تاريخ بلدية الجمعة بني حبيبي
بلدية الجمعة بني حبيبي
الإنتماء الإداري
البلد الجزائر/ الولاية جيجل / الدائرة العنصر
معلومات جغرافية
المساحة 48.75 كم² / السكان ا 14353 نسمة سنة الإحصاء 2008/ الرمز البريدي 18029
لمحة تاريخية
1. أصل التسمية :
اسم الجمعة بني حبيبي هو اسم مركب من العبارتين الجمعة و بني حبيبي ، أما الجمعة بفتح الجيم فهو في الحقيقة يوم الجُمعة، و قد اقترن هذا اليوم بهذه المنطقة نسبة إلى السوق التي كانت تُقام بها في هذا اليوم من كل أسبوع، حيث يلتقي سكان المناطق الأخرى بالسكان المحليين يبيعون و يبتاعون و يتبادلون المنتجات الفلاحية و النسيجية و غيرهما، كما أن هذا الملتقى كان عبارة عن فرصة للتعارف و تبادل الأخبار حيث لم تكن وسائل الاتصال متوفرة كالآن، و يعود هذا التقليد في المنطقة إلى ما قبل القرن التاسع عشر و لا يزال إلى يومنا هذا، و أما عن الشطر الثاني بني حبيبي فهو اسم التجمع القبلي الذي عاش في هذه المنطقة من القرون الوسطى إلى عهد البايات العثمانيين ثم إلى ما بعد ذلك، و لا تزال بعض العائلات البالغ نسبها إلى هذا الأصل تعيش في هذه المنطقة إلى اليوم
.
2. فترة العصور البدائية :
منطقة الجمعة بني حبيبي هي جزء من امتداد جغرافي ذو أصل واحد يسمى بقبائل الحدرة أو القبائل الصغرى، يمتد من واد بوغريون في خليج بجاية إلى منطقة رأس العشايش غرب القل، و يمكن ان نمثل هذ الامتداد الجغرافي بولاية جيجل بحدودها الحالية أو أكثر من ذلك بقليل. هذه المنطقة في معظمها عبارة عن سلاسل جبلية كثيفة الغابات، كانت في الماضي مليئة بالوحوش كالأسود و النمور و الضباع ما جعل الإنسان ينفر من هذه المنطقة و لا يعمرها، رغم هذا لا يمكن النفي بأنه عاشت في هذه المنطقة بعض التجمعات القبلية البدائية.
3. فترة العهدين الفينيقي و الروماني :
إن انعدام المراجع التي تتحدث عن تاريخ هذه المنطقة في العصر القديم يجعل الحديث في هذا الموضوع صعب جدا و يخلي المجال لاستنباطات أو بالأحرى تكهنات بوجود حياة من عدمها في هذه المنطقة في العصور القديمة، لكن بعض المعطيات تكاد تجعلنا نسلم بأنه على الأقل في وقت ما بين العهدين الفينيقي و الروماني استقر الإنسان في هذه المنطقة و عمرها، و دليل ذلك بقايا قبور على النمط الروماني في منطقة مرفوعة و يسميها السكان المحليين بلهجتهم العامية لقبور دي الجوهالا أي قبور المجهولين، لكن للأسف لحق بها الضرر عندما أقيمت بها مستثمرة فلاحية حكومية في السبعينات من القرن العشرين، و يقال كذلك أن في منطقة القعدة و بالضبط في المنطقة المسماة البطاحي توجد بعض آثار بنايات قديمة مدفونة تحت الأرض حيث أن الموقع غطته الأتربة شيئا فشيئا بفعل السيول، و يقال كذلك أنه توجد بقايا ممر روماني كان يربط البحر بالمناطق الداخلية عابرا غابات و أحراش بني حبيبي و بني فتح قرب واد يرجانة، هذه البقايا على شكل أحجار متراصة مغطاة بالأتربة، و في انتظار دراسة انتربولوجية معمقة نستخلص أنه قد وجد الإنسان في هذه المنطقة منذ القدم لكنه لم يعمرها بالشكل الذي يترك بصمات واضحة على التاريخ.
