الجزائر

أستاذ علم الاجتماع بجامعة وهران محمد طايبي الاحتجاجات لن تخمد وتنازلات السلطة تزيد من قوة المضربين



 قال محمد طايبي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة وهران، إن الإضرابات المرتفعة مطالبها توحي وكأنها تريد تحقيق مغانم، لأن الفاعلين الظاهرين أو المختفين يستثمرون في المؤسسات التي تتفاوض بكل وسيلة من أجل السلم الاجتماعي. وأشار إلى أنه إذا ظلت مبادرة السلطة العمومية منحصرة في التنازلات المطلبية الاقتصادية، فإن التوترات والاحتجاجات هذه لن تخمد، وهذا سيضعف مقدرات تحكم الفاعلين العموميين في الشأن العام.
كيف تقرأون تفاقم حدة الإضرابات والاحتجاجات التي توسعت رقعتها ولم تعد تستثني أي قطاع في الجزائر؟
كل الحركات الاجتماعية تضبطها من حيث القوة ومن حيث التواتر سياقات متعددة الأبعاد، نذكر منها فيما يخص تواتر الإضرابات وتواصلها في الجزائر أولا: الإفرازات الاجتماعية لأزمات الاقتصاد الوطني من حيث عدم قدرته على إنتاج القيمة المضافة الضرورية التي تكفل مستوى معيشيا يتماشى والعصر الحديث. والسبب الثاني، هو أن ضعف التحكم عند الإدارات الوسيطية جعلها تسقط أمام حركات احتجاجية لا تمتلك مصداقية التفاوض معها، ذلك أن تأجيل حسم قضايا المجتمع وتسيير علاقات العمل بصفة توافقية وشفافة تؤدي دوما إلى كوارث.
أما العامل الثالث، فيكمن في كون أجواء المطالب التغييرية التي تسود العالم العربي جعلت بعض الفاعلين السياسيين يستثمرون في الاحتجاجات ليفرضوا على سلطة الدولة رؤاهم في مفهوم الإصلاح والتغيير في الجزائر، في حين يتمثل العنصر الرابع في ضعف مخيلة التحكم عند مسيري القطاعات المختلفة وانتظار تراكم القضايا المطلبية المشروعة دائما. وهو التراكم الذي يفقد أهل القرار المركزي قدرة التحكم في تسيير المؤسسات والإدارات.
هل الإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية كالتسهيلات الخاصة بالتشغيل والبت في القوانين الأساسية لمختلف القطاعات سيكون لها مفعول في تهدئة حركة الإضرابات والاحتجاجات؟
 الإجراءات التي اتخذت إلى غاية الآن هي إجراءات احتواء المد المطلبي وأداة لتسيير الحوار الاجتماعي والبحث عن إبعاد هذا التوتر حتى لا يتحول إلى أزمة تتجاوز طبيعتها الاجتماعية. وإذا ظلت مبادرة السلطة العمومية منحصرة في التنازلات المطلبية الاقتصادية ولم تطعم نخب القرار المؤسسي بدم جديد، يعطي المؤسسة مصداقية جديدة ويحيي - باتصال حديث - الثقة الضرورية في فضاءات الشغل ويحاصر الفساد والمحسوبية والتبديد وسوء التدبير، فإن هذه الإجراءات لن تسهم في إعادة صياغة عقد اجتماعي جديد.
إلى أي مدى ستصل قوة هذه الإضرابات والاحتجاجات؟
 الملاحظ أن مفهوم التنازلات الذي بدأ يسود الساحة المطلبية أدى إلى توسيع المطالب إلى كل القطاعات. وكان هناك سباق حول تحقيق، ليس المطالب وإنما المكاسب والمغانم.
فالإضرابات المرتفعة مطالبها توحي وكأنها تريد تحقيق مغانم لأن الفاعلين الظاهرين أو المختفين، يستثمرون في المؤسسات التي تتفاوض بكل وسيلة من أجل السلم الاجتماعي والخوف من انزلاق البلاد نحو توترات تمس الجانب السياسي. إذن فهذه الأجواء هي التي أعطت هذه المطالب بعدا شموليا وأدامتها في الزمن وفتحت لها أبواب المحظور كإضراب بعض القطاعات الحيوية. وهذا المسار من تواصل التوترات سوف يضعف لا شك مقدرات تحكم الفاعلين العموميين في الشأن العام.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)