الجزائر

إعلان استقلال شمال مالي، اختبار جديد للأطروحة الانفصالية للجزائر و للبوليساريو



إعلان استقلال شمال مالي، اختبار جديد للأطروحة الانفصالية للجزائر و للبوليساريو
شهدت جمهورية مالي في الأشهر الأخيرة أحداثا متتالية كانت بدايتها إعلان الحركة الوطنية لتحرير إقليم أزواد التمرد و حمل السلاح ضد الحكومة المركزية لحملها على الاعتراف باستقلال شمال مالي عن باقي التراب المالي، وتوالت الأحداث بانقلاب عسكري أطاح بالرئيس المالي أمادو توماني توري في 22 مارس الماضي مما سهل الأمر على قوات التمرد للسيطرة على غاوا و كيدال و تمبكتو و الإعلان الرسمي عن استقلال أزواد و تأسيس جمهورية أزواد المستقلة، هذا الحدث خلف ردود أفعال عدة تتفق في مجملها على رفض إعلان الاستقلال الأحادي الجانب من طرف الحركة الوطنية لتحرير إقليم أزواد، وهذه المواقف صدر بعضها من طرف قوى إقليمية -الجزائر،المغرب، موريتانيا و بعض دول غرب إفريقيا...- و الأخرى من طرف بعض القوى الغربية – فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي..- و المتأمل في هذه المواقف يجد أن هنالك غموض حول هاته الأحداث و خاصة فيما يخص موقف الجزائر المعلن و موقف جبهة البوليساريو غير المعلن و لو أنه بمنطق التواصل السياسي فهو موقف سواء كان سكوتا أو إعلانا و ذلك من خلال المؤشرات التالية: - تتفق الجزائر و جبهة البوليساريو على أن قضية الصحراء هي " قضية تحرر وطني للشعب الصحراوي " و نفس الشيء ينطبق على المشكل الطوارقي حيث يطالب الطوارق بدولة مستقلة منذ الستينات أي بعد انجلاء الاستعمار الفرنسي للصحراء الكبرى.
- إعلان الجزائر رفضها لاستقلال أزواد كان لدوافع معلنة هي احترام ميثاق المنظمة الإفريقية القاضي بعدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار و كذا الحفاظ على الوحدة الترابية و السيادة الإقليمية لدولة مالي، ولدوافع خفية تتمثل فيما هو أمني مرتبط ببروز دولة ناشئة و هشة بالجنوب الجزائري و ما يشكله ذلك من تهديدات الجماعات المسلحة و المتجرة بالسلاح و المخدرات، كما يوجد هنالك سبب آخر و مهم هو الخوف من أن يصبح النموذج الأزوادي إلهاما للحركة الطوارقية في الصحراء ، سواء بالنسبة للطوارق المتواجدين بالجزائر أو بالنيجر أو بليبيا، مما يهدد مستقبلا الوحدة الترابية لهاته الدول.
- قبول الجزائر لاستقلال أزواد معناه إعطاء الشرعية للحركات الانفصالية داخل الجزائر و خارجها لتنفيذ مطالبها في الانفصال و هذا يتناقض مع مصالحها الإستراتيجية المتمثلة في وحدة التراب و السيادة، وبالتالي تخير الدول و الشعوب بين خيارين أحلاهما مر وهما :
إما الاعتراف بالحقوق الشرعية للجماعات المتمايزة ثقافيا و منحها حق تقرير المصير، و إما التضحية بهذا الحق مقابل الحفاظ على وحدة الدولة و التراب و منع الدول من البلقنة.
- امتناع جبهة البوليساريو إلى حد الساعة عن إصدار موقفها تعطى له عدة احتمالات و تأويلات:
- اعتبار ما يحدث بمالي شأنا داخليا لا علاقة للجبهة به.
- انتظار ضوء أخضر جزائري.
- السكوت يعبر عن مأزق سياسي يتمثل في أنه في حالة التأييد فإن ذلك سيخالف الموقف الجزائري و في حالة الإدانة فإن ذلك سيفسر على أنه رفض لنموذج "تحرري " كانت دائما تجد مشروعيتها فيه.
- الحدث الحالي [إعلان استقلال أزواد] يشكل اختبارا حقيقيا للأطروحة الانفصالية للجزائر و لجبهة البوليساريو، و بالتالي فسكوت جبهة البوليساريو لحد الساعة يعتبر تراجعا ضمنيا أو نفاقا سياسيا أو تكتيكا مرحليا، لكن غير المقبول فيه هو عدم الإعلان عن التضامن الأخلاقي مع حركة تدعي التحرر و تجعل من "أطروحة تقرير المصير و الانفصال " أساسا لمشروعها السياسي مثل الحركة الوطنية لتحرير إقليم أزواد.
إن هذا يفسر إلى حدود الساعة ارتهان موقف جبهة البوليساريو لموقف الجزائر و يكشف زيف الادعاءات بكون الجزائر تدافع عن حقوق الشعوب في تقرير مصيرها.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)