4. فترة ما قبل العهد الفرنسي :
أهم المراجع التي يمكن الاعتماد عليها في دراسة تاريخ المنطقة في هذه الفترة هي المراجع الاستعمارية، لأن الفرنسيين اعطوا وصفا دقيقا لما وجدوا عليه السكان عندما احتلوا هذه المناطق، و قد خلص المؤرخون إلى أن نمط حياة سكان هذه المناطق لم يتغير منذ عصر الفتوحات الإسلامية إلى ما قبل رحيل الفرنسيين مرورا بعصر الدويلات الإسلامية فالعهد العثماني، و هذا مقتطف مما نُشر في الجريدة الرسمية الفرنسية عام 1867 عن بني حبيبي : خريطة
تقع قبيلة بني حبيبي شرق مدينة جيجل، و تبعد عنها بحوالي 40 كم. تبدأ أراضيها من الضفة اليسرى للوادي الكبير، و تأخذ في الارتفاع إلى القرب من جبل سدات. مساحة أراضيها 7491 هكتارا، يحدها من الشمال عرشي بني بلعيد، الجناح و بني صالح، و من الغرب بني يدر و بني معمر، و من الجنوب بني عيشة، بني فتح و بني يدر، و من الشرق تايلمام و بني مسلم. تربتها خصبة على العموم رغم وعورة تضاريسها المملوءة بأشجار الفلين و الزيتون، أما أشجار الفواكه فقليلة. أعيان القبيلة يقولون أن أصلهم من المغرب، و لم يخضعوا للأتراك، كما لم يستسلموا للفرنسيين إلا بعد حملات 1851، 1852 م، عددهم 2349 نسمة، يسكنون 502 كوخا، يعيشون من الفلاحة و تربية الحيوانات و النحل، أهم منتوجاتهم الشعير و القمح و الذرة بجميع أنواعها و زيت الزيتون و البقول و غيرها. كانوا يحرثون الأرض بحوالي 125 محراث، و يملكون 161 من الخيول و البغال، و حوالي 1179 رأسا من البقر، و 4690 من الماعز و الغنم و 91 خلية نحل. هذا وصف الفرنسيين لقبيلة بني حبيبي عام 1867 م، و هو حسب المؤرخين نفس حال القبيلة قبل ذلك بقرون، و إنما تغيرت الأرقام فقط.
يمكن أن نفهم مما سبق أن السكان الذين عمروا هذه المناطق كانوا يعيشون بالنمط العشائري، و هو نمط تقليدي بسيط يكون فيه الحكم لأعيان القبيلة فيما يخص القضاء و النزاعات و العلاقات الخارجية. ويبدو أن سكان بني حبيبي من فروع قبيلة كتامة البربرية، اختلطوا شيئا فشيئا بالعرب بعد القرن الثاني عشر الميلادي عندما قدم الموحدون المغاربة لتحرير مدينة جيجل عام 1153 م، فاستقر معهم عدد من الفقهاء لغرض التعليم، و نستطيع أن نذكر أحدهم يدعى احمد العابد، و هو شريف مغربي من نسل عبد السلام بن مشيش، تقول عنه الروايات المتواترة أنه قدم من المغرب مبحرا في بداية القرن الثالث عشر الميلادي، و استقر في مكان قرب قبيلة الجناح، لكنه هجرهم بعد فترة لأنهم آذوه و انتقل جنوبا نحو قبيلة بني حبيبي حيث وجد مستقره عندهم، و التف حوله السكان و أقاموا له جامعا يُحفظ فيه الناس القرآن و يعلمهم تعاليم الدين الاسلامي، و كان على ذلك حتى وافته منيته نحو 1281 م، فقبروه داخل جامعه، و لا يزال ضريحه المتواجد بجبل حيان مزارا إلى اليوم، هذا و قد دُفن في نفس الجامع إبنه محمد الذي توفي بعده بحوالى عشرون عاما. و من بين من أخذ عنه العلم شاب من بني حبيبي يقال له البصير (لبصير) الذي سار على طريق شيخه و زادها من التصوف، فكان يوصف بالتدين الشديد و الزهد.
