الجزائر

أفول الأحادية



أفول الأحادية
الخصائص السياسية والاقتصادية التي تحكم المجتمع الدولي هي نفسها التي تحكم أي مجتمع قطري، باعتبار أن المجتمع القطري هو نموذج مصغر للمجتمع الكوني خاصة في التوجهات الإيديولوجية، وما يجب على النموذج يجب على الأصل.والمفارقة أن المجتمع الدولي يعيش ثنائية قطبية لا ثالث لها إذا استثنينا فكرة العالم الثالث لأنه كان في الأساس منقسما بين الغربي والشرقي، وهي الثنائية التي تتنازع الريادة من أجل إقامة مجتمع دولي بقطب واحد واستعملت لتحقيق هذه الغاية كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة ومنها الضرب تحت الحزام.
ومن تداعيات هذا الصراع- المفارقة أن الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تطالب المجتمعات بالتعددية وتسعى إلى فرض هيمنة أحادية على العالم وهذا تناقض على جميع المستويات، وهي تعمل على ذلك بكل أنواع الترغيب والترهيب، وكثيرا ما أدى ذلك إلى تفكك المجتمعات التي فرضت عليها هذه الفلسفة التعددية لسبب بسيط وهي أنها لم تكن ناضجة لمثل هذا الواقع المحكوم بأبعاد تربوية وثقافية واقتصادية، وما يصلح لمجتمع لا يصلح لمجتمع آخر.
إن الديمقراطية والتعددية لا ينكرها أي إنسان لكنها في نهاية المطاف حراك اجتماعي وسياسي يكتمل بمرور الوقت ولا يمكن فرضه كوصفة طبية، خاصة إذا علمنا أن الديمقراطية فكرة مثالية تعمل الشعوب على تحقيق القدر الأكبر من مبادئها المتغيرة باستمرار لأنها مرتبطة بحياة الإنسان وحاجياته المتغيرة من جيل إلى جيل.
لكن ما نلاحظه هو أن الديمقراطية أصبحت فكرة مائعة يفهمها كل على هواه، ويدعيها دون غيره ثم يرتكب الحماقات باسمها ضاربا عرض الحائط بكل الاعتراضات والانتقادات التي هي من صلب الديمقراطية التي تعني الحرية.
والنتيجة أن المجتمع الدولي في حاجة إلى احترام التعددية الثقافية والأخلاقية والدينية والاقتصادية لأن فظائع الأحادية القطبية فاقت فظائع الثنائية القطبية، وكانت وبالا على العالمين الاسلامي والعربي بالتحديد المطالبين اليوم بإعادة فكرة العالم الثالث بقوة التأثير المرجوة وعدم الانحياز كذلك لإقبار كل رغبة في الأحادية القطبية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)