الجزائر

أحمد مهساس يفضح الفكر الاستعماري في كتاب بـ«عربية مفرنسة» : باريس وصفت الجزائر ببلد البرك القذرة والتطرف لتبرير احتلالها



أحمد مهساس يفضح الفكر الاستعماري في كتاب بـ«عربية مفرنسة» : باريس وصفت الجزائر ببلد البرك القذرة والتطرف لتبرير احتلالها
تخلى أحمد مهساس عن قبعة المناضل والثوري في كتابه «الحقائق الاستعمارية والمقاومة» الصادر عن منشورات «دار المعرفة»، وتقمص دور الباحث العلمي ليقدم دراسة تفصيلية عن واقع الجزائريين طيلة 130 سنة من الاستعمار في مختلف المجالات التعليم والصحة وغيرها. ويعتبر الكتاب نتاج بحث أنجز لتقديم رسالة «الدكتوراه» في جامعة «السوربون» سنة 1980. وناقش المناضل والثوري بعين الباحث كل صغيرة وكبيرة في طريقة تفكير المستعمر الفرنسي. وكشف زيف الفكر الاستعماري الممتد إلى الفكر الروماني الذي يصف الجزائر على أنها بلد مملوء بالبرك القذرة، حيث الحشرات، أرض يقطنها متطرفون متخلفون يقطعون الطريق ويمارسون القرصنة، ومنهم العرب والبرابرة الذين كانوا يتواجدون بالجنوب وبأعالي الجبال، والذين كانوا يتعاطون لاقتصاد بدائي من أجل العيش ولم تصبح الجزائر مخزنا إلا خلال الاستعمار الروماني وكانت ستعرف الازدهار خلال التواجد الفرنسي. وأثرت هذه الإيديولوجية طويلا على الأذهان، حتى الأذهان المتطورة فكريا على غرار الاقتصادي سمير أمين الذي كتب في القرن 11، هاجت الجماعات بنو هلال، بنو سليم، مكيل واختفت الحملات البربرية للأبد، ودمرت أشغال الري وكذلك القرى، وذلك كلما بدأت المجتمعات القارة في اللجوء إلى الجبال ومنذ ذلك الوقت والمغرب يعكس الصورة المتناقضة الحالية جبال فقيرة مكتظة، عموما بالبرابرة وسكان من المزارعين، في حين بقيت السهول المتواجدة في «الأبيض» المتوسط غير مسكونة وتحت تصرف خرفان الرعاة المتنقلين عرب أو مستعربين وأخيرا، المدن بنفسها، والتي نقصت، بدأت في الزوال وسقط المغرب بأكمله في حالة النعاس. ومع مجيء الاستعمار الفرنسي، رأى الضوء مسارا معاكسا، استرجع قيمتها للأراضي المتواجدة في الأبيض المتوسط، يعيد هنا الكاتب فرضيات الكاتب المستعمرين، مثل فرضية المؤرخ Gautier وقد استعملت فرضية المسؤولية التاريخية للرحل. وفرضية المعارضة الشاملة و«ميتافيزيقية» الرحل والتمارين وفرضية البرابرة والعرب، كلها تستعمل إلى يومنا هذا كسلاح إيديولوجي للتفرقة والحط من المجتمع العربي الإسلامي في إفريقيا الشمالية.

من جهة أخرى، تطرق مهساس إلى أهم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية التي حددت ظروف الجزائريين في الفترة الاستعمارية من خلال دراسة رقمية قارنت بين واقع السكان الأصليين والفرنسيين من حيث الصحة والتعليم والعمل والفلاحة والتمدن، وخلص إلى وجود اختلال في العلاقة بين الجزائريين والفرنسيين الذين تحكموا في مقاليد الحياة. ويعترف مهساس هنا بأن هذا الكتاب ليس دراسة معمقة في حد ذاته للحقائق الاستعمارية؛ ولكنه يتكون من خطوط توجيه للبحث والفهم الموضوعي للوضعية المأساوية التي وجد المجتمع الجزائري نفسه غارقا فيها خلال الفترة الاستعمارية. واستعمل أحمد مهساس في دراسته على مراجع فرنسية وعربية سمحت له بالإلمام بالموضوع، لكن يعاب عليه اللغة العربية المفرنسة التي استعملها، مما جعل الكتاب «عسير الهضم» للذين لا يملكون خلفية عن التاريخ الجزائري أو الفكر الاستعماري.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)