الجزائر

"الإفراج عن المعتقلين سيؤدي إلى تهدئة الشارع"


يرى رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، نور الدين بن اسعد، في حواره مع "الخبر"، أن السلطة لا تملك رؤية سياسية واضحة المعالم للخروج من الأزمة الحالية، الأمر الذي يؤجل التوصل إلى الحلول. مفيدا بأن معالجة الأوضاع السياسية بإجراءات أمنية من شأنها أن تولد 22 فيفري ثانيا، داعيا إلى اتخاذ جملة من الإجراءات من أجل تهدئة الشارع وتحقيق الإصلاح الذي ينتظره الجزائريون.هل لمستم نية من السلطة في تحسين الوضع الحقوقي بعد تولي تبون الرئاسة؟
لحد الآن لم نلمس هذه النية. من غير الممكن أنه في خضم الحراك الشعبي، حيث يطالب المتظاهرون بالتأسيس لدولة القانون، واكتساب المزيد من الحريات، واستقلالية القضاء وحرية الإعلام، في هذا الوقت تقع اعتقالات ومتابعات وتضييق وغيرها.
هذا النظام إذا لم يتعمق في الأسباب التي أنتجت انتفاضة 22 فيفري 2019، سيتم انتهاج نفس الأسلوب وستتكرر نفس الممارسات، ولن يتغير شيء.
السلطة تقوم بتأجيل الحلول السياسية فقط. وتدفع نحو 22 فيفري آخر.
وعليه لا بد أن تكون هناك إرادة سياسية، وترفق باتخاذ جملة من الإجراءات والقرارات التي يمكن أن تؤدي إلى تهدئة الشارع، مثل الإفراج عن جميع معتقلي الحراك الشعبي الذين تم توقيفهم بسبب التظاهر أو التعبير عن رأيهم، وفتح المجال الإعلامي والتأسيس لدولة القانون، وفي نهاية المطاف الجزائريون ليسوا ضد الانتخابات، ولكنهم ينادون بانتخابات حرة ونزيهة من خلال توفر عدد من الشروط الإجرائية والتنظيمية.
كشف متابعون لقضية معتقلي الحراك عن تناقض في التعامل مع المساجين، بعد الإفراج عن جزءٍ دون آخر. هل لديكم نفس القراءة؟
أظن أنه لا توجد رؤية سياسية وقراءة جيدة وصحيحة للأوضاع والحالة السياسية، ولا توجد إرادة سياسية للخروج من الأزمة. وقبل الحديث عن هذا التناقض، لا بد من الإشارة إلى تناقض آخر، من خلال التساؤل عن أسباب وضع المعتقلين في السجون؟ فالحريات معترف بها دستوريا، والجزائر صادقت على الاتفاقيات الدولية حول احترام الحقوق السياسية، ومع هذا يتم اعتقال الشباب بسبب الإدلاء بآرائهم أو بسبب التظاهر!
عندما ننادي باستقلالية القضاء، فالهدف الأساسي هو حماية الحريات، وتوازن السلطة، ليتم فصل السلطة التنفيذية عن التشريعية وعن القضائية. فإذا وقعت تجاوزات قانونية، فإن السلطة القضائية هي التي تسترجع الحقوق. إذا أردنا حقيقة تحقيق دولة القانون وجب احترام الحريات الأساسية من أجل الذهاب نحو جزائر أفضل.
بعض معتقلي الحراك المفرجِ عنهم تحدثوا عن سوء معاملة داخل السجون. هل وصلتكم أنباء عن ذلك؟
التجاوزات داخل السجون قضية قديمة. لا تقتصر فقط على معتقلي الحراك الشعبي. فالأمر أوسع. لا يمكن التحدث عن دولة القانون واحترام الحريات إذا لم تتم معالجة وضع السجون، ووفقا للمعايير الدولية من خلال اتفاقيات صادقت عليها الجزائر. ومن بين ذلك أن السجين يجب أن توفر له مساحة ما بين 11 و12 مترا مربعا، لكن في الجزائر تقدر تلك المساحة بما لا يزيد عن ال1.5 إلى 2 متر مربع، وهو فارق شاسع بالرغم من بناء العديد من السجون الجديدة. علينا أن نعلم أن حقوق السجين لا تقف عن باب السجن، ولكن هناك ما يسمى احترام كرامة الإنسان، التي تقتضي احترام هذه المقاييس، وباقي الشروط الأخرى من توفير الرعاية الصحية وغيرها. وعليه لا بد من إصلاحات عميقة والتي يمس بعضها السجون.
