الجزائر

أساس الانتقال الديمقراطي..



لا نقاش يعلو هذه الأيام في سماء المشهد السياسي على نقاش مسودّة مشروع تعديل الدستور في الجزائر وهو الدستور الذي جاء لينقّح سابقه، يضيف عليه، يثريه وقد يتخلى عن مواد فيه طبقا لمتطلبات المراحل المقبلة من حياة الدولة الجزائرية.ويتردد مصطلح الدستور التوافقي الذي كثيرا ما يستعمله بعضهم دون أن يفهموه بل ويتنقده آخرون دون اطلاع على كنهه.
وتعديل الدستور عندما يكون بهذا الشكل و المطلب معناه التوفر على آلية دستورية يجب الاتفاق عليها للمرور إلى باقي مراحل البناء والإصلاح ويتضمن أفكار مبنية على مقاربة المشاركة السياسية التي تفتح الباب أمام كل الحساسيات السياسية وتلبية مطالب الشعب، وهو ما يشكل أرضية صلبة لتحقيق التوافق بين السلطة والأحزاب ومطالب الشعب وهذا الشكل من الأفعال وحده الكفيل باحداث قدر من التقارب الوطني باعتبار الهدف ووسيلة الوصول إليه نفسهما.
إن الانتقال الديمقراطي يتطلب في أول خطواته توفر العمل السياسي بالدرجة الأولى على ترسانة قوانين مرنة يتضمنها الدستور باعتباره آلية التحرك في البلاد والضامن للحرية والمسؤولية أيضا، والواقف سدا منيعا أمام حالة الارتباك السياسي التي قد تقع فيها البلاد وبالفعل قد وقعت فيها بعد إستقالة الرئيس السابق، حيث تضمن الدستور الحالي المراد تعديله جملة من الثغرات التي كادت أن توصل البلاد إلى الانسداد.
وعليه فإن محنة التجربة التي مرت بها البلاد بعد رفض العهدة الرئاسية الخامسة صارت تفرض أكثر من وقت مضى دستورا توافقيا ؛ يفتح النقاش بين الجميع من قوى سياسية وفكرية وثقافية وإعلامية ومجتمع مدني، بالإضافة إلى إجراء تعديلات عميقة على عدة مواد لا سيما ما تعلق بنظام الحكم وتثقيف عدد العُهد الرئاسية بالإضافة إلى الحريات والتجمعات والمسيرات والتعبير عن الرأي والسلطات، ويضاف إلى ذلك مواد صريحة حول ضمانات ديمومة التوافق الفعلي ما من شأنه أن يضع خطأ أمام تجاوزات السلطة في المستقبل تحت مسميات ما خلال ظروف ما. ولعل ما أبرز ملامح توافقية الدستور نزوله إلى الاستشارة الشعبية والاستفتاء حوله.
وفي حال الوصول الفعلي لدستور توافقي فهذا من شأنه تقوية المعارضة وقوة المشهد السياسي من قوة المعارضة أكيد وهي القوة التي تؤسس لانتقال ديمقراطي حقيقي وحينها لن يعود النظر إلى ما كان يسمى معارضة في الجزائر إلى تلك الرؤية والقالب اللذين وضع فيهما الشعب المعارضة سابقا وعبّر عنهما الحراك الشعبي .
وبرغم عدد المرات التي تمت فيها مراجعة الدستور أو تعديله فاليوم أمام البلاد فرصة من ذهب لأجل العبور إلى دستوري ثري، منفتح، ومتفتح يضمن مستقبلا للعمل المؤسساتي المستقل ويضع السلطة أمام مسؤولياتها التاريخية باعتبارها الضامن الأساسي للحرية والديمقراطية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)