الجزائر

الأنثَى التي تحمل حبرا 




الأنثَى التي تحمل حبرا 

الكاتبة، تلك الأنثى التي تلاعب الحرف، وتطوعه لتنسج ألف كلمة وكلمة، لتخرق جدار الصمت المطبق، حول قضايا شائكة تتناولها من عدة زوايا كفرد يعيش في مجتمعه ويعايش كل مظاهره، والإشكاليات المطروحة فيه وككاتبة تحس بثقل الواجب المفروض عليها بنقل حساسيات وتفاعلات المجتمع بسلبياته وايجابياته.فالكاتبة، خلال خرقها لجدار الصمت.. تواجه صعوبات جمة وعراقيل عديدة، بعضها يشبه ما يتعرض له شقيقها الكاتب، وبعضها الآخر تختص به كأنثى تحمل قلما به حبرا يختلف لونه ، في مجتمع ينظر إلى الأنثى كجسد يثير الغرائز، أو كعقل ناقص يحتاج لوصاية حتى يكتمل نقصه.الكاتبة في رحلتها لاكتشاف ذاتها وتعرية الواقع، تواجه نظرة المجتمع إليها وتُلفت إليها الأنظار خصوصا إذا كانت أفكارها المبثوثة عبر نصوصها تعتبر متحررة للبعض، والحديث عن علاقة المرأة بالممارسة الإبداعية، هو حديث بالضرورة عن ذلك الإكراه التي تواجهها المرأة لتفرض نفسها باعتبارها فاعلة ومنتجة للإبداع، بعيدا عن كل الضغوطات التي يمارسها عليها المجتمع، وإذا كانت المبدعة مؤمنة بشاعرية قلمها بقوة تغنيها عن أراء من حولها.. ولا تسمح لأي كان أن يقف حجر عثرة في مسيرتها الإبداعية، حينها، لا يمكن أن نضمن ما قد يحصل ، فقد تدفع ضريبة إصرارها على الكتابة ، عندما تكتبُ عن الحب فيُقال أنّها ناقصة عاطِفة وحنان و عن الحرية فيُقال أنها سجينة أهل، أو قيد قد فرض على اللّسان وعن الزواج فيُقال أنّها عانس ترتجي إعجاب رجل يأتيها فوقَ بُراق الأمان و عن السياسة فيقال أنها دخلت معمعة ليست بالقادرة عليها وبأنّ عاطِفتها ستُخسر الحكم والميزان..عن الدين فتُذكر بأنّها ناقصة عقل ودين. وبأنّ صوتها عورة، وجِنسها لعنة وبأنّها حبذا لو تصمتُ، كي لا تحصد سخط طاقم السفِينة والرّبان.و هناك من تؤمن بأنه على النساء الكاتبات ألا يعشقن حالة الضحية حد تقمصها،فليكتبن بشكل جميل، ووفق قناعاتهن وسيتكفل التاريخ بغربلة الجيد وفي المقابل، القارئ الذي تنقصه أدوات قراءة النص، يعتبر أن الكاتبة تكتب سيرتها الذاتية مرارا وتكرارا، وهو ما ينفي قدرتها على الإبداع الذي لا ينحصر طبعا في الكتابة عما نعرفه وما اختبرناه.وللمرأة الحق في البوح وفي التعبير عن مكنوناتها، ولكن عليها أن تتحاشى الانعتاق السافر في التعبير والطلاقة المتحررة من كل قيد في البوح. عليها أن تتأدب في بوحها، أن تستنكر الوقاحة في ما يستبيح تجاوز الحدود وهدم القيم والصراخ بأعلى صوت ، بكل بساطة ، عليها رسم المشاعر والأفعال وأن تصوغها بحروف حية جميلة، لكن بكل ما فيه حياء وجمال لروحها من قوة.والأدب هو الشيء الوحيد الذي يجب أن يربط الكاتب بالقارئ، بغض الطرف عن الجانب الفيزيولوجي لمن يقف وراء هذا الأدب، أو بصيغة أخف لا يجب أن يكون هذا الجانب الفيزيولوجي موجها للأدب أو دعامته الوحيدة وليس من الهين الحديث عن تقييم ما لطريقة تلقي الأدب الذي تكتبه المرأة في الجزائر او الوطن العربي ، لأن تلقي الأدب عموما ضعيف سواء أكانت تكتبه امرأة أم رجل. الرجل العربي غالبا ما يبحث عن المرأة في كتاباتها، لذلك يستطيب في غالبيته الأشياء الحميمية التي تكتبها المرأة، ربما لهذا السبب فطنت أحلام مستغانمي إلى طريقة خاصة في الرفع من قيمة قرائها حين وضعت على كتابها نسيان كوم عبارة ممنوع على الرجال ، تتصيد القارئ الذي تغريه كلمة ممنوع و حين تذهب الكاتبة نفسها مثل هذا المذهب فهي تساهم في جعل علاقة القارئ بما تكتبه المرأة علاقة سيئة.كما يلاحظ أن ردود أفعال القراء تختلف حسب جنس الكاتب فالمتلقي يقرأ للكاتبة بعين أخرى، وبنظره فالسبب يرجع للطرفين معا، الكاتبة والقارئ. فالملاحظ أن جل الكاتبات تكتب بصفتها امرأة، ولا تريد نزع هذا الجلباب لتعبر عن أفكارها دون ربطها بأنوثتها بينما في الأدب الغربي المرأة تكتب بقلم دون جنس وكذلك القارئ المشبع بثقافة مجتمع ذكوري، ينظر إلى المرأة الأنثى بصفتها مخلوقا آخر ، لذا على جل الكاتبات التحرر من هذه العقدة، فهن غالبا يكتبن من منطلق أنثوي لذا هن يتحملن نصف المسؤولية.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)