الجزائر

استرجاع قيمة العمل أولا...



لم يستطع التقدّم التكنولوجي الهائل أن يغنينا عن بعض المهن والحرف التي ارتبطت بوجود البشر على هذا الكوكب، فأول ما بحث عنه الإنسان في هذا الأرض هو السقف الذي يأوي إليه.إن المهن المتعلّقة بالبناء يجب أن تحظى دائما بالاهتمام والحرص على التكوين المتواصل للعاملين في هذا المجال، لأنه القطاع الذي يشغّل أكبر قدر من اليد العاملة ولكن يجب أن تكون هذه اليد مؤهّلة بالقدر الذي يسمح بإنجاز لائق، لأنّ البنّاء - على عكس ما يتصوّر البعض- ليس من يضع الآجر في صفوف ويضع الإسمنت بينها ولكن يجب أن يكون لدى هذا الأخير بعض المعطيات عن المواد التي يستعملها في البناء.
من منّا لم يجد صعوبة في تحصيل بنّاء أو مرصّص أو حصّله بشق الأنفس، خاصة منذ انطلاق المشاريع السكنية في بلادنا، مما يعني أن هذه المهن البسيطة التي نحتاج إليها في حياتنا اليومية، يجب أن تحظى هي الأخرى باهتمام السلطات العمومية.
التغيّرات الاجتماعية والاقتصادية السلبية أثّرت كثيرا على النظرة إلى العمل باعتباره قيمة اجتماعية، عكس ما كانت عليه الثقافة الشعبية سابقا، التي كانت تحثّ على تعلّم حرفة يدوية تكفي صاحبها العوز والحاجة وكانت الأمثال الشعبية تشجّع على ذلك... ومن منا لا يعرف الحكمة الجزائرية الشهيرة التي تقول: «تبقى حرفة اليدين ويزول مال الجدّين»، في حين أن ثقافة اقتصاد اليوم كلاهما يشجعان على عزوف الشباب على العمل والتكوين، لأنّ هذا الأخير يرى في ذلك مضيعة وقت ويفضّل الاشتغال ب «التبزنيس» في ظل وجود بيئة مشجّعة، أصبح فيها الاقتصاد الموازي يشكّل القاعدة وليس الاستثناء؟.
التكوين المهني ليس مسألة ولا مسؤولية وزارة بمفردها، ولكن قضية دولة بكل مؤسساتها ومجتمع بكل مكوناته، من أجل استرجاع القيمة الاجتماعية للعمل أولا، الذي يجب أن يسترد مكانته في كونه المعيار الوحيد لمكانة كل واحد في المجتمع وهذه الحقيقة هي التي كانت تجعل الجزائري يعمل ليحصل على قوت يومه عوض التسوّل المقنّع الذي أصبح شباب يمتهنونه، يبيعون المناديل الورقية على قارعة الطرق. وأتصوّر أن التحدّي اليوم هو كيفية استقطاب هؤلاء، وأمثالهم كثيرون من الشباب، وإقناعهم بجدوى التكوين والتعليم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)