مستغانم - Théâtre

المسرح مستغانم

عدد القراءات : 9035


هذا القسم مخصص لـ المسرح إذا كان لديكم معلومات أو تعليقات حول هذا الموضوع، لا تترددوا في إبدائها. هذ الفضاء مفتوح لحرية التعبير ، ولكن بهدف إيجابي شكرا لكم على المشاركة



اعتمد كاكي في أعماله المسرحية على استقاء التراث من خلال استلهام الحكايات الشعبية، إلا أنّه جردها من أبعادها الزمنية والمكانية، وحاول من خلالها أن يرصد الواقع، ويقدم له معالجة قد تكون هي الحل الأصلح، لذا فقد حوّر بالأحداث الأساسية، وبدّل بالشخصيات بما يتماشى مع تأكيد فكرته التي تصورها، والتي عالج فيها قضايا راهنة ،واستخدام الحكاية الشعبية أو الأسطورة عند كاكي له أكثر من مغزى؛ ولعل أهمها محاولة تأصيل الظاهرة المسرحية، التي يمكن أن تتحقق عن طريق شدّ انتباه المتفرج، والتفاعل معه، والتأثير فيه، لذا فقد ركز على الحكاية الشعبية، التي قد تكون قناة من قنوات التجريب عند كاكي، وحاول من خلالها إيصال الفكرة، لأن المشاهد قد يعرف الخطوط العامة للحكاية، مما يجعله على وعي تام بما يجري على خشبة المسرح، مع تركيزه على الإضافات، واستيعابها، مما يجعلها تدخل في دائرة الوعي أيضاً، أضف إلى ذلك أن استخدام الحكاية قد يحقق له قدراً أكبر من المساحة للتعبير والمعالجة، وللتحليل والمنافسة بعيداً عن عيون الرقابة، وأجهزة السلطة.‏ نخلص إلى أن اتجاهات التأصيل في المسرح الجزائري سواء تلك التي اعتمدت على الاستمداد من الواقع، أو التي اتخذت التراث وسيلة للتعبير، عن طريق الاستعانة بالشخصية التراثية، وخلقها خلقاً عصرياً، أو عن طريق الاستعانة بالحدث، قد ارتبطت بالبيئة عن طريق الالتزام بقضايا الجماهير، واتسمت بوضوح الرؤية الفكرية والاجتماعية، وواكبت العصر في تغيره الدائم، ودلت على وعي عميق، وجرأة واضحة، ضمن رؤية كلية شاملة، أدركت أبعاد الواقع، وحاولت أن تكشف أسباب الحقيقة الكامنة وراء ظواهره، ومع وضوح الهدف والغاية فقد لجأ المسرحيون على الصعيد الفني إلى استخدام بعض أساليب المسرح الغربي لتحقيق عملية التواصل مع المشاهد العربي، إلا أن ارتباط هذه المسرحيات بالواقع لم يكن مباشراً؛ إذ أحجمت أكثر هذه المسرحيات عن تسمية المكان، أو تحديد الزمان، واعتمد بعضها على الرمز الشفاف في التعبير عما يرمي إليه الكاتب.‏ ومما يلاحظ أيضاً أن هذه المحاولات الجادة لتأصيل المسرح الجزائري، لم تقدم أساليب فنية جديدة، بل اعتمدت على المعطيات السائدة في الغرب؛ لذا فإننا نستطيع أن نقول: إن عملية التأصيل من ناحية الصياغة الفنية قد أقيمت على أساس قواعد المسرح المتبعة في العالم، واكتفت بتركيزها على الموضوعات السياسية والاجتماعية والفكرية التي تهمّ المواطن الجزائري.‏ في مسرح كاكي هناك توضيح لبنية النص السردي،بديل عن الشخصية المحورية في المسرحية و هو الأساس في البناء الدرامي عند كاكي، إلا أن هذا الأخير لا ينفي أهمية الفعل فالمسرح فعل و كلمة و ليس كلمة فقط. يصر كاكي وبإلحاح على توظيف الأشكال الشعبية، و عملية استدعاء الحلقة، الراوي (القوال أو المداح) تلبي حاجة ملحة لإعادة النظر في النوع المسرحي ،وتعبر عن رغبة في القطيعة مع نمط ترتيب السرد والفضاء المسرحي الحالي الذي يرزح تحت كثير من الجمود والثقل، لقد أدمج كاكي الحلقة (البنية الدائرية) والقوال (الراوي) في تشكيل