من أهم ما ميز قبيلة بني حبيبي عن القبائل المجاورة في هذه الفترة أن أراضيها الشرقية تنتهي بسهل فسيح يتوسط سلسلة من الجبال تابعة لعدد من القبائل و العشائر أمثال بني فتح، بني عيشة، تايلمام، بني وجهان، بني مسلم، بني بلعيد، بني معزوز، الجناح، بني صالح، بني يدر، أولاد عواط و غيرهم، حيث كان هذا السهل بمثابة مركز تجاري لكل هذه القبائل، فكان التقليد أن يلتقي السكان المحليين كل جمعة بالقادمين من المناطق الأخرى يبيعون و يبتاعون و يتبادلون المنتوجات الفلاحية و النسيجية و غيرهما، فيما يُعرف بالسوق الاسبوعية.
كانت سوق الجمعة الأسبوعية في هذه الفترة من أهم أسواق المنطقة الشرقية كلها، حيث كان الفلاحون و التجار يأتونها من كل القبائل محملين بمختلف المنتوجات الزراعية كالقمح و الشعير و الذرة و التمور و غيرها بالاضافة إلى المنتوجات الموسمية كالخضر و الفواكه و البقول، و أعداد كبيرة من الماشية و الحيوانات النفعية كالأبقار و الأغنام و الماعز و الخيول و البغال و الحمير و الأرانب و الدجاج، و مختلف المنتوجات النسيجية و الجلدية و الأفرشة و الزرابي و الأدوات المعدنية كالفؤوس و المناجل و حدوات الخيول وغير ذلك. و كانوا يبدأون بالتوافد جماعات جماعات من صباح يوم الخميس و حتى صباح يوم الجمعة، و يقومون بإنشاء منصات خشبية لعرض سلعهم، ومنهم من يعرضها على الأرض، و البعض الآخر يملكون أكواخا دائمة، و آخرون في عرباتهم، و كل بمقدرته و حسب نوع السلع التي يبيعها، و منهم من يقيم مقاهٍ و مشاو في الهواء الطلق على الأفرشة العشبية و القطع الخشبية المسندة على الأحجار، و بعضهم الآخر يغتنم هذه الفرصة لإذاعة الأخبار السارة و الدعوات و النعايا، و يستمر الحال كذلك حتى مساء يوم الجمعة، حيث يبدأ جموع الوافدين بالمغادرة آملين في سوق قادمة أفضل و أكثر ربحا.
5. فترة العهد الاستعماري :
بعد احتلال مدينة جيجل سنة 1839 م، أراد المستعمر الفرنسي بسط سيطرته على كل القبائل و الأعراش المحيطة، فكانت له محاولات كثيرة يقوم خلالها بخرجات عسكرية نحو القبائل انطلاقا من مدينة جيجل ، لكن في كل مرة ينال منه الفشل و يعود إلى المدينة حيث يتحصن، بل أكثر من ذلك، فأحيانا تلاحقه فرق من القبائل حتى يبلغ أسوار جيجل، و استمر الوضع على هذا الحال حتى سنة 1851 م.
أ- مجزرة سانت آرنو:
خرج الجنرال سانت آرنو من مدينة ميلة يوم الجمعة 9 ماي 1851 م بجيش كبير قاصدا مناطق الشمال القسنطيني حيث تقطن القبائل التي لم يتم بعد اخضاعها رغم المحاولات الكثيرة التي قام بها المستعمر منذ العام 1839 م، سالكا الطريق المارة عبر بني خطاب، أولاد عسكر، بني عيشة، بني فتح و بني حبيبي و من ثم نحو مدينة جيجل. و ما إن سمعت القبائل بانطلاق حملة الجنرال سانت آرنو حتى سارعت إلى لم شملها و إعداد المقاومين لسد الطريق عليه، و بالفعل تم التنسيق بين القبائل و إعداد جيش من المقاومين قوامه أكثر من 4000 مقاتل.
