الجزائر

أقولها وأمشي : عذر وذنب؟!


المتظاهرون السوريون طلبوا العذر من الجزائريين بعد أن أخذوا منهم كما يعتقدون صفة بلد المليون شهيد· والحمد لله إنهم لم يقولوا لنا بلد المليون ونصف شهيد! لأن الكارثة ستكون أكبر!السوريون الذين أبدعوا في الغناء والهتافات الاحتجاجية مدة ثمانية أشهر تقريبا لإزاحة نظام الأسد يضعون النظام ذاته على قدم المساواة مع نظام الاستعمار الفرنسي، وهذا من حيث سقوط عدد الشهداء والقتلى أو من حيث أساليب التفنن في قطف وقطع الرقاب المناوئة أو تلك التي تشكل خطرا عاما على أمن النظام!
الجزائريون سقط منهم خلال سبع سنوات من الكفاح وفق إحصائيات بن بلة أول رئيس (في الواجهة) للجمهورية مليون ونصف وهو أول من نطق بهذا الرقم! والسوريون أنقصوا النصف في الوقت الذي يتحدث فيه الفرنسيون عن نحو 300 ألف قتيل جزائري، لكن التقديرات الأكثر جدية وصحة تحدد عدد الشهداء الحقيقي بنحو 600 ألف، وهو في حد ذاته رقم مرعب وفظيع، وإن الروانديين قبل أعوام قليلة فقط جزروا فيما بينهم في ستة أشهر نحو 500 ألف رواندي في حروب قبلية!
والسوريون سقط لهم إجمالا حتى الآن نحو أربعة آلاف مما قد يرفع الرقم إلى ستة آلاف في العام! وهذا الرقم لا يعتبر إجمالا رقما خطيرا بالنسبة لممارسات النظام السوري، يمكن أن يتعامل معه ببرودة الأعصاب نفسها كما نتعامل مع إزعاج ”الذبان” وليس إزعاج الناموس!
وعندما يقوم السوريون المعارضون بالنفخ في أرقام الضحايا على طريقة الثوار الليبيين كما يتضح من خلال تقديم رقم 50 ألف ضحية، فإن ذلك يضعهم في الذنب نفسه الذي وقع فيه الجزائريون قبلهم!
تاريخيا الأرقام ليست مقياسا دقيقا وحاسما لقياس قوة الثورات أو ضعفها، ولا حتى لقياس حجم الاحتجاجات والمظاهرات ضد الأنظمة لإسقاطها· فوجود حالة رفض مستديمة وممنهجة عند فئة قليلة، مؤشر على كون الكل متذمرين وفي وضعية قابلة للتمرد والعصيان المدني، وهم في حالة ”ستاند باي” فقط!
ومادام أن العبرة دائما بالنتائج، والجهاد المسلح يعد جهادا أصغر مقارنة بالجهاد الأكبر أي بناء المجتمع والدولة، يكون من مصلحة الثوار والمنتفضين ”الجدد” على الأقل في وقت الحاسوب وأقمار المراقبة، الالتزام بالعدد الحقيقي للضحايا وليس تقديم أرقام في الهواء، فهذا أمر في حالة فشل الجهاد الأصغر يجعلها تحت ضغط أقل ما دام أن الضريبة المدفوعة باهظة، وفي حالة طلب الاعتذار أو طلب تعويضات في شكل رؤوس للقطف تحتاح إلى تقديم تاريخ حقيقي غير مزيف أو مزور يغطي على الجانب المظلم كما هو الحال مع كتابة التاريخ ”الرسمي” للثورة الجزائرية·
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)