذين لازالوا على قيد الحياة، وهنا أحب أن أردد دائما "كل مجاهد هو جزء من الذاكرة وكلما رحل رحلت معه ذاكرتنا".منذ 10 سنوات هناك صحوة وإقبال كبير على تخليد هذا التاريخ بطرق عديدة منها حتى اللوحات الفنية والقصائد والأغاني الملتزمة، وللمتحف رصيد هائل من الوثائق والشهادات الحية وطموحنا هو استرجاع عدد أكبر من آثار ومآثر المقاومة.للعلم فالجزائر هي البلد الوحيد في العالم الذي كل ما تحت أرضه وفوقها شواهد تبرهن للعالم على أن هذه الأرض الجزائرية أرض ملتهبة ومقاومة بالفطرة.نحن بحاجة أيضا إلى تحسيس الشعب لأنه هو من صنع ملحمة نوفمبر والمقاومة الشعبية، لتقديم ما بحوزته للمؤسسات المتحفية أو الجهة التي أوكلت لها مهمة جمع وحفظ ونشر هذه المآثر لتكون في متناول المجتمع، ونحن اليوم نراهن على الناشئة المتمثلة في 3 أجيال ترعرعت على أرض الجزائر المستقلة ومن حقها علينا وعلى مؤسسات الدولة أن تحصنها كي لا تعبث بها تيارات العولمة ونلقنها التضحيات التي قدمها ملايين الشهداء من أجل الحرية ونحن في سباق مع الزمن خاصة أنه في حدود أكثر من 15 سنة وإذا لم نعجّل بهذه المهام فسيكون من الصعب أن يتوفر عندنا هذا الرعيل من صانعي ملحمة نوفمبر.ماهي الوسائل والفضاءات المخصصة لتحصيل هذه الذاكرة ؟بادرنا باستحداث لقاءات جماعية وفردية بشكل يومي باستوديو المتحف مفتوحة لكل مجاهد يرغب في تسجيل وقائع وذكريات وشهادات خاصة بالثورة وفي الوقت الذي يحدده هو، إضافة إلى لقاءات جماعية قارة كل يومي خميس واثنين تم افتتاحها منذ أكتوبر سنة 2015 وكل لقاء يضم مابين 15و20 مجاهدا يلتقون لمدة 3 ساعات تقريبا وننتدب لها منشطين إعلاميين أو مؤرخين وأساتذة محاورين لإدارة اللقاء وقد سجلنا العشرات منها.طموحنا يبقى الوصول إلى كل مناطق الوطن شبرا بشبر وإلى كل الجامعات لنشر هذا الوعي المتمثل في ضرورة تسجيل تاريخنا الوطني ونحن في ذلك في سباق مع الزمن، وأشير إلى أن المسؤولية ليست على عاتق وزارة المجاهدين والمنظمة الوطنية للمجاهدين رغم أنها في المقدمة، لكن أيضا على مختلف القطاعات أن تساهم بدورها كذلك بالنسبة لعموم الشعب على اعتبار أن 98 بالمائة من هذا الشعب شارك في الثورة وكل عائلة جزائرية لها شهيد أو مقاوم في معركة التحرير فلماذا لا تساهم في تخليد هذه الثورة والمقاومة؟ طبعا هذه المهمة ليست حكرا على المتحف ولا يكفي أن يقوم بها بمفرده فهناك البوادي والقرى والمعاقل وعلينا جميعا استدراج من يملكون من الذاكرة أينما وجدوا ليقدموا ما عندهم من شهادات ووسائل مادية توارثوها جيلا عن جيل فبعضهم أحيانا غير متحمس للتنازل عنها على اعتبار الوفاء لميراث العائلة لكن في الحقيقة هذا إرث للشعب الجزائري، خاصة وأن القانون الجزائري أقر أن كل ما لديه علاقة بالمقاومة والثورة هو ملك للدولة بما في ذلك الأشياء الموجودة خارج الوطن ؟ والأكيد أنه بالتوعية والتحسيس سيقتنع الجميع أن المتاحف هي المكان المخصص لجمع وحفظ وترميم وصيانة والتعريف بهذه الوسائل المادية المتوارثة. القصد من وراء كل ذلك هو إثراء ذاكرتنا وتقديم هذه المادة للمؤرخين حتى يتجاوزوا الفراغ بفضل الوثيقة والشهادة والوسيلة.توجد بالمتحف عدة مجسمات ومشاهد تبرز وقائع تاريخية هامة من ذلك مثلا مشهد لمجسم محرقة الظهرة بمستغانم الذي راح ضحيته مئات الجزائريين من أطفال ونساء بأمتعتهم ومواشيهم،هناك أيضا مشهد مجازر 8 ماي 1945 وفضاء خاص بالأطفال بعنوان "اختبر معلوماتك" من خلال برامج معروضة على الشاشة.استحدث المتحف أيضا فضاء "موعد مع التاريخ" بالتعاون مع مؤسسة التلفزة الوطنية وينظم عبر مدارس وثانويات ومراكز التكوين المنتشرة عبر الوطن وتبث نصف ساعة منه في حصة "صباحيات" كل يوم سبت ولقي استحسان الجمهور، وكل يوم أربعاء يتم عرض فيلم تاريخي وفتح نقاش حوله.يستقبل المتحف الوفود الأجنبية فكيف يكون انطباعها ؟ما من رئيس دولة أجنبي يزور بلادنا إلا ويعرج على المتحف ليكتشف تاريخ هذه الأرض وشعبها العريق، وكذلك الحال بالنسبة للوفود التي تنبهر بما تكتشفه عندنا.ماذا عن تجربة النشر ؟يعتبر متحف المجاهد المتحف العربي الوحيد من المحيط إلى الخليج الذي يعمل لساعات متقدمة من اليوم ومفتوح بالمجان للناشئة خاصة من تلاميذ المدارس. لكي يتم تعزيز حضور الذاكرة قام المتحف بإصدار وطبع 90 قصة تتناول رموز الثورة وشهدائها وذلك بمعدل 100 ألف نسخة لكل عنوان ولحد الآن تم نشر 9 ملايين نسخة و500 عنوان وتم توزيعها على 24 ألف مؤسسة تربوية موزعة عبر التراب الوطني أشرفت عليها لجنة علمية مختصة في الشؤون التربوية وتم أيضا صب معظم هذا الإنتاج على شبكة الإنترنت ليستفيد منها الجميع والعشرات الأخرى من العناوين هي في طور الإنجاز وبالتالي فإن الجزائر هي البلد العربي الوحيد في الإنتاج القصصي والذي يعتبر مهمة صعبة.يخضع المتحف لعملية ترميم فكيف تسير الأشغال ؟يخضع المتحف لعملية إعادة تجهيز الأرضية وكذا التبريد وذلك بعد تعليمة أصدرها الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، وبإشراف وزير المجاهدين، السيد طيب زيتوني، ويتم أيضا ترميم سطح المتحف تجنبا لتسرب المياه وكذا تجديد شبكة أجهزة التهوية.النداء الذي توجهونه للقراء؟نوجه نداء لكل عائلات الشهداء لتقديم ما لديها من وثائق للمتحف كي يحفظها للأجيال وهي أحسن هدية لأرواحهم الزكية فالأجيال تغيب والتاريخ يبقى وبدورنا سنواصل الجهد بما في ذلك إحياء ذكرى الشهداء للأطفال لنصل إلى مليون ونصف مليون شهيد ولم لا.؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)