الجزائر

الأدب النسائي بين المصطلح و الواقع



إبداع المرأة ... من الأمور التي تطرح العديد من التساؤلات في المرحلة
الراهنة، خاصة أن الظرف التاريخي يؤكد حضور المرأة بشكل ملحوظ و ملح في حركة المجتمع. والسؤال المطروح هل هناك أدب نسائي يختلف عن أدب الرجال، وما هي مواصفات والسمات التي تميزه.
قد لا يستهوي تعبير الأدب النسائي المرأة المبدعة ولعلها ترفضه، لكنه يعبر عن مشاعرها بكل ما تختلجه من عوامل الإحباط و التطلع والأمل والمشاركة للآخر والرفض له أيضا. الأدب هو إبداع إنساني سواء كان المبدع ذكرا أو أنثى. ولكن قضية الإختلاف موجودة. فعندالعودة إلى ما تكتبه المرأة نجد الخصوصية تكمن في التكوين الفكري لا في الشكل الفني.
وهذا يتطلب منا أن لا نتوقف على شكل الكتابة فقط بل نستوعب نتاج المرأة بعمق حتى نقف على معاناتها.
فالمبدع فنيا لا علاقة له بالذكورة أو الأنوثة والسؤال الذي يتعلق بالشك في مقدرة المرأة مردود، لأن المرأة ليست ناقصة إبداع بدليل العدد الكبير من اللواتي أبدعن في كل مجلات الحياة ومنها السياسة و الفن و الأدب و الثقافة ليس على مستوى الوطن العربي فقط إنما على المستوى العالمي لذلك لاضير في المقولة (الأدب النسوي) لأن الأدب وقع إنساني أما الإختلاف يتعلق بالمضمون الفكري لكل جنس.
لماذا سمي بالأدب النسوي و ليس الأدب الأنثوي أو أدب المرأة مثلا ؟ إن معاجم اللّغة تشير إلى عدد من التسميات ، يمكننا القول ( امرأة) أما الجمع فيكون نساء، نسوة ، نسوان. إذًا النساء أو النسوي هي قيمة فكرية وكثير من النقاد لا يصلون إلى هذا المدلول الذي يعطي قيمة ومكانة للمرأة.
التسميات الحديثة التي إلتصقت بكتابات الأديبات العربيات (أدب المرأة، أدب نسوي..؟) لم تكن أكثر من صفات أطلقت على أعمالهن لمحاولة إظهارها و الدلالة على وجود أديبات عربيات و أدب تكتبه وتبدع به مثقفات ومتعلمات وكاتبات من الوطن العربي لا أكثر ..؟
لذلك لا يصح اعتماد تلك الصفات للدلالة على أدب مميز وخاص بعينه لأنها تفرغه من مضمونه وتجرد المرأة الكاتبة الخلاقة من حقوق تداولها للشأن العام أي غيرالنسوي خاصة إذا ما وضعت في حالة الند و المنافسة مع الرجل في مواضيع نسوية بحتة قد يكون الرجل فيها أكثر إبداعا و قربا في تصويره للحقيقة منها ..؟
قد يقترب الذكر في وصف حالة ما من مشاعر الأنثى لدرجة أكثر جرأة و صدقا مما يمكن أن تفعله هي و لأسباب تتعلق في الحفاظ على الحد الأدنى من أسرارها. وفي المقابل قد تقترب هي في طرحها وتناولها لموضوع اجتماعي أو سياسي أو عاطفي من عقل وخيال وحقيقة الذكر أكثر منه وذلك لأسباب تتعلق إلى إحجام هذا الأخير عن الإفصاح عنها لأسباب تكمن بقيد العادات و سيف العرف والخوف من ربط الحدث بكاتبه. ؟
وقد لا يصيب التوفيق أياّ منهما في الوصول إلى تمثيل و وصف مشاعر الطرف الآخر بحيث يقف كل منهما مذهولا أمام الحقيقة إذا ما ميط اللّثام عنها .؟، ويقترب كل منهما من صفات الآخر..
ان مصطلح الأدب النسائي تقيده فكرتان أساسيتان، الأولى تتمثل في الفئوية حيث يعمد إلى جيم دور الكاتبات العربيات وإبعادهن عن أخذ الدور والمكانة الطبيعيين اللذان يستحقنهما باعتباره أدبا خاصا فئويا يراعي نموذجا واحدا وهو النظرة الأنثوية و طريقة معالجتها للأشياء، والثانية تتمثل في الرعاية السلطوية الشكلية وهي ناتجة من دعم السلطات الرسمية في الوطن العربي وفسح المجال واسعا أمام أعمالهن و كتابتهن من أجل أن تكتسب السلطات المصداقية أمام العالم حول إعطاء المرأة حقوقها و اندماجها بالحركة الاجتماعية وإظهار احترام حقوق الإنسان ..؟
مع إطلالة القرن الحادي والعشرين أصبح الاعتراف بوجود أدب نسائي بدا لامناص منه رغم اعتراض كثير من الكاتبات على هذا التصنيف، باعتبار أن الإبداع رؤية إنسانية لا علاقة لها بالمذكر والمؤنث، مع نشوء مدارس نقدية تميل إلى هذا التصنيف في الإبداع رجالي ونسائي.
إن الأدب النسائي يقدم رؤية خاصة لأدب الجنس اللطيف التي تتمرد على الذات في صورة تمردها على المجتمع، لترسم في ارتحالاتها صورة لأدب جمعي يحمل سمات شريحة من المجتمع الأنثوي، الذي يعلن أن المسافة بين الصخب اليومي والكتابة الإبداعية الأنثوية، كتلك المسافة التي بين الحلم حين يكون أسطورة الفرد، والأسطورة حين تكون حلما للجماعة ... لكنها كشفت النقاب عن أدب جمعي يرسم خارطة للعلاقة بين أدب الرقة والنعومة، ومجتمع يتجسد فيه الانفصال بين الفكر والشعور.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)