الجزائر

أول إبادة بالسلاح الكيماوي قضت على ثلثي الأغواطيين



*إحياء الذكرى 166 لسقوط مدينة الأغواط أقوى حصن في الجنوبأحيت ولاية الأغواط في الرابع من ديسمبر ذكرى *عام الخلية* في احتفالات متفرقة لاسترجاع الذاكرة الجماعية للأغواطيين الذين يطلقون على المناسبة بذكرى احتلال مدينة الأغواط. و قد سجلت ولاية الأغواط مرور 166 سنة عن تاريخ احتلال مدينة الأغواط من قبل الجيش الفرنسي الاستعماري بقيادة العديد من الجنرالات وعلى رأسهم الجنرال *بوسكاريم* في 04 ديسمبر سنة 1852 وهو تاريخ الفتح الفرنسي لبوابة الصحراء ليسقط أعظم حصن منيع الذي كانت تحمي جنوب الجزائر من أي اعتداء فاستشهد حينها 2500 شهيد وهو ما يقدر بثلثي عدد سكان المدينة كما تكبدت فرنسا خسائر بشرية كبيرة أهمها مقتل الجنرال* بوسكاريم* و10 ضباط سامين ، وبذلك سجل التاريخ مفخرة الأغواط ولم يستسلم الأغواطيون بل خاضوا أشواطا كبيرة من المقاومات الشعبية بقيادة الأمير عبد القادر، والأمير خالد، وبن ناصر بن شهرة. و
يذكر التاريخ أن فرنسا ظلت عدة سنوات تحسب الحساب لاحتلال الأغواط .
*المقاومة الشعبية أبادت 1700 جندي فرنسي دخلوا المدينة
فجهزت الجيوش و استهلت العملية بإرسال بعثة استكشافية في شهر ماي سنة 1844 تضم 1700 مقاتل تصدى لها أمير المقاومة في الصحراء بن ناصر بن شهرة فأبادها بأكملها ما أثار غضب فرنسا و خصصت بدورها مكافأة سخية لمن يدلها على قادة المقاومة ومن أبرزهم بن ناصر بن شهرة الذي لم تعرف شكله ولقبته * بالملثم و الروجي* لأنها لم تعثر له طيلة حياته على صورة إلى أن تسلل إلى سوريا حيث مات ودفن هناك. ومن هنا أدركت فرنسا خطورة الصحراء، فشنت حملة تأديبية سنة 1852بقيادة 03 جنرالات * بريسي وماريموش وجوزيف برسنانتي*.
سور عملاق أخّر احتلال الأغواط 22 سنة
لم تفلح فرنسا في احتلال المدينة التي كانت محاطة بسور يبلغ ارتفاعه 04 أمتار وعرضه 1,5 متر ويزيد طوله عن 03 كيلومترات تتخلله قلاع تشرف على المدينة وما حولها من خلال أبراج *البرج الشرقي والبرج الغربي وقلعة سيدي عبد الله*، ويعد السور بمثابة الحصن المنيع له 800 فتحة تتعلق بأغراض عسكرية وأربعة أبواب من أهمها باب الربط الذي اقتحم من خلاله جنود الاستعمار المدينة باستغلالهم لفرصة الصراع الداخلي بين أحميدة والسبايسي عن فحوى الاتفاقية التي تمت بين الجنرال *ماريموش* و القائد أمحمد بن سالم في وقت سابق. تضمنت الاتفاقية عدم دخول الجيوش الفرنسية إلى مدينة الأغواط مقابل دفع جزية تتمثل في ضريبة سنوية إلى غاية 28 أوت 1844 لكن الثوار أضرموا فتيل المقاومة قبل الهجوم الفرنسي المباشر، وهو ما تؤكده التقارير الفرنسية بمتحف المجاهد.
إرسال الجنود لإنذار السكان لم يُرعب الأغواطيين

ترأس الجنرال *بوسكاريم* الحملة الاستعمارية على الأغواط إلى جانب تحالف حمية عسكرية حاقدة للجنرالات الثلاثة * فلادمير وماريموش وجوزيف رايسي* استهلت بمحاولة *الجنرال برايسي* في بعث الرعب في نفوس الأغواطيين بإرسال 4 جنود لإنذار السكان بالخطر اللاحق وإجبارهم على الاستسلام طواعية من غير مقاومة، فأقسموا بما أقسم به من قبلهم أحمد باي عند مساومته على الاستسلام وتسليم قسنطينة، أن يموتوا تحت أسوار المدينة دون تسليمها.
*تحالف 4 جنرالات باستعمال سلاح فتاك و جيش كبير
كان رد الأغواطيين عنيفا بقتل جنديين من الأربعة مما استدعى إلى استنفار الفرنسيين وتعزيز قواتهم وتحالف الجنرالات الثلاثة تحت لواء *بوسكاريم* في الرابع من ديسمبر سنة 1852، بلغ عدد جنود الجيش الفرنسي 7375 عسكري بالإضافة إلى 1200 جندي من فرسان العميلين حمزة وسيدي الشيخ المتمركزين بالقرب من مدينة بريان.
* إعداد خطة لمحاصرة القلعة
حاصر الجنرال *جوزيف* مدينة الأغواط من الناحية الشرقية وتمركز الجنرال *بريسي* بمنطقة رأس العيون شمالا، و تموقع بالناحية الغربية الجنرال فلاديمير ومعه 3000 جندي، وهو ما أدى إلى توزع المقاومين من وراء الأسوار للتصدي إلى الجبهات الثلاثة المفتوحة ضدهم في آن واحد، لكن تفوق فرنسا في العدد والعتاد وكذا تسلل بعض العملاء للظفر بمكانة مرموقة عندها أدى إلى إضعاف المقاومة وفلاح فرنسا في إسقاط المدينة .
مقتل الجنرال بوسكاريم و 2500 من سكان الأغواط في المعركة

