الجزائر

اغتنام الأشهر الحرم بالإكثار من الأعمال الصالحة



أيها القراء الكرام، اعلموا رحمكم الله أن لله تعالى في أيام دهركم لَنَفَحات (أي هدايا وهِبَات) وفُرَصاً فتعرضوا لها، واغتنموها لعلّ نفحة الخير تصيبكم، ومن تلك النفحات الإكثار من الأعمال الصالحات في الأشهر الحرم...*
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ الصِّيام بعدَ رَمضانَ: شهرُ الله المُحَرَّم، وأفْضَلُ الصَّلاةِ بعدَ الْفَرِيضَةِ: صلاةُ الليل" رواه مسلم. ومن ذلك أن شهر ذي الحجة، قد أقسم الله بالعشر منه، فقال تعالى: وَالْفَجْرِ.وَلَيَالٍ عَشْرٍ.وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ"، والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، كما قال ابن عباس، وابن الزبير رضي الله عنهما ومجاهد، وغير واحد من السلف والخلف، رحمهم الله تعالى، فهي أيام خير وبركة وثواب وهي أيام ذكر وطاعة وبرّ وإحسان، وهي أيام مواسم عظيمة، يشترك في خيرها المسافرُ قاصداً البيت الحرام، والمقيم في بلده على الطاعات، وإن العمل الصالح فيها أفضل عند الله من كثير من العبادات، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله؟ قَالَ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْء" رواه البخاري وأحمد واللفظ له..
*
فأكرم بها من بشارة، وأربح بها من تجارة، فالعمل العمل، والاجتهاد الاجتهاد، في اغتنام هذه الأيام المباركات التي يشتغل فيها ضيوف الرحمن، بأنواع من المناسك والعبادات والقربات، فعلينا الإكثار من ذكر الله الذي تطمئن بذكره القلوب، والمحافظة على الصالحات من إقام الصلوات، وصلة الأرحام، وإعانة الفقراء والمساكين والمحتاجين.
*
ومما يتقرب به المسلم صيام تسعة أيام من ذي الحجة، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصومها. رواه أبو داود والنسائي، وكان عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، يصومها، كما حثّ على صومها الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وقتادة، وكثير من العلماء، رحمهم الله تعالى. كما يتأكد صوم يوم عرفة لغير الحاج الواقف بعرفة لأنه يوم مغفرة للذنوب، وهو يوم العتق من النار، ومباهاة الله للملائكة بأهل عرفة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ يَوْمٍ أكْثَرَ مِنْ أن يَعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْداً مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ" رواه مسلم. وسُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة؟ فقال: "يكفّر السنة الماضية والباقية" رواه مسلم. ومما يتقرب به المسلم في هذه الأيام العشر، تكبير الله تعالى من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، وهو اليوم الثالث بعد عيد الأضحى بعد العصر، كما يتقرب المسلم بالأضحية لله تعالى إذا كان موسِراً قادِراً، كما يستحب للمسلم صيام تاسوعاء وعاشوراء، وهما اليوم التاسع والعاشر من شهر المحرم، فقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنَّ صِيَامَ عَاشُورَاء يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضِيَةَ من حديث مسلم، ويصوم المسلم قبله تاسوعاء مخالفة لليهود.
*
وهكذا يغتنم المسلم الأوقات الفاضلة بالإكثار من الحسنات والطاعات، ويحرص على الإفادة من عمره القصير، فقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "أعمار أمتي مابين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك" رواه الترمذي وغيره، وهو في صحيح الجامع. ومن رحمة الله بهذه الأمة الإسلامية، أن عوضها عن قصر الأعمار بالأجور الكثيرة من الأعمال القليلة بسبب الأزمنة الفاضلة كيوم عرفة، ويوم الجمعة، ورمضان، خاصة العشر الأواخر منه، وليلة القدر، وغيرها، والأمكنة الفاضلة كمكة المكرمة، والمدينة النبوية، والمسجد الأقصى، خاصة الصلاة فيها، ومسجد قُباء، وغيرها مما وَرَدَ في فضلها من الأدلة الصحيحة. فالحمد لله على نعمة الإسلام وعلى نعمة السُّنُّة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)