الجزائر

الاندماجيون الجدد؟!


علّق صديقي الصحفي، أحمد حلي، على صفحتي بالفايس بوك حول مقالي المعنون "من فكر أن التاريخ يكتبه المنتصرون"، وجاء في تعليقه ما يلي:
"مع الأسف صديقتي، إن المنتصرين الذين تشتكين من صمتهم ليس لديهم وقت إلا للحكايات الفارغة، إني أعيش في باريس وأعاني من ثقل ما يروى عن هذه الحرب، حتى الهنود الحمر في أمريكا يعاملون معاملة أفضل منا، رغم أنهم خسروا الحرب ضد المستعمر (...) لننتظر رأي المحاربين الأحياء، ليقول لنا أنه أعد برنامجا ثريا، لننتظر إشارة انطلاق الاحتفالات، في الوقت الذي يقوم فيه الآخرون بالكتابة وإخراج الأفلام وتسميم العالم بالحقائق التي تخدمهم".
نعم صديقي، رحم الله زمن الحزب الواحد، على الأقل كنا نحضر وقتها ملتقيات كتابة التاريخ، كانت ربما تروي ربع الحقيقة، وتسند أدوار البطولة إلى غير الأبطال، لكنها على رداءتها كانت تبعث فينا النخوة وتشحذ الهمم وتجعلنا نتفاخر ببطولات رجال قلما أنجبت النساء مثلهم.
أما اليوم فإننا نحضر عصر الاندماجيين الجدد، ففي كل مرة تطلع علينا جهة تعلن عن مشاركة جهات فرنسية الاحتفالات بخمسينية الاستقلال .. محاضرون من هنا، ومحاضرون من هناك، ليقولوا إن لدينا ماض مشترك وتاريخ مشترك مع فرنسا، محاولين بغباء أو عن جهل تقريب ضفتي المتوسط، وخلق صداقة لم ولن تكون موجودة بين شعبينا، على الأقل عندما يتعلق الأمر بحديث الذاكرة وفتح خزائن الألم والجراح.
نعم، ليس لدينا لا تاريخ مشترك ولا ماض ولا حاضر أيضا، لديهم مظالمهم وجبروتهم وأيديهم الملطخة بدماء المجازر، ومكاسبهم المحققة بسرقة ثروات الشعوب التي نهبوها، ولدينا مآسينا وجراحنا التي لم تندمل، وهويتنا الممزقة، وذاكرتنا الجريحة، وأجسادنا المشوهة وتاريخنا الخاص بنا، بمحطاته المضيئة والمظلمة.. لديهم أكاذيبهم التي يروونها للعالم وادعاءاتهم أن بلدهم بلد الحرية وأن الاستعمار قدّم خدمات إنسانية وغيرها من الأقاويل المخجلة، ولدينا حقائقنا التي لم تلق أصواتا شجاعة للتصريح بها، ولدينا حقوقنا المنهوبة، والمظالم التي لم تقو على افتكاك اعتراف بها، لم تجد من يجبر بلدهم المتجبر على الاعتراف والاعتذار لينام شهداؤنا هانئين في قبورهم ونعطي الأحياء جرعة اعتزاز في هذا الزمن الرديء..
نعم يا صديقي، هم يروون للعالم حقائقهم المسمومة ونحن هنا نردد كرجع الصدى ما يقولونه، ونصفق مبتهجين لأننا اعتقدنا في غوغاء أصواتهم، أننا صرنا أصدقاء، نعم نحن أصدقاء لفرنسا، بل نحن عشاقها، ومغرمون بحبها، فكم من ضحية عشقت جلادها، فأين لنا بفرويد ليحررنا من هذه العبودية الأبدية، ويحل عقدنا التي عقدت اسم فرنسا كل ذرة من أجسادنا، نحن الاندماجيون الجدد...

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)