الجزائر

الأسبوع الثقافي ل"أناب" بمركز "مصطفى كاتب"



الأسبوع الثقافي ل
افتتحت المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار، أمس، بالمركز الثقافي "مصطفى كاتب" أسبوعها الثقافي والأدبي الذي تستمر فعالياته إلى غاية 13 فيفري الجاري، وتعتبر المبادرة مساهمة توقّعها مديرية النشر لمدّ الجسور بين القرّاء والكتاب.اليوم الأوّل من الفعالية خصّص لمذكرات المجاهدة زهرة ظريف الصادر حديثا، وقدّمت فيه قراءة لجانب من تاريخ الثورة التي كانت من صنّاعه، وذلك بعيدا عن أيّة حسابات شخصية ضيّقة من شأنها أن تعكّر بعض ملامح ثورتنا المجيدة.في البداية شكرت المجاهدة المنظمين وعلى رأسهم السيدة سميرة قبلي، مديرة النشر بالمؤسسة، على المبادرة متمنية أن تكون تقليدا مستمرا في المشهد الجزائري، لتؤكّد أنّ أهم دافع جعلها تبادر إلى كتابة مذكراتها وتسجيل ما عاشته أثناء الثورة هو خوفها على ذاكرتنا الوطنية التي يتهدّدها النسيان يوما بعد يوم، الأمر الذي يهدّد هويتنا ومصيرنا كأمة وشعب.تقول السيدة ظريف "عشت منذ استقلال الجزائر وسط الشعب بكلّ شرائحه من خلال عملي كمحامية ومن خلال علاقاتي الاجتماعية وبالتالي أعرف كلّ مشاكل شعبي واهتماماته، والمهم أنّني احتككت بالشباب وجرحني ما سمعت منهم من تسفيف لتراث ثورتنا وعدم تقدير تضحيات أبناء جيلي وتساءلت كيف لنا أن نهان ونحن ما نزال على قيد الحياة، حينها أدركت أنّ حرب التحرير لم تنل حظها من التقدير والتوثيق والعرفان ولم يكشف عن ثقلها التاريخي باعتبارها من أعظم ثورات الإنسانية".اعترفت السيدة ظريف خلال هذا اللقاء أنّ جيل الثورة لم ينقل الصورة الحقيقية عن جزائر الاستعمار لأبنائه ولم يذكر أنّ الجزائريين كانوا أميين بنسبة 95 بالمائة وكان الفقر والبؤس والظلم المشهد السائد، وبالتالي لم تستوعب أجيال الشباب المشهد وحجم التضحيات التي اعتبرت ضربا من الخرافة ليس إلاّ، بالمقابل أصبحت فرنسا عند الكثيرين بلاد الحضارة التي تركت عندما غادرت الفراغ والتخلّف وهذا حسبها هو أخطر أنواع الاستعمار لأنّه تهديد لمستقبل شعبنا على اعتبار أنّ الأمة مهدّدة عندما يفقد شبابها الوعي التاريخي.أشارت المتحدثة إلى أنّها استهدفت بهذه المذكرات الأجيال الصاعدة لتعريفها بما جرى من خلال الحكي والتعبير الخالص عن الشعور بعيدا عن أيّ تأريخ مباشر، لتقول "رويت ما رأيت وما سمعت خاصة في حي القصبة حيث عشت وسط العائلات ووسط شعبنا البسيط محاولة أن تكون الصورة حية بعيدا عن السرد الجامد مع الحرص على البعد الإنساني لبعض -الإخوة والخواتات- الذين عرفتهم".تحدّثت السيدة ظريف في لقاء أمس عن اللحظات الأليمة التي عاشتها في سجن سركاجي وانتظار الموت كل صباح بعد أن يقتاد المساجين إلى المقصلة وهم يمضون على وثائق تثبت خروجهم من السجن، ناهيك عن القصّر الذين أعدموا بوحشية، منهم باية حسان وجوهرة عكرون. وعن منازل القصبة التي حوّلت إلى مراكز تعذيب وعن استهداف فرنسا لنخبة الثورة والمثقفين، وهنا ذكرت بأنّ فرنسا أدركت قيمة هذه المقاومة التي تبنّاها شعب أعزل عرف كيف يصبر ويهزم أعتى قوّة استعمارية لذلك استعملت الحرب النفسية لإحباطها لترجع السيدة ظريف إلى الأكذوبة الفرنسية حتى في الكتب التربوية التي تمدح فيها انتصار شعبها أمام النازية بينما الحقيقة التاريخية تقول عكس ذلك.عن الحرب البسيكولوجية لفرنسا الاستعمارية أشارت المتحدثة إلى أنّها جدّ متطورة تابعة للمصالح الخاصة وكانت لها انعكاساتها السلبية على الثورة التحريرية منها مثلا تعذيب المناضلين حتى الموت كأن تقتلع جلد أرجلهم بالكماشة ثم تطلق سراحهم بالقصبة وهم يرتدون "الشونغاي" لتوحي بأنّ مسؤولي الثورة خونة باعوها من أجل الخلاص من التعذيب. كذلك الحال بالنسبة للوثائق المزوّرة التي طالت مناضلين كثر منهم المتحدثة التي اتّهمت بمراسلة الشهيدة حسيبة فاكتشف نتيجة ذلك أمرها، علما أنّ هذه الرسائل سبق وأن نشرها محمد حربي سنة 2004 ونشرتها هي في كتابها الصادر مؤخرا والتي خرجت من أرشيف الجيش الفرنسي رغم أنّ القانون لا يسمح بخروجها إلا ّبعد 50 سنة من الحصول عليها لكن بعد تدخّل شخصيات فرنسية نافذة وبشروط معيّنة تمّ ذلك.وتذكر المتحدثة أنّ المؤرخة الجزائرية مليكة القورصو أكّدت لها أنّ الرسالتين مسربتان من الأرشيف وبالذات من علبة "الفعل البسيكولوجي" ليتّضح أنّ الأمر كلّه مشبوه، وتؤكّد ظريف أنّها لم تكتب الرسالة لأنّها في هذه الفترة كان قد أطلق سراحها وبالتالي لم تكن بحاجة لمراسلة حسيبة التي كانت تقيم في المنزل المجاور لها وكان بإمكانها الحديث وبالعربية وليس بلسان فرنسي مكتوب مع حسيبة وعلي لابوانت وعمر ومحمود.للإشارة، نشّط اللقاء الأستاذ محمد عباس الذي ثمّن البعد الإنساني لهذه المذكرات وكذا عرض نضال الرفقاء والتعريف بأزقة القصبة ومخابئها والتعريف أيضا بالعائلات الثورية على غرار عائلة بوحيرد وعائلة حفاف، إضافة للحديث عن حصار القصبة والتجمعات النسوية فوق السطوح لدعم الثورة والوقوف عند بعض التفاصيل كزيارات الأقارب في عز الحرب.العبارة التي التقطها محمد عباس والتي يراها ثقيلة هي "أنّ ماسو حوّل الجزائر إلى العاصمة العالمية للتعذيب"، ونفس التقدير أبداه الأستاذ خوجة الذي اعتبر الكتاب معلما تاريخيا ومادة مهمة للباحثين.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)