بعد يومين من انطلاق الحملة و بالضبط يوم 11 ماي كان الجنرال سانت آرنو قد بلغ بجيشه مرتفعات أولاد عسكر، فما إن دخل أراضي القبائل حتى انقضت عليه فرق من المقاومين في معركة شرسة دامت نهارا كاملا، تكبد خلالها المستعمر بعض الخسائر ما عطل سير الحملة، و قد تعودت فرنسا في مثل هذه الحالات الانتقام من الابرياء من الشيوخ و العجائز و الأطفال حيث قتلت منهم الكثير و أحرقت المنازل و خربت القرى، و عاودت القافلة مسيرتها حتى بلغت منطقة الركابة في بني عيشة يوم 13 ماي أين تلقى الجنرال و جيشه ضربة قاسية من طرف مقاومي القبائل و ألحقوا به خسائر كبيرة قدرت حسبهم بخمسين قتيلا و مائتي جريح، فلجأ الجنرال إلى قانون الأرض المحروقة و بدأ في اليوم التالي في عملياته البربرية من تقتيل و نهب و حرق و تخريب ضد سكان كل من بني عيشة، بني حبيبي و تايلمام، و قد بلغ عدد الضحايا في هذه المجازر أكثر من 400 قتيل و 1000 جريح، أغلبهم من الصبيان و العجائز الذين لا يستطيعون الفرار، و بهذا تكون بني حبيبي قد رفعت راية الخضوع للمستعمر، و تم بعد ذلك تنصيب الاداريين و القياد و القضاة و بدأ عصر سلطة جديدة دامت طويلا.
ب- ثورة أولاد عيدون:
في عام 1860 م قامت السلطات الاستعمارية الفرنسية بإنشاء المكتب العربي بالميلية لتسيير شؤون قبائل المنطقة أولاد عيدون، مشاط، بني تليلان، بني خطاب و أولاد عواط و غيرهم، و أنشأت برج الميلية الذي تولت حراسته فرقة عسكرية فرنسية بمساعدة مجندين جزائريين.
في عام 1864 م قامت بعض قبائل الضفة الغربية للواد الكبير و التابعة إداريا لمكتب الميلية بمحاولة التمرد على السلطات الاستعمارية و مساندة ثورة جبال البابور، لكن السلطات الاستعمارية ردعت هذا العصيان مجندة لذلك جماعات من قبيلة أولاد عيدون التي كانت لها بعض العداءات القبلية مع بعض جيرانها، حيث تم تحصين برج الميلية و تكثيف ضربات المدفعية حتى تم القضاء على هذه الحركة، و بهذا أصبحت قبيلة أولاد عيدون في نظر القبائل الأخرى خارجة عن الملة، و استمرت هذه الحساسية بضع سنين، لكن أعراش أولاد عيدون لم يُرضها هذا الوضع و قررت القيام بما يُحسّن نظرة الآخرين لها.
في مساء ممطر من يوم الاثنين 13 فيفري 1871 م، و عندما بدأ التجار بالوفود من كل القبائل إلى الميلية محملين بمختلف السلع استعدادا لسوق الثلاثاء الاسبوعية، و التي تقام على بعد 1200 متر من برج الميلية العسكري، قامت جماعة من حوالى مائة فرد من أولاد حنش، أولاد عربي و أولاد بوزيد و كلهم من قبيلة أولاد عيدون بالهجوم على السوق و نهب السلع و التخريب و إثارة البلبلة و الصراخ، و كل ذلك للفت انتباه الجنود الفرنسيين المرابطين بالبرج و حملهم على القدوم إلى السوق لبسط الأمن و إعادة الأمور إلى طبيعتها، فيخلو الجو لآخرين فيهاجمو البرج و يحتلوه، لكن أفراد الفرقة الفرنسية المتواجدة بالبرج لم ينتبهوا لما حدث، حتى كان يوم الغد وجدوا أنفسهم محاصرين داخل محيط البرج، و بهذا انطلقت ثورة أولاد عيدون التي دامت أسبوعين و شارك فيها العديد من القبائل، لكن تم القضاء على هذه الثورة يوم 27 من نفس الشهر على يد الجنرال بوجي، و دون الخوض في تفاصيل هذه الأحداث، نشير فقط أنه قد لجأ إلى البرج و الإحتماء به حوالى 170 من الجزائريين العاملين مع السلطات الاستعمارية من القياد و القضاة و المجندين مع الفرنسيين، و قد كان من بينهم مرابطان بارزان هما بلقاسم بن علي الدرويش من قبيلة تايلمام و علي بن فيالة من قبيلة بني حبيبي، و الذان يتمتعان باحترام من السلطات الفرنسية، و سبق لهما أن ساعدا في إنقاذ بعض الأوروبيين في أحداث برج لاكروا عام 1860 م، يقول لويس رين في وصفه لعلي بن فيالة كان رجلا ذكيا، صريحا خفيف الروح، صائدا ماهرا و جنديا ممتازا، صبورا لكنه عنيفا، و لقد اضطر لتقديم استقالته من القضاء.
