الجزائر

الباحث الفرنسي فريدريك مارتل لـ''الخبر'' راديكالية جورج بوش جعلت قناة الجزيرة مقربة من الإسلاميين


قال الباحث الفرنسي فريدريك مارتل، إن قناة الجزيرة تعبر عن ثقافة ماين ستريم التي يعني بها الثقافة التي تعجب الجماهير. وأوضح مارتل، مؤلف كتاب ماين ستريم ، والذي تابع صحفيي الجزيرة عبر اثني عشرة بلدا، في حوار مع الخبر أن قناة الجزيرة تعبر عن الروح العربية الإسلامية مثلما تعبر قناة سي آن آن عن البروتستانتية الأمريكية.
من منطلق اعتبار ثقافة ماين ستريم كالثقافة التي تعجب الجماهير، ورد في كتابكم أن قناة الجزيرة ، تندرج ضمن هذه الثقافة، لماذا؟
 لأنها قناة تلعب دورا سياسيا وترفيهيا في نفس الوقت. منذ أن تأسست سنة 1996 تكفلت بمهمة تمكين دولة قطر من لعب دور ديبلوماسي على المستوى الدولي. وبالفعل تريد القناة أن تقدم تصورا للعالم. كانت في بداياتها الأولى بمثابة مرآة تعكس قيم وتصور أمير دولة قطر حمد بن خليفة، وهي عبارة عن مزيج من الانفتاح الاقتصادي مع لمسة لائكية وحداثية، وكانت آنذاك تتجنب المواقف الراديكالية.
أنشئت القناة لبناء صناعة إعلامية قوية لمخاطبة الجماهير العربية، والدفاع عن قيم الإسلام، بالتالي السعي لمواجهة السيطرة العربية. ووضعت قناة الجزيرة ضمن ثقافة الماين ستريم ، أي الثقافة التي تعجب الجماهير، من منطلق أن العولمة لم تقض على الخصوصيات المحلية مثلما كنا نظن في السابق. هناك انتشار واضح للثقافة الأمريكية عبر العالم، لكن في المقابل هناك ثقافة محلية تظهر في الموسيقى والأدب والإعلام، حيث احتفظ البعد الوطني بمكانته. باختصار أعتقد بأن ثقافة العولمة ليست هي الثقافة الوحيدة اليوم، بل هناك ثقافات وطنية، وقناة الجزيرة تعمل وفق هذا التصور، إنها تعبر عن الخصوصية العربية والإسلامية. وبفضل هذه القناة ندرك جيدا أن الثقافة المحلية قادرة على التعايش مع ثقافات العالم المختلفة.
متى أصبحت الجزيرة بمثابة ماين ستريم ؟
 حققت القناة سنة 1998 نجاحا إعلاميا كبيرا، لما بثت صورا عن التدخل العسكري الأمريكي في العراق، فتعاظم اهتمام الجماهير العربية بهذه القناة، وسارت شيئا فشيا نحو ثقافة ماين ستريم بخصوصياتها العربية والإسلامية. ومنذ هذا التاريخ حدث تغيير على مستوى خطها الافتتاحي، بحيث أصبحت تعتمد على التحاليل المتوازنة، والمزج بين الميل الافتتاحي والترفيهي.
لكن خطها الافتتاحي تغير كثيرا عقب أحداث سبتمبر 2001، لماذا؟
 فعلا، مع حدوث تفجيرات 11 سبتمبر 2001، أصبحت القناة تعبر عن خط راديكالي. فاعتبرها الرئيس جورج بوش الابن بمثابة محور الشر. والحقيقة أن راديكالية القناة جاءت كانعكاس لراديكالية الرئيس بوش، الذي أظهر عداء كبيرا للديانة الإسلامية. ومع تحولها إلى الراديكالية تراجعت الميول الحداثية للقناة قليلا، تاركة المجال لميول إسلامية ترفض المد الأمريكي، فتم تعيين الصحفي الفلسطيني وضاح خنفر كمدير جديد، وهو صاحب نظرة معادية للأمريكيين. وأصبحت القناة خاضعة لهذا التصور، فأبدت مواقف موالية لحزب الله في لبنان، ولحركة حماس بدل حركة فتح في فلسطين. أصبحت قناة تعبر عن تطلعات الشارع العربي. وإذا كانت قناة سي آن آن الأمريكية تعبر عن الروح البروتستانتية الأمريكية، فلماذا لا يسمح للجزيرة للتعبير عن الروح الإسلامية؟ .
الجزيرة عبارة عن قناة عربية وإسلامية، تعبر عن التعددية الموجودة في العالم العربي. ففيها الإسلامي المقرب من حركة حماس، وفيها التوجه القومي المقرب من أطروحات الجامعة العربية، وفيها الدروز اللبنانيين، والبريطانيين الذين اعتنقوا الإسلام، والسعوديين الوهابيين. والغريب أن القطريين غير موجودين فيها. وهي تختلف عن قناة سي آن آن الأمريكية التي لا تعبر عن التعددية الموجودة في المجتمع الأمريكي.
كيف ينظر للقناة الجزيرة في الغرب؟
 ينظر إلى الجزيرة في الغرب على أساس أنها قناة إسلاموية، وكانت لي نظرة مختلفة تماما. وكنت من الأوائل الذين كسروا هذه الصورة النمطية. فقد عشت مع طاقم تحريرها لفترة طويلة، وأعرف جيدا أن محمد كريشان صاحب مواقف حداثية، ومعه يختفي التصور الإسلاماوي الذي يلصقه البعض بالقناة. كما أن التصور الذي تقدمه القناة للإسلام ليس تصورا متشددا، فالشيخ القرضاوي يحاول أن يوفق بين الشريعة والحياة، وهو صاحب فتاوى تمزج بين روح الإسلام وروح العصر، وهذا ما يعجب الجماهير العربية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)