الجزائر

"استمرار الانقسام الفلسطيني أكبر طعنة للقضية"



دعا وكيل الأزهر الشريف، الدكتور عباس شومان، جميع الفصائل الفلسطينية للتوحد وإنهاء الانقسام، مؤكدا بأن استمرار الانقسام الفلسطيني أكبر طعنة للقضية الفلسطينية، وحذّر من خطورة ما وصلت إليه القضية الفلسطينية، وشدد على أهمية التصدي لها بكل الوسائل الممكنة لنصرة القدس على مختلف المستويات والأصعدة. ولفت شومان في حوار مع "الخبر"، على هامش فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، إلى أن الأزهر لا يرفض فكرة تجديد الخطاب الديني، وأن هذه المسألة مستقرة ولا نقاش فيها. وكشف بأن المسلمين هم الفئة الأكثر تضررا من الإرهاب مقارنة والديانات الأخرى. وتحدّث وكيل الأزهر التخوف من المدّ الشيعي وقال بأنه حقيقي ومؤكد، محذّرا من خطورة أن تنتقل المسألة إلى عداء سياسي وأهداف سياسية، وقال بأن هذا أكبر إضعاف للأمة الإسلامية وأنه إذا حدث هذا فهم أخطر علينا من أعدائنا.
عقد الأزهر الشريف مؤخرا مؤتمرا عالميا لنصرة القدس الشريف، شارك فيه العديد من القادة والشخصيات الإسلامية وغير الإسلامية، وخرج المؤتمر بجملة من التوصيات، أين وصلت وهل تم البدء في تنفيذها؟

الأزهر لا يصدر توصيات أو عبارات إنشائية، ربما المتابع عن قرب يلمس أن التوصيات التي صيغت، ظلت لجنة الصياغة تعمل عليها حتى قبيل إلقاء شيخ الأزهر لها، نحن لا نعدّ توصيات مسبقة تعلن في نهاية المؤتمر، وإنما توصيات تعلن من فعاليات المؤتمر، ولذلك حتى من يتابع بعد تقديم شيخ الأزهر لإلقاء التوصيات تم تأخير الوقت قليلا، لأن اللجنة لم تكن قد انتهت من إعداد التوصيات، بمعنى أن التوصيات التي يصدرها الأزهر توصيات مقصودة، وما يخص الأزهر يكون قد بدأ تنفيذ هذه التوصيات على الأرض، بدليل أنه إذا تفقدت المعرض من خلال مجمع البحوث الإسلامية، ستجدين المعروضات والكتب المخصصة للبيع عليها صورة الأقصى بداخلها بكل المطبوعات الأزهر والأقصى، الجامع الأزهر يحتضن المسجد الأقصى في صور متداخلة داخل الغلاف، وهناك ندوات مخصصة لقضية القدس، وهناك أشعار وأعمال فنية أيضا مخصصة للقدس، هذا داخل الجناح المخصص للأزهر الشريف، فهناك تركيز كبير على قضية القدس وفلسطين بصفة عامة، فضلا عن بقية الإجراءات، ومنها ما أعلن في المؤتمر من إعداد مقرر دراسي مستقل يدرس عن القدس وفلسطين هذا تم إعداده بالفعل وسيكون بأيدي الطلاب إن شاء الله ربما في الفصل الدراسي الذي سيبدأ خلال أيام أو في بداية العام الدراسي المقبل كأقصى تقدير، فكل التوصيات التي أعلنها الأزهر فيما يخص القدس بدأ في تنفيذها أو أنه يعدّ الآن لتنفيذها، هناك توصيات لا تخص الأزهر وإنما تحتاج إلى عمل عربي وإسلامي وتركيز على هذه القضية، والأزهر سيواصل التنسيق والمتابعة مع الجهات التي تخص هذه التوصيات لتنفيذها على الأرض وإلا تكون هذه التوصيات بلا فائدة.

وما هي الإجراءات المطلوبة في اعتقادكم لوقف آلة الكيان الصهيوني التي تسعى لطمس الهوية الإسلامية عن القدس الشريف؟

إحساسنا بخطورة القضية وما وصلت إليه، وإصرارنا على التصدي لها بكل الوسائل الممكنة وعدم التركيز على وسيلة واحدة، أيضا كما أعلنا في المؤتمر من الناحية السياسية والشعبية والتضامنية، كل إنسان يستطيع أن يفعل شيئا لنصرة القدس على مختلف المستويات والأصعدة، المهم أن تبقى القضية حية في الأذهان والقلوب، أقل شيء أن يبقى الإنسان منكر بقلبه ما يحدث للقدس وهذا أضعف الإيمان، لكن الساسة يمكنهم أن يفعلوا الكثير لهذه القضية.