نشأت بلدية الجمعة بني حبيبي عن التقسيم الاداري لسنة 1984 م و هي إحدى بلديات دائرة العنصر، و كانت قبل ذلك معظم أراضيها تابعة لبلدية سيدي عبد العزيز. أما في العهد الاستعماري فكانت تابعة لبلدية الطاهير المختلطة، و قد قسمتها السلطات الاستعمارية إلى دوارين يفصل بينها وادي بوعمر، في الجهة الشمالية للوادي يقع دوار حيان، و في الجهة الجنوبية يقع دوار ام غريون (مُّو غريون)، و كان كل دوار منهما يتكون من عدد من المشاتي مثل مشتى القعدة، احدادن، طهر الزان و غيرهم.
بلغ عدد سكان بلدية الجمعة بني حبيبي سنة 2008 م 14655 نسمة، غالبيتهم يقطنون بمركز البلدية (القعدة)، و هذا بعد نزوحهم عن الجبال التي كانوا يسكنون فيها خلال فترة التسعينات من القرن الماضي.
سكان الجمعة بني حبيبي من أصول بربرية، لكنهم اختلطوا بالعرب شيئا فشيئا بعد الفتوحات الاسلامية، خاصة في القرنين الثاني عشر و الثالث عشر لما قدم بعض الفقهاء العرب إلى المنطقة لنشر تعاليم الدين الاسلامي. كان نظامهم قبلي عروشي، السلطة عندهم لأعيان القبيلة فيما يخص النزاعات و العلاقات الخارجية، حتى أن بعض المؤرخين ذكروا بأن سكان قبيلة بني حبيبي لم يخضعوا لسلطة الباي أثناء الحكم العثماني، و بقوا مستقلين إلى ما بعد دخول الفرنسيين، حتى تم إخضاعهم سنة 1851 م من طرف الجنرال سانت آرنو، حيث قام هذا الأخيرا بإبادتهم و قتل منهم ما لا يقل عن مائتي فرد معظمهم من العجائز و الأطفال، و حرق مداشرهم و أتلف محاصيلهم، و نصب بعد ذلك القياد و القضاة، و فرض الضرائب، و انتهى بذلك عصر الحرية و بدأ عصر الاستعباد الذي دام طويلا. لكن بعدها بحوالي عشرين عاما، أي في سنة 1871 م، قام الثائر محمد بن فيالة بتفجير ثورة كبيرة في المنطقة انطلاقا من زاويته ببني حبيبي، و انتشرت ثورته في كل القبائل حتى بلغت مشارف سكيكدة و قسنطينة، قام خلالها بهجمات عديدة على الفرنسيين و ألحق بهم أضرارا كبيرة طيلة شهرين كاملين، لكن تم القضاء على هذه المقاومة بعد أن جمع لها الفرنسيون جيشا كبيرا، و اعتُقل القائد محمد بن فيالة مع رفيق دربه الحسين بن احمد بن الشريف مولاي الشقفة. و ليست هذه آخر حلقات المقاومة التي أبداها سكان هذه المنطقة ضد الاستعمار الفرنسي فقد كانت لهم محاولات عديدة للتمرد آخرها المشاركة الجماعية التلقائية في ثورة نوفمبر 1954 م، إذ قدم فيها السكان أرواحا كثيرة في سبيل الحرية، و مقبرة الشهداء التي تضم رفات 360 شهيدا و المتواجدة على أرض البلدية دليل على ذلك.
تعتبر بلدية الجمعة بني حبيبي فلاحية بالدرجة الأولى، و هي من أهم منتجي زيت الزيتون بحوالى 250000 لتر سنويا، كما أن فلاحوها ينتجون أكثر من 500 طن من الفراولة في السنة، و لهم منتوجات فلاحية أخرى كالطماطم و الفلفل و البطيخ و مختلف الفواكه. و تعتبر تربية المواشي كالأبقار و الأغنام منتشرة بشكل كبير بين سكان البلدية، إذ ينتجون كميات كبيرة من اللحوم و الحليب و الدهون و غير ذلك. كما تتوفر البلدية على ثروة غابية كبيرة و مصادر مائية تجعلها مؤهلة لأن تكون مكانا ناجحا لتطبيق برامج استثمارية عديدة.