نصوصه المسرحية، لكن هذه الأشكال سرعان ما تتحلل في غياب فضاء مفتوح وعالم أكثر استقبالاً وتلقياً. إن كاكي مسرحي واقعي شاهد على عصره ومهتم بقضايا مجتمعه ،لم يدخر جهدا في التعبير عن معاناة الإنسان العربي في كافة المجالات ،فكانت الشخصيات التراثية معادلات موضوعية لملامح الواقع الاقتصادي و الثقافي و السياسي والاجتماعي ،وتميزت شخصيات كاكي بالازدواجية فكل شخصية تحمل نقيضها في داخلها ،خاضعة لمنظومة الخير و الشر ،وساعدت التقنيات المستخدمة في التوظيف على تعميق الإحساس بسلبيات الواقع ،فيخالف العتاد في تناوله لبعض الشخصيات منطلقا مما يعد سقطة ونقطة سوداء في تاريخ الشخصية التراثية دون تجريح. لقد ساعدت مواد التراث الشعبي المستخدمة في مسرح كاكي على تصوير البيئة المحلية للمجتمعات الشعبية،وطبيعة تفكيرها ،ومعتقداتها ،كما عبرت الأمثال و النكت الشعبية عن نقد وسخرية بطريقة مؤثرة في القارئ والمتفرج ،وعمقت الأغاني الشعبية (أغاني المداح وأغاني الجماعة) في الإحساس بمادية العالم الجديد فهو عالم خال من الجماليات و الروحيات ،وأضفت العناصر التراثية نوعا من الشوق و الحنين إلى أيام الوداعة و العفوية . استطاع كاكي من خلال توظيفه للمعتقدات الشعبية تصوير عجز الطبقات الشعبية عن مواجهة مشكلات الحياة وصعوبتها فاستعانت بطرائق مختلفة لحل مشكلاتها ،كأن تلجأ إلى الاستنجاد بأولياء الله الصالحين ،ويمكن أن نستنتج أن توظيف العناصر التراثية و الأسطورية في مسرح كاكي كان له دور درامي كبير تمثل في مايلي : تفسير حوادث المسرحية. تأكيد الفكرة العامة للمسرحية. الكشف عن طبيعة العلاقات بين أفراد المجتمع الذي تعيش فيه الشخصيات. إمتاع الشخصية بفكرة ما عن طريق التراث الشعبي . أما (المداح)القوال و الأغاني الشعبية فكان دورها يتجلى في : التمهيد للفعل الدرامي وتكثيفه تعميق الإحساس بواقعية المسرحية وإقناع المتفرج بذلك. التعبير عن المفارقة بين الواقع الذي تحلم به الشخصيات والواقع المعيش. تصوير الحالة النفسية للشخصية. أما النكت الشعبية في المسرحية فقامت بدورها الدرامي المبني على النقد والسخرية في تصوير واقع الشخصيات وأفاد ذلك في : إثارة التشويق لدى المتفرج. التمهيد بصورة واضحة ومقنعة لحوادث المسرحية. خلق الإحساس بواقعية ما يشاهده المتفرج . تصوير واقع المجتمع الشعبي الجزائري الذي تعيش فيه الشخصيات من كافة الجوانب. وبهذا يتضح أن كاكي سخر معظم مواد التراث الشعبي ليمنح مسرحياته عمقا وجاذبية لا يمكن تجاهلها ،فأضفت مواده تلك على مسرحياته واقعية قربتها من أذهان الناس ومشاعرهم وأدت مواد التراث الشعبي في مسرح كاكي وظائف درامية متعددة، عبرت بصور مختلفة عن أفكار الشخصيات و أحلامها وطبيعتها ،كما لعبت أشكال الفرجة الشعبية دورا فنيا حرض المتفرج على المشاركة و الفعل ، واتضح من خلال البحث بروز التراث في مسرح كاكي واضطلاعه بدور الناقل و الناقد لمضمون مسرحياته و المساعدة على تقريب ذلك المضمون من أذهان الناس.
سيدأحمد قوبة - فنان - مستغانم - الجزائر

27/01/2013 - 67327

Commentaires

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)



لا يوجد أي مقال










لا يوجد أي إعلان










لا يوجد أي مؤسسة









لا يوجد أي مقطع فيديو










لا يوجد أي مقطع موسيقي








لا يوجد أي رابط