كرابطة جزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، توجهنا عدة مرات سابقا بطلبات إلى وزير العدل لزيارة السجون والمساجين، ولكننا لم نتلق أي رد، رغم أن قانون السجون يسمح لجمعيات المجتمع المدني بزيارة المساجين للاطلاع على وضعيتهم، وتكون هناك نظرة خارجية عن المشرفين عن السجون بداخلها. وبالنسبة لمعتقلي الحراك الشعبي، فهم يعانون نفس الوضع.
شددت مصالح الأمن في الجمعة 47 من الحراك الشعبي الإجراءات الأمنية والتنظيمية. هل ترون أن الجزائريين في طريقهم إلى فقدان حق التظاهر الذي استرجعوه منذ 22 فيفري 2019 ؟
عندما نرى الجموع من المتظاهرين الذين يخرجون في جميع الولايات، نتأكد أن هذا الحق لن يضيع بسهولة، خاصة أنه حق دستوري، بل ومن الحقوق الأساسية، وهو يجسد الحق في التعبير، كون المنع من هذا الحق وغلق مساحات التعبير يؤدي إلى الانزلاقات وإلى العنف. وأعود هنا لحديثي حول غياب القراءة السياسية السلمية للسلطة. فبدل معالجة المظاهرات وتلبية المطالب والتوصل إلى حلول للأزمة التي تتراكم منذ استقلال الجزائر سنة 1962، فإنها تلجأ إلى الحلول الأمنية، وهو ما أعتبر أنه قراءة خاطئة. لا بد من حلول سياسية، ولا نعرف طريقة أخرى غير طريقة الإجماع في المجتمع للوصول إلى الحلول، وهي بسيطة وممكنة وغير مستحيلة، شرط أن تتوفر الإرادة السياسية.
من بين الحقوق التي يشتكي عمال ونقابيون حرمانهم منها هو تأسيس نقابات وجمعيات مستقلة. ما هو أثر هكذا تعامل مع العمل النقابي؟
أعتقد أن السلطة مطالبة بأن تغير "برمجياتها" أي ذهنيتها. بعد دستور 1989 كانت هناك نافذة تمكن من العمل النقابي والجمعوي المستقل، فبمجرد أن يودع طلب الترخيص بتأسيس نقابة أو جمعية جديدة على مستوى المصالح المعنية، يمنح المعني وصلا يمكنه من النشاط حتى في حال لم يتم الرد على الطلب. لكن هذا المكسب ضاع خلال مراجعة قانون الجمعيات من طرف بوتفليقة، رغم تأكيد هذا الأخير أنه سيشرف على إصلاحات سياسية والتوجه نحو جزائر جديدة.
أما بالنسبة لآثار هذا الإجراء، فإن العمل الجمعوي، النقابي والسياسي، هو الأداة الأولى للتعبير السلمي والقانوني، وعند منعه يصبح الشارع هو المساحة الوحيدة للتظاهر والتعبير. وعليه لا بد من فتح المجال أمام الجمعيات والنقابات والأحزاب بطريقة مستقلة وحرة وطبقا للقانون.
شرع الرئيس عبد المجيد تبون في مشاورات من خلال لقاءات مع شخصيات وربما هيئات. هل استدعت الرئاسة الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، وفي حال تم ذلك هل تقبلون الدعوة؟
لم أسمع بأي إعلان رسمي لحوار أو مشاورات لها رؤية وأهداف واضحة. وفي حال تمت دعوتنا سندرسها على مستوى المكتب التنفيذي للرابطة، ولكن نرى أن أي مشاورات يستحسن أن تسبقها إجراءات تهدئة. ونحن لدينا الكثير من الاقتراحات وسبق لنا أن طرحنا الكثير منها، حول العديد من القضايا ومن بينها كيفية التأسيس لدولة ديمقراطية حقيقية، ودولة تحترم الحريات والحقوق الدستورية.
ما رأيكم في لجنة الخبراء التي أعدت لتعديل الدستور؟
هي لجنة مشكلة من خبراء، لهم وزنهم، ويمتلكون كفاءة وإمكانيات، ولهم بحوث محترمة. ولكن كنا نفضل أن يكون ذلك في إطار مفاوضات مع المجتمع والحراك الشعبي، وتنظيم ندوة وطنية تنبثق عنها هذه اللجنة، حيث لا بد من تدارس نظام الحكم الذي يقع عليه التوافق، فيما إذا كان رئاسيا، أو شبه رئاسي، أو برلمانيا، وتدارس كيفية الذهاب إلى دولة القانون وفصل السلطات، واتخاذ الحلول التي تحدث الإجماع، لأن الحلول لا تكون إلا بالإجماع.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)