زيادة على النشاطات الفلاحية المختلفة، يمارس سكان بلدية الجمعة بني حبيبي صناعات و حرفا مختلفة، أهمها حرفة الخياطة التي تشتهر بها البلدية شهرة لا مثيل لها على المستوى الوطني، بالاضافة إلى كل ذلك و بحكم، موقع البلدية و شبكة طرقاتها فهي تعتبر مقصدا مرغوبا للتجار من مختلف المناطق، و تقام بها كل يوم جمعة سوقا كبيرة يأتيها التجار من كل مكان، و تباع بها مختلف السلع. كما أن نسبة النمو العقاري و المشاريع المعمارية كبيرة، و لها من القدرات السياحية ما تنافس به أحسن المتنزهات، حتى أنه يوجد من يسميها بالجنة المتوسطية.
متفرقات
جنة الزيتون
الجمعة بني حبيبي منطقة ريفية مساحتها حوالى 50 كم²، تقع شرق ولاية جيجل على مقربة من سواحل البحر الابيض المتوسط، تبدأ أراضيها من الضفة الغربية للوادي الكبير بسهل فسيح (800 هكتار) و تأخذ في الارتفاع إلى القرب من جبل سدات (935 متر)، مناخها متوسطي معتدل حار جاف صيفا و رطب كثير الأمطار شتاءً.
تُعتبر الجمعة بني حبيبي فلاحيةً بالدرجة الأولى، و بحكم موقع المنطقة و مناخها المتوسطي المعتدل فإن أراضيها خاصة الجبلية منها مغطاة ببساط أخضر تنسجه أشجار الزيتون المنتشرة في كل مكان و المكسوة بأوراقها الخضراء طول أيام السنة.
معظم عائلات المنطقة تملك على الأقل بضع شجرات زيتون مما يسمح أن توفر لنفسها ما يكفيها من زيت الزيتون على الاقل للاستهلاك الذاتي، لكن الكثير منهم ينتجون كميات كبيرة من هذه المادة.
تعتبر الجمعة بني حبيبي من أهم منتجي زيت الزيتون، إذ يقدر انتاجها بحوالى 250000 لتر سنويا، معظمه عبارة عن انتاج عائلي بمعدل يقارب 100 لتر لكل عائلة. يعتمد سكان المنطقة لاستخلاص الزيت من ثمار الزيتون بالدرجة الأولى على المعاصر الآلية المتواجدة على مستوى البلدية، و هم ثلاث معاصر، لكن تفضل بعض العائلات الطريقة التقليدية لاعتقادهم أنها أجدى و أحسن للحصول على نوعية زيت ممتازة.
تبدأ عملية جني الزيتون في المنطقة ككل المناطق الأخرى في نهاية فصل الخريف و بداية فصل الشتاء، حيث يهب جميع أفراد العائلة من الوالدين إلى الأبناء كل بمقدرته إلى حقول الزيتون، و يقضون معظم ساعات النهار في هذه العملية التي لازالت تقليدية، مستعملين في ذلك قضبان خشبية تُضرب بها الأغصان للإسقاط الثمار، ثم يبدأ الجميع بالالتقاط و الجمع سواء مباشرة من الأرض أو باستعمال أفرشة بلاستيكية لتسهيل عملية الالتقاط. لكن أحيانا بعض الأشجار الكبيرة تتطلب تقليما لأغصانها لتجديد انتاجها في الأعوام القادمة، حيث يقوم الرجال بهذه العملية في معظم الأحيان مستعملين في ذلك المناشر و الفؤوس.
تدوم عملية جني الزيتون في الغالب أقل من شهر في معظم جهات المنطقة، و تُؤخذ الثمار بعدها إلى المعاصر في أكياس، حيث تنتظر العائلات بشغف دورها ليتم العصر و الحصول على المادة الذهبية المنتظرة.
مجيد بوغرة - كرة القدم - العنصر - الجزائر
07/09/2010 - 6428