الجزائر

استغلال الشهادة الشفوية في كتابة تاريخ ثورة نوفمبر 1954



يدور محور هذه المداخلة حول الشهادة الشفوية وإمكانية استغلالها كمصدر في كتابة تاريخ ثورة أول نوفمبر 1954 شأنها شأن المصادر المخطوطة والمطبوعة. المؤرخون يحصرون البحث عن المصادر التاريخية في الوثيقة المكتوبة، وبالنص، لأن الوثيقة المكتوبة تحفظ الحدث وتسمح بالمقارنة بين أقوال الشهود، وذهب البعض منهم إلى القول أن كتابة التاريخ تتوقف على الوثائق، كالمحرك الانفجاري الذي يعمل بالوقود(1) أي أن الوثيقة هي التي تمنح العمل التاريخي حركة وحيوية، والكل يجمع أن التاريخ يصنع من الوثائق(2) (L’histoire se fait avec des documents) وهذا في حالة وجودها، لكن في غياب الوثائق والآثار المادية وانعدام وجودها ماذا يفعل المؤرخ؟ أمام تعذر وصعوبة الوصول إلى الوثائق المكتوبة كما هوا لحال مع الثورة التحريرية الجزائرية، لم يبق من وسيلة سوى الأخذ بالشهادة الشفوية والنهل منها، وفي مثل هذه الظروف يصبح التعامل مع الشهادة الشفوية أكثر من ضرورة للذين يتصدون لكتابة تاريخ الثورة أو المشتغلين بتدريسه للطلاب في المعاهد والمدارس. وعلى هذا الأساس يضحى البحث في ثورة أول نوفمبر 1954 مسألة دقيقة تضع المهتمين والدارسين أمام امتحان عسير لا يمكنهم معه إدعاء الإلمام الشامل بموضوعها، بحكم أن الوثائق غير متوفرة، وحتى إن توفرت فحساسية مواضيع بعضها أوجلها تزيد هي الأخرى في تعقيد مهمة الباحث، وبالتالي فإن الكتابة التاريخية عن الثورة التحريرية الجزائرية لا يمكن أن تكون وافية وموضوعية، وعليه، إما أن يكتب تاريخ الثورة الجزائرية ويحكم عليه مسبقا بأنه ناقص من حيث القيمة العلمية، وإما ألا يكتب أصلا حتى تتوفر الوثائق اللازمة، وهذا الأمر الأخير لا نتبناه ولا نحبذه.

تنزيل الملف


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)