الجزائر

أسئلة الخمسينية.. هوامش


أسئلة الخمسينية..                                    هوامش
مرة أخرى نجد أنفسنا أمام امتحان عسير، يمكنه أن يشكّل منعطفا جديدا في تاريخ الجزائر، قد يكون قيمة مضافة لمنجزاتها، كما قد يمرّ مرورا عابرا دون أن يحقّق الأهداف المرجوّة منه.
وبنفس القدر الذي نستعد فيه للزهو بخمسينية استقلالنا، أعدت فرنسا على خلفية عقدتها الاستعمارية، عدّتها الإعلامية والفكرية وجحافل مؤرخيها ومثقفيها للانتصار علينا في ”حرب الذاكرة” إيمانا منها بأنها هي الأهمّ والأبقى .
خمسينية الاستقلال ستشكل محطة مهمّة، أو هكذا يفترض فيها ، للتقييم ولمواجهة النفس والتاريخ والوطن، محطّة للمساءلة والتقييم بعيدا عن أي إحساس بالغرور والفخر المبالغ فيه..
صحيح أن الثورة التحريرية كانت أعظم منجزات الإنسان خلال القرن العشرين، لكن ذلك لا يعني أن نستمر في تبنّي ذلك الخطاب التمجيدي الذي يعمينا عن رؤية حقيقتنا اليوم..
بعد خمسين سنة من الاستقلال، علينا أن نقف مع أنفسنا ونواجهها بدون حواجز أو تزييف بما حققناه وما لم نحققّه، بما كان منتظرا من الاستقلال وما لم يتحقّق على أرض الواقع.
إن استقلال الجزائر سياسيا لم يكن الغاية النهائية في حد ذاتها لمن فجّروا الثورة التحريرية، إنما كان الهدف هو بناء دولة قويّة بمؤسساتها لا تزول بزوال الرجال ولا تقوم فقط على شرعية الثورة التحريرية.
من المؤسف أن يتم التركيز فقط على الجانب الاحتفالي للخمسينية بعيدا عن أي تفكير في الأبعاد القيمية المستمرّة في الزمان والمكان، والتي لا تنتهي بانتهاء الحدث، هذه القيم وحدها هي الإرث المشترك للجميع.. لأنها تطال الروح والفكر وما هو جوهري وعميق في الإنسان.
علينا أن نستغل مناسبة الخمسينية في إعادة تشكيل وعي مواطنينا، وفي تقديم القيم الوطنية للأجيال الجديدة بأسلوب وشكل جديد، مختلف عن الأسلوب النمطي الذي مجّته الألسنة وملّته الأنفس..
علينا أن نعترف بان قطاعا مهما من الشباب لم تعد الوطنية تعني له شيئا، وأن هناك عزوفا عن الخوض في مسائل التاريخ والثورة، وقد استقرّ في أذهان كثير من الناس بأن الثورة وقيمها ومكاسبها المادية والمعنوية هي حكر على الأسرة الثورية والمنتمين لها، ولا يجوز لغيرهم الحديث عنها. ومن ثم كان لهذه النظرة تأثيراتها على قيم المواطنة ، التي تعني تساوي الجميع في الحقوق والواجبات، إذ أدت إلى اختلال في النظر إليهم، وتصنيفهم إلى مواطنين كاملي الحقوق لهم الحق في كل شيء، وإلى آخرين أقلّ منهم شانا وتمتّعا بالحقوق .
هناك تكتم واضح عن الميزانيات التي رصدت للخمسينية، والمبالغ والأغلفة التي رصدت لمختلف نشاطاتها، مثل العرض الإفتتاحي الذي سيشرف عليه عبدالحليم كركلا. ما نخشاه هو أن قداسة الثورة التحريرية ونبل الاحتفال بخمسينية الاستقلال سيجعل مسئولينا يطلقون أيديهم في المال العام دون وجه حق، مستغلين هذه الفرصة لإطلاق برامج وتنظيم فعاليات وأنشطة لا هدف لها سوى صرف المال، معتقدين أن نبل المقصد يجعلهم فوق المساءلة القانونية.
أحمد عبدالكريم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)