الجزائر

أحداث 11 ديسمبر 1960 المنعرج الحاسم للاستقلال



اعتبر الأستاذ الجامعي حسين عبد الستار أمس، مظاهرات 11 ديسمبر 1960 بأنها شكلت نقطة الانعطاف في مسار الثورة التحريرية كونها قطعت شهية مشروع «الميتروبول» الفرنسي في الجزائر التي استعادت من خلالها سيادتها الوطنية.وفي مداخلة ألقاها أمس، بالمتحف المركزي للجيش، بمناسبة إحياء الذكرى ال 58 لمظاهرات 11 ديسمبر 1960، قال الأستاذ المحاضر بجامعة بوزريعة إنه يفضل أن يسمي ما حدث في هذا التاريخ بأنه انتفاضة وليس مجرد مظاهرات أو أحداث لأنها تدخل في صميم إستراتيجية جبهة وجيش التحرير الوطنيين، اللذين قال إنهما خططا من قبل وبالتحديد في ثالث اجتماع للمجلس الوطني للثورة الذي عقد نهاية ديسمبر 1959 وبداية جانفي 1960 بالانتقال إلى المرحلة الثالثة، وهي مرحلة إشراك الجماهير في الثورة عبر انتفاضة شاملة، بعد مرحلة ثانية تعني إقامة مناطق محررة على الحدود الجزائرية.
وقال إن الملاحظات التي قدمها أعضاء مجلس الثورة حينها تحولت إلى تعليمات وأوامر، ومن أهمها إنشاء ما يسمى بقوات طلائعية وتدريبها سياسيا وعسكريا من أجل اجتياز خطي شال وموريس. والقرار الثاني المهم الذي تحدث عنه المحاضر يتعلق بالعمل على التحضير للمرحلة الثالثة عبر تعبئة الجماهير الشعبية للتوجه إلى الانتفاضة العارمة.
وأوضح أنه تم تكليف لجنة وزارية للحرب، منحت لها مهمة إنجاز تقرير دقيق جدا حول مدى استجابة وقابلية الشعب الجزائري في المدن والقرى للقيام بالمظاهرات والانتفاضة، ضمت أربعة قياديين وهم عبد الحفيظ بوصوف وسيدي عبد الله بن طوبال وعبد الحميد مهري وكريم بلقاسم، نشطت لأشهر في سرية تامة من أجل إنجاز لجان تأطير وتكوينها تكوينا سياسيا لتسيير هذه المظاهرات ولجان إسناد، كان هدفها صناعة الأعلام الوطنية وصناعة اللافتات وتخزينها في مناطق الانطلاق أو قريبة من مناطق التجمع.
وهو العمل الذي تم في شهر أوت من عام 1960 حيث قدمت اللجنة تقريرها إلى قيادة الثورة، متضمنة إياه مؤشرات إيجابية على التوجه إلى المظاهرات والانتفاضة العارمة التي تجسدت في مظاهرات 11 ديسمبر 1960.
وأضاف أن هذه المظاهرات حظيت بتغطية إعلامية واسعة خاصة لدى الصحافة المكتوبة إلى درجة جعلت أحد الضباط الفرنسيين يصفها بالقول إن «ساعة الحقيقة قد دقت وإن الدملة قد فقعت بعد أن نضجت طيلة ست سنوات وأن الثورة الجزائرية شعلة تذيب الجليد»، وهو ما اعتبره المحاضر وصفا دقيقا لهذه المظاهرات ومن ورائها ثورة التحرير. وقال في هذا الصدد إنها غيّرت الكثير من المفاهيم الاستعمارية وطهرت الجزائر من المجتمع الكولونيالي البغيض وأسست لمجتمع جزائري أصيل في دينه ولغته وتقاليده، بل وطهرت إفريقيا كلها من الاستعمار وكسرت فرنسا الاستعمارية من عليائها وكبريائها.
وأكد أن الجنرال ديغول نفسه أيقن بعد هذه المظاهرات فشل كل مشاريعه الاستعمارية التي جاء بها ودفعته مضطرا إلى الحديث عن حل تفاوضي وذلك بعد تصريحه المعروف في 16 سبتمبر 1959 الذي تضمن تقرير مصير الجزائريين. وقال قولته الشهيرة في أول اجتماع لهيئة الأركان الفرنسية بعد مظاهرات 11 ديسمبر وهي «يجب إيقاف الحرب في الجزائر لإنقاذ فرنسا» في إقرار منه بأن فرنسا كانت تتجه إلى حالة اللااستقرار وكادت أن تشهد حربا أهلية بسبب اختلاف وجهات النظر سواء في أوساط الجيش أو القيادة السياسية الفرنسية فيما يتعلق بالمسألة الجزائرية.
من جهته، أكد المجاهد عبد القادر بوروبي في شهادة حية أن أولى شرارت مظاهرات 11 ديسمبر انطلقت من حي بلكور الشعبي بقلب العاصمة قبل أن تعمم إلى باقي الأحياء ثم إلى مختلف أنحاء الوطن.
وأكد أن هذه المظاهرات أعطت دفعا قويا، بل أكثر من ذلك منحت الشرعية للحكومة المؤقتة التي كان وفدها يتواجد حينها بمقرر الأمم المتحدة في مهمة لإسماع صوت المسألة الجزائرية في أروقة المنتظم الدولي رغم المساعي الفرنسية بإظهار أعضاء الوفد على أنهم «إرهابيون» لا يمكن التفاوض معهم.
وقال المجاهد إن اللافتات التي حملها أطفال وشباب ونساء ورجال تنادي بالحكومة المؤقتة وتطالب باستقلال الجزائر فاقت توقعات قيادة الثورة التي استغلت المظاهرات لتؤكد أنها مخولة من قبل الشعب الجزائري للتفاوض باسمه وفضحت ادعاءات فرنسا التي زعمت أن ما يحدث في الجزائر مسألة فرنسية داخلية.
للإشارة، تضمن إحياء الذكرى عرض شريط وثاقي مصور تحت عنوان «نوفمبر .. الطريق إلى النصر» من ثماني دقائق، تطرق إلى أهم محطات ثورة التحرير، كما قام مدير المتحف العقيد مراد شوشان بتدشين معرض للصور خاص بهذه المظاهرات.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)