الجزائر

إنعاش الاقتصاد خارج المحروقات لتجنّب الأزمات



نظرا للوضعية المالية التي تعبشها الجزائر جراء التذبذب في عائدات الصرف الناتج عن مداخيل تصدير المحروقات في ظل انخفاض أسعار البترول، التي أدت إلى انخفاض في أصول صندوق ضبط الإيرادات ، يستدعي اقتصاد البلاد استراتيجية بديلة تخلّصه من التبعية المدقعة لهذا القطاع المتذبذب سوقه العالمي بتذبذب الأسعار التي تتحكم فيها استراتيجيات السياسة في العالم و التي تقودها القوى الكبرى.وتراجعت احتياطات الصرف إلى 51.6 مليار دولار ، وهو ما يُمثل 12.4 شهرا من الواردات من غير عوامل الإنتاج ، و برغم من الضغوطات المالية التي تواجهها الخزينة العمومية، فإن قانون المالية حافظ على السياسة الاجتماعية للدولة من خلال الإبقاء على ميزانية مرتفعة للتحويلات الاجتماعية و هذا في حدّ ذاته يقول خبراء يستنزف مزيدا من المال . يَتوقع القانون نموا اقتصاديا بنسبة 1.8 بالمئة وارتفاع نسبة التضخم إلى 4.08 بالمائة ، و هي عواقب محسوبة على الاقتصاد الريعي الذي لا يضع في الحسبان الخطط البديلة من أجل الاستمرار و مجابهة المستجدات في السوق .
الإدخار ضروري
و لعلّ من بين الآليات التي ذهبت إليها الجزائر من أجل إيجاد و ادخار المال للانطلاق في تمويل المشاريع هو فرض قيود على استيراد بعض السلع، بما فيها سلع غذائية، في محاولة لخفض الإنفاق بعد هبوط أسعار النفط العالمية . و بالتالي الحاجة إلى إعادة تصور البناء الاقتصادي وهيكلته مما يجعله متكيفا مع ظروف الأزمة أولا ومعالجا لها ثانيا ومن ثمة دفع عملية التنمية في اتجاهها الصحيح يعدّ ضرورة قصوى . و تماشيا مع فسح المجال أمام الاستثمار النفطي تلجأ الجزائر منذ سنوات إلى إيجاد قنوات أخرى للتمويل مثل الاستثمار في الطاقات المتجددة ، وهي مصادر متجددة في الطبيعة وتبقى موجودة فوق الأرض ما دامت هناك حياة فوقها، وهذا عكس الثروة النفطية التي تتميز بأنها ثروة ناضبة وغير متجددة ، خاصة إذا لم تستخدم عقلانيا، وما زاد من أهمية الطاقات المتجددة هو عدم أضرارها البيئية . إلى غير ذلك يمكن ، اعتبار الميزان التجاري سريع التأثر بالصدمة البترولية كما – يمكن – اعتبار الصدمة فرصة حقيقية لفك تبعية الاقتصاد للنفط، فبلادنا مطالبة بتنويع اقتصادها في ظل الإمكانيات الطبيعية والبشرية التي تتمتع بها ، ويكون ذلك من خلال تشجيع قطاعي الزراعة والتصنيع بالإضافة إلى تنمية السياحة والطاقات المتجددة . فالجزائر إذ لم تنجح سياستها إلى حد كبير لاحتواء وإدارة الأزمة الاقتصادية بمخرجاتها المختلفة لتتحول إلى مطالب و قرارات جديدة تستحق الدراسة ، تجد نفسها أمام الاستدانة ، ما يفسر العجز المالي للميزانية وفشل بعض الحلول المقترحة من طرف الدولة ، لكن قد تمثل فرصة سانحة يجب تداركها لبناء قاعدة مؤسساتية للدولة واستغلال أكبر للبدائل المطروحة للخروج من دوامة الريع النفطي ، مثل الزراعة و السياحة و الخدمات.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)