الجزائر

أوباما يتخذ قراراً أخطر من الضربة


أوباما يتخذ قراراً أخطر من الضربة
يستحيل على النظام السوري أن يقبل تدمير أسلحته الكيماوية وإن أعلن موافقته على وضعها تحت مراقبة دولية. لقد استغرق بناء هذه الترسانة الكيماوية عشرات السنين تحت عنوان "خلق توازن رعب مع إسرائيل"، ولن يضحّي بها النظام اليوم في مقابل تجنيبه ضربة عسكرية محدودة غير مؤكدة ولا واضحة النتائج، وفي أسوأ الأحوال لن تؤدي الضربة في حال إقرارها وتنفيذها إلى تدمير المخزون الكيماوي السوري بكامله. إلّا أنّ العارفين بالعقل الأمني السوري يفسّرون موافقة دمشق على وضع سلاحها الكيماوي تحت إشراف مراقبين دوليين بهدف كسب مزيد من الوقت على غرار موافقتها في الصيف الماضي على استضافة 300 مراقب من الأمم المتحدة للتأكد من وقف إطلاق النار، حيث أجهضت مهمّتهم ليغادروا بعدها من دون أن تفعل الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي شيئاً.ستجهض مهمّة المراقبين في وضع اليد على الأسلحة الكيماوية التي يمكن نقلها وإخفاؤها بسهولة، وستغرق في التفاصيل، وتفاصيل التفاصيل، لينجو النظام مرّة أُخرى ويُطيل بقاءه.تجيد دمشق لعبة حافة الهاوية. لعبت ورقة الكيماوي، خلافاً للمنطق، عندما كان المفتشون الدوليّون على أراضيها، في اختبار لردّ فعل المجتمع الدولي حول ما رسمه لها من خطوط حمر. ولو مرّت كارثة الغوطتين، لكان النظام سيضرب معارضيه بالكيماوي ضربات أكثر وأكبر بهدف حسم القتال لصالحه وحلفائه.وفي قمّة الاستعدادات العسكرية واللوجستية للانقضاض على أهداف عسكرية تابعة للنظام داخل سوريا، أرسلت دمشق الأسبوع الماضي طائرتين حربيتين من نوع "سوخوي سو 24 اس" لتخرق المجال الجوّي القبرصي فوق مدينة فاماغوستا في اختبار آخر لردّ فعل القوات الغربية في المنطقة، فما كان من سلاح الجوّ البريطاني إلّا أن أطلق طائرتي "تايفون" حربيتين من قاعدة أكروتيري لمواجهتهما، كما سارعت تركيا إلى إعطاء الأوامر بإقلاع طائرات اف-16 من قاعدة انجرليك للتصدي لهما، غير أنّ الطائرتين السوريتين عادتا إلى قاعدتهما.ولم يكن الوقت ولا المسافة عنصرين كافيين لحصول مواجهة جوّية نظراً إلى أنّ المسافة بين سوريا وقبرص هي 200 ميل ولا تحتاج المقاتلات لأكثر من 15 دقيقة لاجتيازها.وتلعب المسافات دوراً هامّاً في الحرب في حال وقوعها. فالسفن الحربية الأميركية الخمس التي تجول في البحر المتوسط من المرجّح أن تطلق صواريخ توماهوك، التي يبلغ مداها نحو ألف ميل ويمكن التحكم بمسارها وهي في منتصف الطريق بدقة لا متناهية، غير أنّ صواريخ ياخونت 800- P المضادة للسفن، الروسية الصنع والتي تملك دمشق نحو 20 منها، يبلغ مداها الأقصى بين 100 إلى 300 كلم، وبالتالي لا يمكن أن تطاول البوارج الأميركية.أمّا صواريخ "سكود" التي يبلغ مداها بين 300 و700 كلم والتي تملك دمشق 500 قطعة منها، فهي غير مصمّمة لضرب أهداف متحرّكة مثل السفن.في كلّ حال، أعطيت الضربة الغربية المحدودة اهتماماً يفوق أهميتها وتأثيرها على مسار النزاع السوري، فيما يتّجه البيت الأبيض وللمرّة الأولى إلى اتّخاذ قرار أخطر من الضربة، يتمثّل بقلب موازين القوى على الأرض من خلال تزويد المعارضة السورية بكميات ضخمة من الأسلحة.هناك أصلاً برنامج لتسليح المعارضة عبر جهاز الاستخبارات الأميركية (CIA) لكن الرئيس باراك أوباما يريد نقله إلى البنتاغون لأنّ لديها قدرات أكبر ووحدات متخصّصة في هذا النوع من العمليات الضخمة في التسليح والتدريب.وستتولى القوات الخاصّة المعروفة بالقبّعات الخضر تدريب مقاتلي المعارضة السورية على استعمال الأسلحة النوعية والتكتيكات الأساسية.لصفقة الأميركية-الروسية تحتاج إلى مزيد من الوقت لتبيان نتائجها وما إذا كانت تتضمّن بنوداً سرّية لم يعلن عنها. وكلّ المفاجآت واردة.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)