وما الذي تنتظرونه من الساسة؟

نحن لسنا ضعاف بالمناسبة، نحن نستضعف أنفسنا، فإذا استطاع الساسة أن يترفعوا عن الخلافات الموجودة بين دولنا، استطاعوا أن يكونوا قوة كبيرة جدا تستطيع حين تقول كلمة أن تنتبه لها أكبر القوى الموجودة، لكن مشكلتنا في ننا متشرذمون متفرقون، بيننا خلافات واهية بين دولنا ومسؤولينا بين مؤسساتنا في الدولة الواحدة، وهذا يضعف الموقف الجماعي بشكل كبير جدا، مما يطمع الآخرين في أننا لم نفعل شيئا إذا تضامنا واستعدنا وحدتنا، كنا قوة لا يستطيع أحد أن يفكر في إغضابها. الفلسطينيون أنفسهم عليهم عامل كبير جدا في حالة الإنقسام التي هم فيها هي أكبر طعنة للقضية الفلسطينية، وإذا سألت يقولون مع من نتحدث، فعليهم أن يوحّدوا صفوفهم وأن يترفّعوا عن خلافاتهم، لأن قضيتهم واحدة وهي قضيتنا، فإذا لم يهتم الفلسطينيون بها ويتوحدوا على مطلب واحد فيها، بالتالي ستضعف همة العرب والمسلمين تجاههم ويمكن أن نستخدم عوامل اقتصادية مهمة جدا ونملك وسائل ضغط اقتصادية كبيرة ترغم الآخرين على أن يسمعوا لنا وأن يحدوا من تصرفاتهم واعتداءاتهم تجاه القدس وغيره، يمكن أن نستخدم ذلك على مختلف المستويات، هناك وسائل كثيرة جدا ليست بالضرورة هي قاصرة على الحرب أو حتى على المفاوضات، لكن هناك إجراءات كبيرة جدا علينا كعرب أن نعمل على كافة المستويات، المفاوضات والسلام وتقوية صفوفنا وقوتنا استعدادا للأعمال العسكرية إن أدت الأمور إلى ذلك، أن نستخدم الأسلحة الاقتصادية والفكرية وكل الوسائل الممكنة، لكن في النهاية الهدف الوحيد والذي لا يمكن التنازل عنه هو استرداد القدس عربية إسلامية مسيحية متاحة لكافة الديانات.

لكن البعض يلقي باللوم على القادة العرب المنهمكين والمنشغلين بقضاياهم الداخلية، بينما أصبحت قضية القدس في ذيل قائمة اهتماماتهم بدافع تخوفهم من الصدام والمواجهة مع القوى الكبرى، كيف ترون ذلك؟

إذا استسلمنا لمشاكلنا الداخلية وهي أقل بكثير أهمية وربما هذا مراد لنا وسوّق لنا ليشغلنا بمشاكل داخلية حتى ننشغل عن قضيتنا الأساسية، يجب أن نكون أكبر من هذا وإلا ننخدع وننساق لهذه المشاكل الداخلية التي أوقعونا فيها، وأن نترفع عن التفاهات والثغائر التي بيننا، وأن نتوحّد من أجل قضيتنا المصيرية، ثم بعد ذلك يمكن أن نعود لدراسة مشاكلنا الداخلية، يعني العرب والمسلمين منذ قرون طويلة يعانون من مشاكل داخلية، ومع ذلك استطاعوا تحقيق انتصارات كبرى لقضاياهم تجاه العامل الخارجي الآن استغرقنا وغرقنا في هذه المشاكل الداخلية وربما تمر شهور لا تذكر فلسطين في وسيلة إعلامية أو القدس وهذه مشكلة، يجب أن تكون هذه المشكلة قائمة يوميا، ويجب أن يتبناها كل إنسان، سواء أكان في مجال فكري أو فني أو إعلامي أو حتى الرجل العادي يقصها في نهاية اليوم لأولاده قبل الذهاب إلى النوم، وأن يقول لهم بأنه لدينا مشكلة بصفتها كذا وكذا وأنها قضية مصيرية وأننا نسعى لاسترداد القدس وفلسطين، وأننا إذا لم نفعل، فعليكم أنتم أن تجعلوا هذه القضية في أذهانكم هذا قليل ما نفعله، ولذلك ربما يختلط في أذهان النشء الصغير إذا سألتهم عن إسرائيل وفلسطين من معنا ومن علينا، ربما يخطئون وهذا خطؤنا نحن إذا أوصلناهم إلى هذا الحد، فقد قصّرنا معهم تقصيرا كبيرا هم من سيستردّون القدس فكيف لا يعرفون هذه القضية.

