قسنطينة - COMMUNES

هل الإسلام عقيدة أم إيديولوجيا؟



هل الإسلام عقيدة أم إيديولوجيا؟

و هل وجب أدلجة الإسلام لمواكبة التطور ؟


لقد جعلت بعض التيارات الإسلامية في العالم العربي و الإسلامي الإسلام إيديولوجيا و ليس دين و عقيدة فقط ، بحيث اهتمت بشكل مبالغ فيه بالجانب السياسي و دخلت في صراعات مع الأحزاب العلمانية من أجل الحكم، و إن كان من حق التيارات الإسلامية أن تطالب بأن يكون الحكم في بلادها حكما إسلاميا طالما الدساتير العربية أقرت بأن الإسلام هو دستور البلاد، لكن الخطأ التي وقعت في الأحزاب الإسلامية هي أنها لم تعتمد على المنهج النبوي و الرسالة المحمدية في مخاطبة الآخر ​


فالرسول صلى الله عليه و سلم قضى زمنا طويلا ( 23 سنة) و هو يصحح العقيدة و يدعو الناس إلى الإسلام و التوحيد، و لم يستعمل خطاب العنف و التهديد، كما قسم النبي الدعوة الإسلامية إلى مراتب و درجات، فركز على الجانب العقائدي لنشر دين التوحيد دون أن يهمل الجانب الذي يعتبر الأساس في دعوته كتهذيب الأخلاق و المعاملات من أجل تحقيق الفضيلة، و أمام التغيرات التي يشهدها العالم و ظهور منظومات فكرية و عقائدية و تيارات سياسية معادية للإسلام باسم الحداثة و العصرنة ، بات من الضروري أن تؤخذ الأمور بطريقة عقلانية و أن تتكيف هذه الأحزاب مع الواقع ، و تتبنى الحوار العقلاني ، لأنه لكل عصر خصوصياته، و هذا من خلال معالجتها للمسائل و القضايا الحساسة بعقلانية و وعي سياسي كمسألة الديمقراطية و الحريات كخروج المرأة إلى العمل، و كل الظواهر الإجتماعية التي أدت إلى تفسخ الأسرة، أمام ما يعرضه الغرب الكافر من مغريات تجعل الشباب ينجرف وراءها ، ذلك عن طريق الغزو الثقافي مستعملا الإعلام كوسيلة للتأثير فيه، كما أن فالتظاهرات التي ينظمها الغرب كاتفاقيات التوأمة بين الغرب و العرب من أجل التبادل الثقافي، هي من أجل التغريب و الفرنجة، و هو مشروع استعماري ، لدليل على مستوى الانحطاط الفكري و السياسي الذي وصلت إليه الأمة الإسلامية، لأنها لم تعمل على وضع الآليات الكفيلة لاستقطاب الشباب و إعادته الى الطريق الصحيح، و على سبيل المثال من الصعب على أي حزب سياسي إسلامي و في أي بلد اليوم، أن يغير ذهنية الشباب المغترب خاصة جيل ما بعد الجيل الثالث لأنه متأثر بالحياة الغربية ، لأن الفكر الغربي عشّش في ذهنه ، و من الصعوبة بمكان إصلاحه ، ففي الضفة الأخرى يجد المسلم المغترب الحرية التي طالما حلم بها في بلاده و لم يعثر عليها، و قد ذهب المفكر الإسلامي شكيب أرسلان إلى تسليط الضوء على الصراع بين ما أطلق عليه اسم الجامد و الجاحد، و قال أن الأول هي الفئة التي لا تريد أن تغير شيئا مهما كان مستوى التطور و التقدم الذي بلغه العالم، و لا ترضى بإدخال تعديلات على أصول التعليم الإسلامي و الثانية وهم دعاة "الفرنجة" حيث تطالب هذه الفئة ( الجاحدة) بترك الماضي و العيش في الحاضر، لأن مجتمع النبوّة في نظرها مجتمع رجعيٌّ منغلق على ذاته، و هو يختلف عن المجتمع العصري أمام ظهور الرقمنة و التكنولوجيات الحديثة، لكن الواقع يعكس ما تفكر به هذه الفئة ، لأن هناك مجتمعات رغم تطورها و تقدمها علميا حافظت على قوميتها ( الصين و اليابان).



لقد حاولت العديد من الأقلام الإجابة على سؤال إن كان الإسلام عقيدة أم إيديولوجيا؟ في ظل الصراع القائم بين الأصوليين و الحداثيين ، إذ يرى التنويرون أنه من الضروري إعادة قراءة النص الديني و تفكيكه ، و أمام الفتاوى التي تطلق هنا و هناك و اختلاف الخطاب الديني بين العلماء و الفقهاء ظهر ما يسمى بالإسلام السعودي و الإسلام الإيراني و الإسلام الإخواني المصري، و الإسلام الأفغاني، هذا الأخير الذي تمكن من خلق قوة إسلامية و بسك جذوره في عديد من البلاد العربية و بخاصة في الجزائر، كما أصبحنا نقرأ عن إسلام ابن تيمية و إسلام الألباني و إسلام الشيعة و إسلام السُنّة، حول هذه المسألة بالذات يلاحظ أن القاسم المشترك بين الشيعة و السنّة هو أن كلاهما يعتبران الإمام البخاري مرجعية ، و هنا نتساءل اين الإختلاف بينهم، فهل هناك بخاري سُنِّي و بخاري شيعي؟ طبعا هناك بخاري واحد، فلماذا الإختلاف و الانقسامية إذًا ؟، هذه الإشكالية أعطيت لها أبعادا فكرية عبر القنوات الفضائية ( قناة صفا مثلا) التي تستعمل الخطاب الهجومي الغير معتدل، و الإيديولوجية كما عرفها المفكرون هي علم الآراء و الأفكار، التي تُبنى منها النظريات والفرضيات، كما هو الشأن في مفهوم الاشتراكية و الشيوعية، حيث يعتبر البعض الأولى أي الاشتراكية نظام اقتصادي في حين يرون أن الشيوعية إيديولوجية، و يرى آخرون أن الإيديولوجيا ارتبطت بالإسلام بعد ظهور الإسلام السياسي، و تحاول اطراف أن تربط الديمقراطية بالإسلام على أساس أن الديمقراطي تعني الشورى و الإسلام دين شورى، و لذا يرى محللون أن الفصل في إشكالية الإسلام دين أو إيديولوجية، وجب معرف ماهية النظام الإسلامي هل هو نظام سياسي كباقي الأنظمة السياسية في العالم العربي و الغربي، أم هو نظام ديني يعني لا يخرج دوره عن دُورِ العبادة ( المسجد)، أي ان يكون خطابه خطاب نصح و تهذيب و إرشاد و لا شأن له بالسياسة و لذا قال هؤلاء أن أدلجة الإسلام هو تقزيمٌ له، إن ما ذهب إليه البعض هو أنه يرى الإسلام في الزيّ و قالوا انه يعبر عن الهوية، صحيح اللباس يعبر عن الهوية عندما يكون لباس موحدا ، خاصة في المجتمع المسلم، فما نلاحظه هو تعدد الألبسة حسب خصوصية كل مجتمع، وحسب الزمان و المكان ، ففي الجزائر مثلا نجد الرجل في الريف يضع على رأسه "شاشا " و لما يذهب إلى الخارج ينزعه، لذا يمكن القول اننا أمام تعدد هويات ، ماعدا المجتمع الإباضي فهو معروف بزيه الموحد و هو يعبر عن هويته و نجده يعتز بها حتى لو سافر إلى بلاد الغرب.

علجية عيش



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)