الجزائر

أويحيى الأول وأويحيى الثاني


 يختلف أحمد أويحيى الذي استضافته التلفزة الجزائرية كأمين عام للتجمع الوطني الديمقراطي في فيفري الماضي، عن أحمد أويحيى الذي تحدث، أمس، كرئيس للحكومة في أعقاب لقاء الثلاثية.
أويحيى الأول أدهش الجزائريين، حين أطل عليهم من شاشة ''اليتيمة''، ومجّد الجزائريين والجزائريات، وقال عندما سأله الصحفيون عن مبررات ''التنازلات'' التي ميّزت سلوك مؤسسات الدولة تجاه التجاوزات والخروقات الصارخة للقانون، إن ''السلم الاجتماعي لا يقدّر بثمن''. ومع ذلك لم يعترف حينها أن أداء حكومته من بين أهم مسببات الأزمات التي عاشتها وتعيشها الجزائر. ولن يعترف لأنه ''قائد'' الفريق الذي دفعت قرارات عناصره الشباب الجزائري إلى ركوب البحر لمغادرة البلاد التي يسيّرها ''فريق أويحيى''، وهي القرارات التي تسبب هذه الأيام أعدادا غير معلومة من الوفيات في المستشفيات بسبب عدم وفرة أبسط مستلزمات الجراحة والعلاج. وهي أيضا القرارات التي أخرجت مئات آلاف من الجزائريين، منذ الخامس جانفي الماضي، إلى شوارع كل المدن الجزائرية للمطالبة بأبسط حقوق المواطنة.
أويحيى الثاني الذي تحدث، نهار أمس، بعد أن تقابل مع ''حلفائه'' من رجال أعمال ونقابيين، خرج إلى الرأي العام، مختلفا عن أويحيى الأول. وأعلن قرارات جديدة لـ''تصحيح'' القرارات السابقة التي اتخذها هو أو الفريق الذي يحمل شارة قيادته، والتي أدخلت البلاد والمؤسسات والعباد في أزمات مازالت متواصلة. ولم يطرح أحد عليه سؤال ''ما حجم الخسائر التي كلفتها تلك القرارات التي صححها؟''.. ويعلم أويحيى، مثلما يعلم كل الجزائريين، أن ''الكريدوك'' مثلا سبّب الكثير من المتاعب لـ''حلفائه'' رجال الأعمال. لكنه سبّب أيضا ''حرمان الرضّع وأمهاتهم من اللقاحات''، ولم يسارع أويحيى ''الأول ولا الثاني'' لنجدة الحوامل والرضّع.
لا ''تعبث'' الدول التي تحترم نفسها بترك المجال لـ''الصدف'' ليصل إلى مثل المنصب الذي يشغله أويحيى، رجال أو نساء ''يكررون الأخطاء''، خاصة إن كانت تلك الأخطاء تسبّب خسائر مالية أو بشرية. وسمعنا وقرأنا عن وزراء ورؤساء حكومات اعتذروا لشعوب بلدانهم وغادروا المناصب التي بلغوها عن استحقاق، بعد حوادث قطارات أو انهيار سدود. وفي الدول المحترمة ''يستحي'' الذين يخطئون من الاستمرار في المناصب التي لم يشرّفوها.
أما عندنا في الجزائر فإنه ليس غريبا أن ينتقل أويحيى الأول إلى ''أويحيى الثالث''، لأنه على خلاف سنة 2009، عبّر هذه المرة بوضوح أنه هو الآخر يملك مؤهلات التنقل من قصر الدكتور سعدان، الذي أقام فيه طويلا، إلى قصر المرادية. ومن حقه أن يطمح لأنه سيكون دائما ''الأقل سوءا''، حسب المقاييس المعتمدة، رغم أن ذلك ليس القدر الأزلي للجزائريين والجزائريات، الذين يوجد بينهم من دون شك من ''يحسنون تحاشي الأخطاء''.


lahcenebr@yahoo.fr
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)