وما هو المطلوب من المجتمع الإسلامي لمواجهة ما يقوم به الكيان الصهيوني والولايات المتحدة؟

أيا كان ما تقوم به أمريكا أو إسرائيل أو أية دولة، علينا أن نثق في قدراتنا وإسلامنا، علينا أن نؤمن بقضيتنا وأن نؤمن إيمانا حقيقيا بأننا إذا أخلصنا، فإن الله عزوجل سينصرنا، ولكن بعد أن نتخذ الأسباب، وهذا واجب وليس خيار أن تعمل الدول الإسلامية كافة على جمع الكلمة وحل مشكلتها والخلافات التي بينها، بالتأكيد سيبقى الخلاف موجودا، لكن إذا كانت لدينا قضية مع عدو، يجب أن نتوحّد عليها حتى نحلها، ثم بعد ذلك نناقش مشكلتنا التي بيننا. فالأمة الإسلامية كلها عليها أن تقوي صفوفها وصلاتها بالمكون الآخر الموجود داخل الدول الإسلامية، وهو المكون المسيحي فهو مهم جدا ووجوده معنا له مواقف جيدة في هذه القضية، هم معنا فعلينا أن نعمل معهم وأن نكون صفا واحدا إذا فعلنا ذلك، تخيّلي عدد المليارات الذي سيكون لها كلمة واحدة تجاه القدس وهؤلاء لا يستطيع أن يقف في وجههم أحد.

وصفتم المسيحي بأنه مكون مهم، في المقابل هناك تخوف سني من المد الشيعي والتدخلات الايرانية في المنطقة، ما قولكم؟

التخوف من المد الشيعي حقيقي، وبكل تأكيد، هناك حقائق وله شواهد كثيرة وكثير من الأمور التي تدور في عالمنا الإسلامي من صراعات إيران ليست بعيدة عنها للأسف الشديد، ونحن نقول الشيعة مذهب من المذاهب العقائدية يمكن أن يقبل نحن نقول نتعايش مع المسيحيين المختلفين معنا في الدين، الشيعة اذا تخلت عن نهجها السياسي ومطامعها لا مشكلة في ان نعمل معهم وهم قوة اسلامية لا يستهان بها، لكن المشكلة اذا كان توجههم توجها سياسيا فهؤلاء إضعاف لقوة المسلمين، اذا استطعنا ان نتخلص من هذه العقدة وألا يطمع الشيعة في االسنة ولا تطمع الشيعة في السنة ويبقى السنّة سنّة والشيعة شيعة، فلا توجد اي مشكلة، لكن المشكلة حين تنتقل المسألة الى عداء سياسي وأهداف سياسية هذا اكبر إضعاف للامة الاسلامية اذا حدث هذا فهم اخطر علينا من أعدائنا.

لكن هناك من يرمي بالمسؤولية على الأزهر لمواجهة الإرهاب، ما تعليقكم؟

يكفي بجولة بسيطة في جناح الأزهر بالمعرض، وهو ملخص بسيط لما يقوم به، وأي إنسان يمر يكذّب هذه القضية، فالكتب المعروضة كلها تتصدى للإرهاب والتطرف، هذه هي كتب الأزهر الشريف، وهناك عشرات الكتب الموجودة وعشرات المؤتمرات عقدها الأزهر الشريف، والمناهج التي يتهمونها بريئة تماما، كله تضليل وخداع عن السبب الحقيقي الذي جعل الناس يخافون التحدث عنه وإعلانه، هو أن هذا الإرهاب إنما هو مخططات صهيوينة وأمريكية لإضعاف المنطقة وتشرذمها وتفرقها، نترك هذا ونتحدث عن أمور وقشور لا علاقة لها بقضية الإرهاب والتطرف أصلا.

