الجزائر

أحلام مع وقف التنفيذ



يراودني هذه الأيام حلم أن أكون رئيسا للجمهورية الجزائرية ولو ليوم واحد. قد يعتبرني الكثيرون منكم بأني مجنون، ولكن لا أحد بمقدوره مُصادرة الأحلام، فأنا ولله الحمد جزائري ابن جزائري، ولا يوجد ما يمنعني دستوريا من تقلد زمام قصر المرادية.
ولكن لماذا يختانني هذا الحلم الغريب ؟ وماذا بوسعي أن أفعل في هذه المدة المحدودة لشعب أصبح لا يكف عن الطلبات والرغبات، وكأني به جهنم ليس في لسانها إلا هل من مزيد ؟.. أعترف بأن المهمة صعبة جدا، غير أني على يقين بالجهة المقابلة لهذه الصعوبة بأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
أول قرار سأدشن به مهامي وأمارس به صلاحياتي الرئاسية، هو قرار جمهوري بتعديل الدستور، وبشكل خاص المادة التي تحدد العهدات الرئاسية، حتى نعود إلى مصاف الدول الديمقراطية التي تعتمد في أساس حكمها على تداول السلطة، ونبذ أساليب الحكم الأبدي، والجلوس في كرسي الرئاسة إلى غاية خروج الأنفاس الأخيرة، أو ثورة شعبية على حين غفلة، تنتهي بالهرب إلى قصور آل سعود في جدة مثلما حصل لزين العابدين، أو الخلود في سجن طرّة الذي يتهدد مبارك وأفراد عائلته.
القرار الثاني الذي لن أتردد في اتخاذه، هو فتح مجال السمعي البصري، حتى أشفي غليل 40 مليون جزائري نقموا على اليتيمة ومسؤوليها، وسئموا من رداءة برامجها وبلاطوهاتها البالية، وصورها المقززة، والبيروقراطية التي تطبع خط افتتاحيتها، لدرجة أن السواد الأعظم من الجزائريين أصبحوا يتورعون عن مشاهدتها، بل منهم من حذفها نهائيا من قائمة القنوات المفضلة لجهاز استقباله وشعارهم في ذلك ''ما تشوف عين ما يتألم قلب''.
هناك قرارا آخر سأتخذه وأجزم أنه سيسعد جُل الجزائريين، وهو حل البرلمان الذي احترف بعض أعضائه النوم في الكراسي، ورفع الأيادي مقابل امتيازات مالية شهرية تمثل أكثـر من 20 مرة ضعف الحد الأدنى للأجر المضمون لجمهور الزوالية والغلابى، مهملين دورهم الرقابي للحكومة، مرتمين في أحضان السلطة لتحقيق نزواتها وأوامرها.
وقبل أن يسرقني الوقت سأنتهز صلاحياتي لأصدر قانونا أجرم فيه الاستعمار ووحشيته، نكاية في ساركوزي ووزير خارجيته آلان جوبي وكل أتباعهما من أبناء فرنسا، ممن يرفضون مجرد الاعتراف بالماضي الوحشي والدموي للمستعمر، الذي قتّل وشرّد الجزائريين، ونهب ثـروات بلادهم، وحُجتهم في ذلك عدم جدوى اجترار الماضي والتوجه للمستقبل، مستبيحين لأنفسهم ما يُحرمونه على غيرهم، كيف لا وقد سابق برلمانهم إلى المصادقة قبل سنوات على قانون يُمجد فترة الاستعمار.
عندي أمان كثيرة تختلج في صدري، ولكن أكتفي بإجراء أخير أختم به يومي الرئاسي، وهو أن أشهر استقالتي قبل انقضاء الأربع وعشرين ساعة من عُمر عهدتي، حتى يكون هذا الموقف أُسوة لكل الحكام والزعماء العرب ليتركوا أماكنهم طواعية لغيرهم ولا يستأثـروا بها ويورثوها لأبنائهم وأحفادهم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)