الجزائر

"إسرائيليكس" الثورة



أوراق "الثورة" تختلط في مصر، تماما مثلما اختلطت في تونس، ومثلما تختلط الآن في ليبيا، وفي جهات عديدة من العالم العربي، باستثناء قطر طبعا، لأنها رأس الحربة.أوراق الثورة اختلطت في مصر بشأن الموقف من العلاقة مع إسرائيل، وبشأن اتفاقيات كامب ديفيد اللعينة، ويبدو أن هناك فصيلا من الثوار له ميولات قومية ووطنية بدأ يتغلب في الشارع المصري محاولا العودة بمصر إلى دورها القومي كمدافع عن القضايا العربية، التي تتعارض كلها مع مصالح إسرائيل، تلك المصالح التي كان يضمنها ويرعاها نظام مبارك.
لكن لسوء الحظ أن هذا الفصيل وجد نفسه أمام حاجز أعتى من حاجز الأسوار التي بناها النظام المصري الجديد حول سفارة مصر، وها هي أرواح المصريين تسقط من جديد أمام حائط السفارة، مثلما كانت تسقط من عقود أمام خط برليف وبرمال سيناء.
وأعرف أن المقارنة هنا لا قيمة لها، لكن لا بأس أن أقارن مع حالة الاستنفار القصوى والقوات التي حشدها نظام القاهرة حول سفارة إسرائيل بمصر، استنفارا يذكرنا بعهد مبارك الذي كان يردد في كل لحظة أن أمن إسرائيل هو من أمن مصر.. أقارن بين هذا الاستنفار والحماية والتعزيزات الأمنية حول سفارة إسرائيل، وبين حالة التسيب وسحب الأمن من أمام سفارة الجزائر بالقاهرة في نوفمبر 2009، أين تُركت السفارة الجزائرية والسفير وكل الفريق الديبلوماسي بلا حراسة، تُركوا لقمة سائغة للغاضبين والخانقين من الجمهور الكروي، وكان ما كان..
فهل بعد هذا نصدق أن الثورة في مصر كنست الخونة وأذناب إسرائيل في مصر؟ وهل نصدق أن غد مصر سيكون أفضل من أمسها في زمن مبارك ومن سبقه؟...
ولأعود إلى قضية الوثائق التي أخذها الغاضبون في مصر من مقر السفارة الإسرائيلية، وهل هي حقا من أسرار الموساد، أم أن الأمر حيلة جديدة من حيل "ويكيليكس" التي مهدت لقلب الشارع العربي نهاية السنة الماضية، وهي الآن تحاول التحريض لإثارة فتنة في الشارع الجزائري (...)؟ فهل وثائق سفارة إسرائيل بالقاهرة المدموغة بعبارة "سري للغاية" هي وثائق حقيقية، وليست مطبا تحاول من خلاله إسرائيل بث الشك والفوضى في المجتمع المصري بوضعها وثائق مزيفة قد تتهم وطنيين ومعادين لإسرائيل وأناس شرفاء تتخوف من وصولهم إلى الحكم، تتهمهم بالعمالة لإسرائيل وتحدث بذلك فراغا من حولهم وتقضي على مستقبلهم السياسي والنضالي؟! كل الاحتمالات واردة، فهذه إسرائيل وليست بدرجة الغباء لكي تترك وثائق الموساد في متناول كل من هبّ ودبّ، وتتركها في مهب الريح في سفارة داخل بلد كل ما فيه من حجر وشجر وبشر يكفر بإسرائيل؟!
أما إسرائيل، فإن قضية الاعتداء على السفارة، التي لا يستبعد أنها إن لم تكن من خطط له، فهي الآن تستغله، لإيجاد عدو خارجي لها يهدد مصلحة إسرائيل وأمنها وراحتها، عدو تستغله لإعادة بناء جبهتها الداخلية التي تكون تصدعت بفعل الثورات العربية، وبفعل الغضب الشعبي الذي قاد من أيام مسيرة نصف مليونية تدين الحكومة الإسرائيلية وتطالب بتحسين ظروف الإسرائيليين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)