الجزائر

"الأوضاع الحالية غيّرت طعم رمضان الشامي وسلبت الناس أمانهم" المنشد السوري محمد بدر الدين النابلسي:



قال المنشد السوري محمد بدر الدين النابلسي، أن لرمضان لذة خاصة في سوريا، وللإنشاد نكهة مميزة على مستوى مختلف مناطقها ومحافظاتها، إذ تعمد وزارة الأوقاف إلى دعوة جميع الفرق السورية للإنشاد في بعض بيوت الله، وخاصة مسجد «بني أمية» الذي يحتضن هذه الطقوس الإنشادية في أوقات ما قبل الإفطار إلى وقت السحور.ذكر المتحدث أن جل السوريين يتبادلون دعوات الإفطار، لإقامة «مولد» فرحة بقدوم هذا الشهر العظيم، وطلبا من جهة أخرى لأجر إفطار الصائمين، وجمعهم لذكر الله والصلاة على رسوله الكريم، لتتميز ليلة السابع والعشرين من الشهر الفضيل بخصوصية كبيرة عند أهل الشام على غرار جميع المسلمين، ويتم إحياؤها في جميع المساجد دون استثناء، حيث تلقى الدروس والأذكار وتتخللها بعض الفقرات الإنشادية لتختتم بصلاة الفجر.
وأضاف النابلسي بأن أقدم عاصمة في التاريخ تتزين مرتين في السنة، الأولى احتفاء بقدوم شهر الرحمة، والثانية استقبالا للمولد، وخاصة أسواقها القديمة، حيث يتم توزيع حلوى «الملبس»، وإشعال المصابيح، وتعليق اللافتات المهنئة بقدوم الشهر، وتتوحد أجواء الاحتفال في مختلف أنحاء سوريا «لا تقتصر المباركة بين السنيّين فقط، بل تضم السوريين من جميع الطوائف، فحتى المسيحيون يشاركوننا فرحتنا ويمتنعون عن الأكل والشرب أمامنا في أماكن العمل احتراما وتجسيدا لقيم التسامح والمحبة والتعاون وصلة الرحم التي تظهر من خلال كثرة العزائم».
وتشتهر المائدة الرمضانية السورية، بأطباق أشهرها «الفول» و»التسقية» وهي عبارة عن خليط من الخبز والحمص واللبن، وإذا ما أضيف إليها زيت الزيتون سميت «الفقسة»، والمشروبات على غرار «التمر الهندي» و»العرقسوس»، إلى جانب «الشاكرية» و»الكبة اللبنية»، و»الناعم» التي تعتبر أهم الأكلات التي تذكر السوريين برمضان، فشكلها ومقاسها يشبه رغيف الخبز المقلي، إلى جانب حلويات «المدلوقة» و»النابلسية» و»النمورة» أي رقائق العجين المحشوة بالقشطة العربية. ويتذكر المتحدث أيامه الرمضانية في سوريا ويقارنها بما يعيشه في السعودية حاليا، حيث يقول: «الكل في الحي يأكلون نفس الأكل تقريبا، حيث تتبادل العائلات فيما بينها ما يتم طبخه، ما يزيد أطباق المائدة تنوعا، صدقيني لا يوجد بلد في العالم تضاهي أجواء رمضان فيه ما تعرفه الشام مع احترامي للجميع»، ويضيف: «بين السعودية وسوريا فرق كبير جدا من حيث العادات والتقاليد، فالسحور الشامي يعتمد على الجبن واللبن والأكل الخفيف، أما السعودي فيركز على الأرز واللحم سواء في الفطور أو السحور، ولا يشعر المرء بالشهر الفضيل إلا خلال صلاة التراويح التي تتميز بلذة خاصة في الحرمين الشريفين، أما سوريا فتعيش الأجواء الرمضانية في كل وقت من اليوم، إلى جانب أجواء الألفة التي تنقص مظاهرها كثيرا على مستوى السعودية».
وتأسف المنشد محمد بدر الدين، الذي يفضل نعته بخادم العمامة المحمدية الدمشقي العمري. للحال التي آلت إليها بلده حيث قال: «الأوضاع الحالية قد غيّرت طعم رمضان وأجواءه، حيث صار الاحتفاء والفرح أمرا نادر الحصول، نسأل الله أن يعيد لم شمل السوريين، ويشيع المحبة بينهم خلال شهر التسامح والمحبة والغفران، ويعيد إليها الأمن والأمان»...
وحول تهافت الشركات على إنتاج المسلسلات والبرامج الترفيهية والمسلية خلال شهر العبادة، قال محدثنا: «تعوّد الناس على المسلسلات وخاصة الشامية في رمضان، وذلك لأجوائها الرائعة التي جذبت جميع الدول العربية، إلى جانب المسلسلات التاريخية، وأعتقد أن ما عداها من أعمال لا تمت إلى ما يدعو إليه هذا الشهر الفضيل من إقبال على الله، وجب إعادة النظر في توقيتها، فرمضان أيام للعبادة والمغفرة وليس شهرا للمسلسلات».
للإشارة، يعتبر المنشد محمد بدر الدين النابلسي، أحد الأعضاء البارزين في الفرقة العائلية للإنشاد «أنوار مكة»، التي أنشأها والده منذ أكثر من 20 عاما في سوريا، تضم ثمانية أعضاء اكتمل عددهم منذ 12 عاما، حيث يقول عنه «لا يعتبر والدي الشيخ محمد بسام النابلسي منشدا فقط، بل شيخ الطريقة القادرية والرفاعية والبدوية والدسوقية، وله تلاميذه في كثير من البلدان فهو مؤسس الزاوية في بيتنا منذ عام 1989 إلى يومنا هذا أي الزاوية النابلسية، والإنشاد هو حب وإبداع والغاية منه إشعار الناس بالراحة لذكر الله».
ويقول أن رصيد الفرقة مزيج بين الأناشيد الجديدة، وما يعود إلى بعض المشايخ، على غرار الشيخ عبد الغني النابلسي، الإمام محمد مهدي بهاء الدين الرواس، وحتى من أشعار الصحابة مثل حسان ابن ثابت، وأكثر الأناشيد حسب النابلسي تلتزم بإرث من المقامات والألحان الصوفية يأخذ منه جميع المنشدين في الشام لسهولة دخوله إلى القلب، وجمعه بين المناجاة وتعليم الآداب الشرعية والتغنّي بحب الرسول (صلى الله عليه وسلم).


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)