الجزائر


تتراوح الضمانات التي سترافق تنظيم التشريعيات في ماي المقبل، بين توفير صناديق شفافة، و''استدعاء'' مراقبين أجانب. وقد استبعدت السلطات إمكانية دعوة المنظمات غير الحكومية لمراقبة الانتخابات. ومعروف عن مجمل هذه المنظمات أنها لا تجامل، ولا تداهن. وما عدا ذلك، سيستمر العمل بالإجراءات الإدارية والتنظيمية السابقة.الأمل هو أن يعود القطار الانتخابي إلى سكته. والحلم هو أن يتوقف الانحراف في ممارسة الاستشارة، ويتم الابتعاد عن ''نظريات'' الشعب القاصر. ف''النخب السياسية''، منذ عقود، لم تبرز معاني الاحترام لشعبها. عمدت على تجاوزه، في مجمل المواعيد الانتخابية، وأهملته بعد كل نتيجة رسمية.
ماذا سيتغير في ماي 2012؟
مثلا، هل تترفع أحزاب عن قبول ''الضخ في عدد مقاعدها''، بعدما بنت مجدها السياسي عليه، أو أن تقرر أنه حان وقت الجد والعمل، وعدم الاكتفاء بمال النفط فقط في تسيير الدولة والرواتب والمعاشات وتوزيع العلاوات؟
إن التزوير في الانتخابات السابقة، والنقائص التي صاحبت تنظيمها، أو في تأطيرها، هي كالحبل المدلول أمامنا. نرى فيه ذاك ''الثعبان'' الذي لدغنا في إرادتنا ومواقفنا.
لم تكن وعود الرؤساء، والحكومات، أو الوزراء بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة كافية ولا قادرة على صيانة وحماية مصداقية التصويت. فماذا سيتغير في ماي 2012؟
لم تعط تجربة العشرين عاما الأخيرة نتائج في حجم ما جرى. لقد تم تغيير رئيس بطريقة كارثية. ثم تم اغتيال رئيس بشكل جبان. لندخل محنة دموية، أدخلتنا محنة الارتباك النفسي.
إن العلاقة بين الحاكم والمحكوم ما تزال قائمة على الأمر الواقع. أحزاب تسعى وتحاول إرساء ثقافة التعددية، وأخرى تسعى للبقاء حيث هي، في الواجهة، راضية بالقسمة. مناصب من هنا، ومناصب من هناك، ومقاعد هنالك..
قد نحلم بأن تكون انتخابات ماي المقبل مناسبة لربط اتصال مباشر بين عدد الأصوات المعبر عنها مع عدد الأصوات المعلن عنها، من دون وساطة. وقد نحلم ببرلمان شرعي وصاف، يكون هو الآلية لتغيير حقيقي..
إن التخوف من فكرة ''المجلس التأسيسي'' قد تبرره طموحات شخصية، أو حسابات مجموعات. ويمكن رفضه من مبدأ وجود بديل أحسن وأفضل يضمن توافقا وطنيا. لكن الحساسية المفرطة التي تبديها أطراف سياسية من المبادرة، تجعل الملاحظ غير المعني بممارسة الحكم يتساءل، وتزداد شكوكه.
كلما نحاول التركيز حول المستقبل، يلاحقنا الماضي.. ولا يمكن فصل ما سيأتي من مواعيد سياسية عما جرى من ترتيبات وإجراءات، سواء كانت في شكل مشاورات، أو كانت لقاءات وقوانين. فتلك مراحل حددت وجه الطريق. فماذا سيتغير بعد ماي 2012؟
إن الأحلام حيوية. بها نتنفس. هي أداتنا في مقاومة الغش وفي إبطال مفعوله. وهي وسيلتنا للتعبير عن مواقفنا. هي المرآة التي ننقل بها زيف الواقع، الذي خلقته سياسات الأمر الواقع. هي أحلام بسط الشرعية على أنقاض الإكراه.
[email protected]


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)