الجزائر

الأخبار بالفيديو



الأخبار بالفيديو
حاولت الجماعات الإرهابية التي نفذت الاعتداء الذي تعرضت له مدينة باتنة زوال أمس، تحريك الجمود الملحوظ في وتيرة نشاطاتها خلال المرحلة الأخيرة، حيث غابت ما كانت تعرف ب"العمليات النوعية" ضد أهداف عسكرية أوأمنية وحتى مدنية التي كانت تركز الأضواء على هذه المجموعات والخطر الذي تمثله على أمن الوطن وسلامة المواطنين. لكن هذه المحاولة الإجرامية الجديدة كان مصيرها الفشل الذريع بعد تفطن الأجهزة الأمنية وتدخلها الفعال الذي أجهض اعتداء كان ليزهق أرواح الأبرياء، أويلحق خسائر بالممتلكات العامة والخاصة.لكن رغم هذا النجاح في إفشال المخطط الإرهابي، تبقى الكثير من الأسئلة التي تتعلق بزمان ومكان الحادث لفهم النوايا الإرهابية ومخططاتها، والإستراتيجيات التي تلجأ إليها، فالتحليل الزمني للاعتداء يحيلنا حتما إلى الهدوء الكبير الذي شهدته مختلف أنحاء الوطن خلال الشهور الماضية، وبصورة خاصة خلال شهر رمضان الذي عادة ما يكون موعدا للهجمات الاستعراضية، على خلاف هذه السنة التي كانت موعدا للضربات المعاكسة التي وجهتها السلطات الأمنية لهذه التنظيمات، حيث نحجت في القضاء على العديد من عناصرها، ومصادرة كميات معتبرة من الأسلحة المهربة من دول مجاورة والموجهة إليها، زادت من حالة الاضطراب والتململ داخل هذه المجاميع الإجرامية، خاصة أنها ضيقت عليها الخناق الذي بدا منذ مطلع السنة الجارية، حيث فقد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وهوالفصيل الإرهابي القيادي الناشط في بلادنا ومناطق أخرى في شمال إفريقيا، معاقله في الصحراء الكبرى إثر الهجوم الفرنسي على شمال مالي، والتأهب الكبير للجيش الوطني الشعبي، الذي استعد لهجمات انتقامية، خصوصا مع الاعتداء الذي تعرضت له منشأة الغاز في تيڤنتورين بعين أمناس الذي شكل درسا قاسيا، وتجربة مريرة بذلك الجزائر مجهودا أمنيا كبيرا لتفادي تكراره مرة أخرى.
ويبدو أن هذا هو الوضع الذي شكل تحديا لقيادة الجماعات المسلحة في المنطقة، التي أعلنت عن حملة حاولت من خلالها استعادة الأضواء التي خفتت من حولها، فأطلقت جملة من التصريحات والبيانات التي هدفت من خلالها العودة للتداول والاهتمام، ويبدوأن هجوم باتنة أمس يدخل ضمن هذا التوجه وإن أخذ هذه المرة طابعا عمليا.
أما من حيث الدلالة المكانية للحادث، فإن هذا يظهر من خلال كون مدينة باتنة هي أكبر مدينة جزائرية الأكثر قربا من الحدود الجزائرية التونسية، التي كانت ومنذ شهور أهم مصادر المخاوف الأمنية المحدقة في بلادنا، حيث تتحصن جماعات مسلحة في منطقة جبل الشعانبي والتي بدأت علاقتها بما يعرف بتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" تتوضح باستمرار، الذي من المرجح أن يحاول فك الخناق عن الجماعات المرتبطة به على الجانب التونسي من الحدود، بعد أن كثف الجيش التونسي عملياته، مع تنسيق مشدد مع الجيش الجزائري الذي استنفر قواته على الطرف الآخر من الحدود لصد كل محاولات تسلسل العناصر الإرهابية، وكميات الأسلحة التي يسعون لتهريبها في مختلف الاتجاهات لتغذية نشاطاتها الإجرامية. والهجوم الإرهابي الذي هز هدوء مدينة باتنة التي لم تشهد منذ سنوات العشرية السوداء أي أحداث أمنية كبيرة، يدخل ضمن سلسة المحاولات الفاشلة للجماعات الإرهابية في استغلال التراب الوطني من أجل جر الجزائر نحو الانزلاق في المشاكل الأمنية التي تشهدها دول الجوار، وبالأخص تونس وليبيا اللتين يحاول تنظيم القاعدة جعلهما أهم قواعده التي يرتكز عليهما في المنطقة المغاربية بعد فشل مشاريعه في بلادنا جراء التضييق الكبير الذي مارسته ضدهم العمليات النوعية لقوات الجيش والأمن الوطنيين.
وفي المحصلة النهائية للحادث يمكن القول إن مفعولها ارتد عكسيا على التنظيم الذي وقف خلفه، حيث فشل مرة أخرى في تسويق صورة الفصيل القوي الذي يمكنه أن ينفذ الهجمات النوعية، والتي تعطي لتهديداته الصدى الواسع الذي يهدف الى تحقيقه، بالإضافة إلى زيادة الرفض والإدانة التي يشارك كل الجزائريين فيها ضد قوى الموت والظلام.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)