في نفس الوقت نلاحظ أن الجماعات الإرهابية قد غيّرت بوصلتها، فبعدما كانت تستهدف المسيحيين وكنائسهم وتصفهم ب"الكفرة"، أصبحت أيضا تستهدف المصلين، كما حدث في مسجد الروضى بسيناء، ما قراءتكم؟

هذا دليل على أن الإرهاب يستهدف المسيحيين والمسلمين والمصلين والجنود ورجال الجيش ويستهدف كل مكونات المجتمع، ولذلك لا يمكن أن يكون إرهابا إسلاميا، المسلمون هم أكثر من يتضرر من العمليات الإرهابية والإجرامية، ولو أجريت إحصائيات لعدد من أضروا بهذه العمليات الإرهابية ستكون نتائجها صادمة جدا حين يعلم أن معظم أو عدد من أضروا منها من المسلمين أضعاف من أضروا منها من الديانات الأخرى.

ومع ذلك تصر الدول الأوروبية على توجيه الاتهامات إلى المسلمين وتصفهم ب"الإرهابيين"، كيف ذلك؟

هذا نحن من ساهم فيه ونفعل هذا إذا تأخروا هم، نحن نعلن أن من قام بتلك العملية الإرهابية هم مسملون والإعلام ساهم في ذلك، فأصبح الآن التهمة الجاهزة إذا كان هناك أي عمل إرهابي في العالم، فإن المسلم من قام به، وفي النهاية قد لا يكون عملا إرهابيا أصلا، نحن في النهاية من تسبّب في هذا، إذا كنا لم نكشف الحقائق ونتحدث بأن هذا كيف بمجرد حصول تفجير يعلن على أن التفجير الإرهابي من مسلمين وفي غالب هذه التفجيرات لا يعلن من نفّذها أصلا.

ويتحدث الغرب أيضا عن الأقلية المسيحية المستهدفة، حسبهم، في الدول العربية، ويغضون البصر عن المسلمين في بلدانهم وما يحدث في بورما من قمع وتقتيل، ما ردكم؟

أولا نحن لا نعترف بمصطلح الأقليات، عقدنا مؤتمرا لهذا وقلنا يجب استبداله بمصلطح المواطنة الكاملة. فالمسلم كالمسيحي سواء وكلهم مواطنون لهم حقوق المواطنة، المسيحيون في الدول الإسلامية يعيشون أفضل ألف مرة من المسلمين في كثير من الدول من أصول عربية أو إسلامية، وطوال الوقت أصابع الإتهام موجهة إليهم وينظر إليهم نظرة العداء وعيشتهم هامشية ويضيّق عليهم أشد التضييق، وأعتقد أنك تستطيعين الوقوف على هذا بمعرفة الكثيرين ممن يقيمون في بلاد الغرب، فهذا كذب والواقع يكذّبه، لكن نحن من يدعمه بسكوتنا عنه ورضانا بأن نتهم بأننا نضيّق على المسيحيين ولا نتحدث عن مضايقاتهم للمسلمين في بلادهم.

وما رأيكم في مطالبة البعض بتجديد الخطاب الديني، بينما يتمسك البعض الآخر بضرورة المجيء بخطاب جديد؟

تجديد الخطاب الديني هذه مسألة مستقرة وليست محل نقاش، لكن ما هو التجديد ومن يقوم بالتجديد وفيما يكون التجديد وما هي وسائله، هذه هي قضية التجديد، ليس إلغاء القديم برمّته ليس اتباعا للعقل مطلقا ليس في الاتجاه الآخر بمنعه تماما، كل هذه مناهج خائطة إذا أردت أن تعرفي التجديد وطرقه ووسائله، فلديك العشرات من الكتب المطروحة في زاوية مجمع البحوث الإسلامية، عشرات العناوين في التجديد فكيف يقال إن الأزهر يرفض التجديد وهو من أوجد هذه الكتب وتحدّث عن كل ما يتعلق بتجديد الخطاب الديني.

كلمة أخيرة توجهها للقارئ في الجزائر..

نحن نرحّب بكم في بلدكم وفي جناح الأزهر الشريف في معرض القاهرة الدولي للكتاب ونحمّل "الخبر" الأمانة لإبلاغ تحياتنا وتقديرنا للجزائر بكل من فيها شعبا وحكومة وقيادة، الجزائر في قلب كل مصري وكل عربي، بلد المليون ونصف المليون شهيد، بلد البطولة والتضحيات والثورات، هي حصن حصين في الغرب نركن إليه ونعرف بأنها هي قائمة عليه، نتمنى لها كل التوفيق والتقدير ومرحبا بكل أبناء الجزائر هنا، ويسعدنا أن نكون هناك بينهم إن شاء الله.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)