قتل الجنرال بوسكاريم و10 من كبار الضباط الفرنسيين، ولم يبق في المدينة أكثر من 400 شخص، من أصل 3500 شخص بعد أن استشهد في المقاومة أكثر من 2500 شهيد وهجر الباقون.
حاول الفرنسيون حرق المدينة برمتها لكن الجنرال *راندو* عارض الفكرة باعتبار أن سكان الأغواط قاتلوا بشجاعة وشرف دفاعا عن مدينتهم.
عمت جثث القتلى الشوارع وبقيت منتشرة لمدة تجاوزت الستة أشهر قبل دفنها في قبر جماعي كما عمل جنود الاستعمار على حرق 256 شخص أحياء بعد وضعهم في أكياس.
حرق المجاهدين أحياء كانوا مخدرين بالسلاح الكيماوي

ارتكب الاستعمار الفرنسي بالأغواط العديد من المجازر والجرائم، وفي الخصوص أكد الدكتور الصُحبي حسان وهو أستاذ علم النفس الحربي بجامعة وهران أن معركة الأغواط تعد أول معركة جرب فيها الاستعمار سلاح المدفعية بمادة *¬الكلورفوروم* ¬التي تؤدي إلى عملية التنويم والشلل العضوي بتأثيرها على نشاط الدماغ حيث أطلقت نيران المدفعية المحملة ذخيرتها بمادة كيماوية على الساعة ال 07 صباحا من يوم 04 ديسمبر سنة 1852، وبعد ذلك تم وضعهم في أكياس وحرقهم وهم مخدرين، واستند الدكتور في حديثه إلى تقارير للأستاذ *أوكسينال بودانوس* التي بعث بها آنذاك إلى قيادة الأركان الفرنسية الماريشال *فيالاتيه*،
دفن جثث المجاهدين في حفرة واحدة بعد بقائها 6 أشهر متناثرة

هذا التقرير المتضمن 60 صفحة يقول الدكتور الصحبي أنه موجود لحد الآن في الأرشيف الفرنسي منذ أن كتب سنة 1853 يتعلق بوصف شامل للمادة الكيماوية ومدى نجاحها وتأثيرها على السكان ونقل صورة معبرة لحالة السكان بعد العملية البشعة وكذا طبيعة الجرائم المرتكبة ضد السكان كما تناقلت الألسنة بعدها مقولة شعبية يجهل الكثيرون مفهومها *الأغواط زينة وفسدها الجيش* لكن حقيقتها حسب السيد الصحبي تحمل وصفا دقيقا لحجم الدمار الشامل الذي ألحقه الجيش الفرنسي الغاصب بمدينة هادئة تزينها الحدائق الغناء والقصور العالية والمساكن التي تحاكي فسيفساؤها العهد العثماني الحاكم والتي تزيد عن 40 ألف مسكن تتوسط واحات النخيل التي تتلقى ريها من ديمومة جريان *وادي الخير* الذي اختفى من خريطتها عن طريق تعدد الاستحداثات التنموية التي شهدتها المدينة عبر الزمن، كما كان السكان ينعمون ببساطة العيش و الكرم الفياض لقوافل العابرين إلى مختلف الوجهات من وإلى الصحراء.
القلعة ما تزال شاهدة و السكان يتطلعون لأن تكون متحف
لا يزال قبر الجنرال بوسكاريم يتوسط القلعة القائمة لحد الآن على قمة الجبل الذي يفصل بين واحتي المدينة الشمالية منها والجنوبية هذه القلعة العتيدة التي تشرف شرفاتها على كل من رحبة الزيتون وباب الجزائر وشارع الاستقلال وحي الغربية في الجهة الشمالية وأحياء الضلعة والصادقية والشطيط والطاقة في الجهة الجنوبية وهي على امتداد أكثر من 400 متر طولا و60 متر عرضا، اتخذ منها الاستعمار كقاعدة عسكرية فمستشفى للجيش وبقيت بعد الاستقلال مهملة إلى عدة سنوات لتتخذ منها شركة *الدي إن سي* مقرا لإدارتها وبعد إفلاسها استلمها الجيش الوطني الشعبي لأكثر من 10 سنوات إلى أن استلمها منذ 07 سنوات الديوان الوطني للآثار. و يتطلع السكان أن تكون هذه القلعة بمثابة متحف للجهاد حتى تحتفظ بمكانتها كقلعة تاريخية شهدت مراحل متعددة من الاحتلال الفرنسي للأغواط .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)