الجزائر

آيت أحمد عائد



لا أدري إلى أي مدى استفاد حزب ”الدا الحسين” من تجربة السنوات السابقة، وبالتحديد من تجربة معارضته لوقف المسار الانتخابي لسنة 1992، التي انتقدها بشدة وقاد حملة ضدها في الداخل والخارج؟
الأفافاس يعود من جديد إلى المشاركة في الحياة السياسية وبالتحديد في البرلمان، بعد مقاطعة استمرت أزيد من عشرين سنة، ليس للمشاركة فقط في صياغة دستور جديد للبلاد، المطلب الذي رفعته الجبهة قبل وبعد التعددية، ومازالت تناضل من أجل تحقيقه إلى اليوم، وإنما أيضا لإخراج البلاد من الأزمة أو مثلما عبر عنه سكرتيرها الأول، علي العسكري، بعد أن وصلت البلاد ”أمام جدار وتواجه خطر الانفجار”.
موقف الأفافاس هذا يستحق الاحترام، بل ويمحي من أذهاننا موقفا مغايرا وقفته جبهة ”الدا الحسين” غداة إلغاء المسار الانتخابي الذي خلص البلاد من مصير بشع كانت ستؤول إليه لو مسك التيار المتشدد بمقاليد الحكم، ولعمت الفوضى أكثر من تلك التي تعيشها الآن مصر، ولما كنا تقدمنا خطوة إلى الأمام.
وعندما يقول آيت أحمد على لسان علي العسكري أن حزبه يريد حماية البلاد من الانفجار، فهذا موقف يحسب له، ويجبرنا على الانحناء احتراما له، وهي مسؤولية وطنية قلما توجد الآن في الأحزاب الراكضة نحو الكرسي.
وإذا كان هذا هو العمق النابع منه موقف الأفافاس، وهذا هو الخطاب الذي سيوجهه إلى الناخب خلال الحملة الانتخابية، فإن موازين القوى لاشك ستختلف، لأن الأفافاس سيصنع الاختلاف لا محالة، وسيحرم الأحزاب المتشددة من وعاء انتخابي، ومن الناخب الذي ينتخب عليها معاقبة للسلطة، لأن الأفافاس، المعارض التقليدي للحكم، سيحصد الكثير من الأصوات الناقمة على الوضع. وربما أيضا سيعطي الانتخابات نوعا من المصداقية ما دام سيحرض على المشاركة، لأن الناخب سيجد حتما خطابا مغايرا لما تعوّد عليه في السابق.
القضية الأخرى التي تحدث عنها سكرتير جبهة القوى الاشتراكية، أمس في صحيفة ”الخبر” والتي تحمل الكثير من المعاني الإيجابية هي قوله إن آيت أحمد قد يدخل إلى البلاد عشية الاحتفال بخمسينية الاستقلال. نعم، لم يكتب للرجل العيش فوق تراب الوطن، الذي ناضل ودفع الثمن من أجل تحريره، لأسباب أو لأخرى، لكن هذا لا يمنع الزعيم التاريخي من العودة إلى جذوره التاريخية وما أحوجنا إلى أناس نختلف معهم بعقلانية ونتفق ونعود إليهم ويعودون إلينا بعقلانية أيضا، وعندما نضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، وفوق الطموحات والمآرب الشخصية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)