مدينة العيون.. ألقاب و أرقام
المتمعن في لفظة " العيون" يتبادر إلى ذهنه مسميات متعددة من مفردات التجربة العاملة في القراءات الأدبية، لكن المقصود ليس بعاصمة الصحراء الغربية و لا جمع العين البصرية العضوية ،و لا عيون المخبرين ،لكن المفهوم بكل بساطة ينسب إلى مكان يدعى " العيون " و يعني " الموارد "و يشار إليه بالتعبير اللاتيني بصيغة الجمع " Les sources " ، يقع بالمنحدر الجنوبي لجبل " بناوري ّ كان في غابر العهود تتدفق منه مجموعة من الينابيع الصغيرة ، التي كانت تمون سكان المنطقة بالماء الشروب و تسقي القوافل العابرة.
ظلت المدينة خلال الحقبة الاستدمارية تحمل إسم المؤرخ و الفيلسوف الفرنسي " (1828-1893) HIPPOLYTE TAINE"، و بمجرد حصول الجزائر على استقلالها بعد عراك مرير مع المستدمر الفرنسي ، تغير إسم المدينة شهر سبتمبر 1962 إلى " المقراني " تيمنا بأحد زعماء الثورات الشعبية- الشيخ المقراني" ، غير أن نفس الاسم كانت تحمله مدينة بالشرق الجزائري ، و انتهى الاختيار مع بداية شهر جوان 1963 على الاسم الحالي للمدينة أي " العيون " و هو الاسم الذي نشأت عليه المدينة قبل الاحتلال الفرنسي و أصبحت بداية من جانفي 1957 مقرا رئيسيا للبلدية بالمصطلح الإداري.
التركيبة البشرية لسكان المدينة تشكلت من قبائل عربية نزلت بالمنطقة بداية من القرن السادس عشر ، خصوصا قبيلة " أولاد عياد " بغالبية سائدة على بعض مناطق المدينة من الجبهة الشمالية لولاية تيسمسيلت بما فيها بلديات تيسمسيلت و خميستي ، هذه القبيلة العربية معروفة بمراس مقاتليها قدمت من الغرب الجزائري و تحديدا من نواحي معسكر جبل بني شقران حسب بعض الروايات ،تفرعت بعد قرن إلى قبائل متعددة منها "بني مايدة ّ بتيسمسيلت " أولاد رحال " بخميستي و" العكارم " ،" ذوي حسني " بالعيون .
سكان مدينة العيون يوجدون بكثرة و يتشكلون من قبيلة "العكارم " التي تقيم بالجهة الشمالية للمدينة عبر الكثبان الجبلية " بناوري" ،و قبيلة " ذوي حسني " التي تشغل الجهة الجنوبية من المدينة ، خاصة واد "نهر واصل " ، و تتوفر أيضا على الهضبة الخصبة " السرسو " ، و يذكر أن قبيلتي " العكارم " و " ذوي حسني " تنحدران مباشرة من القبيلة الأم " أولاد عياد " المعروفة بالمنطقة .
طيلة الحقبة الإستد مارية و بداية من سنة 1884 ظل سكان قبيلتي العكارم و ذوي حسني تحت إدارة البلديات المختلطة للإدارة العسكرية الفرنسية بمليانة ثم ثنية الحد بعد ذلك.
الفترة الثانية تزامنت مع إعادة تنظيم الإقليم للبلاد في جانفي 1957،حيث انبثقت البلديات المختلطة ، و تجمعت القبيلتان في شكل بلدية في حالة نشاط ، العملية مهدت لميلاد بلدية " TAINE " المسماة حاضرا " العيون " التي خاضت تجربة تشريع " البلدية المستقلة " بصفة تامة.
سكان مدينة العيون يعيشون في تجمعات منتظمة على شكل " دواوير " و موزعون على مجمل الإقليم المشكل للمنطقة المتناثرة.
في الجهة الجنوبية ، قبيلة " العكارم " انفجرت إلى ثمانية دواوير .
غداة الاستقلال ، انتقلت بلدية العيون إداريا إلى ولاية الشلف ، التحقت بولاية تيارت بمجرد تدخل أول إعادة تنظيم الإقليم سنة 1975 ، و التحقت نهائيا بولاية تيسمسيلت في ثاني إعادة التنظيم الإداري للإقليم سنة 1984 الذي أنشأ ولايات جديدة منها ولاية تيسمسيلت.
سابقا كانت البلدية تابعا إداريا إلى دائرة ثنية الحد من الفترة الممتدة من 1957 إلى غاية 1962 ثم إلى دائرة خميستي من سنة 1990 إلى يومنا هذا.
على المخطط الجغرافي تقع مدينة العيون في الجهة الجنوبية الشرقية لولاية تيسمسيلت و هي شامخة بين السلاسل الجبلية للونشريس و جبال كل من ثنية الحد بالجهة الغربية و" إيغود " بالجهة الشمالية ، هذه الوضعية الجغرافية سمحت للمدينة استغلال سهول وادي "نهر واصل " و الهضاب العليا " للسرسو".
تقع المدينة على بوابة الهضاب العليا للأطلس التلي و تشكل بهذه الوضعية خط وصل بين السلاسل الجبلية للونشريس و المساحات العقارية لهضبة السرسو .
يحد بلدية العيون من الجهة الشمالية دواوير "أولاد رحال و المهل "، التابعين لبلدية خميستي ، من الشرق دوار " بني محرز" التابع لبلدية ثنية الحد من جهة و بلدية الأمير عبدالقادر من جهة ثانية.
من الجهة الجنوبية ،يحد اقليم بلدية العيون دوار " البواعيش" التابع لبلدية البواعيش ولاية المدية ، إضافة إلى دوار " الزناخرة " التابع إقليميا لبلدية حاسي فدول ولاية الجلفة، و يحدها من الغرب كل من دوار "الغوالم "التابع لبلدية بوقارة ولاية تيارت و دوار "عين تحضريت" التابع لبلدية خميستي.
هذه لمسة بسيطة تتعاطى مدينة العيون تاريخا ،تراثا و ثقافة عبر محطات تاريخية متباينة من حيث التأثيرات التي مست أنماط المعيش و المتصور ، بما هو دليل ملموس يستنطق سائر البصمات التي تركتها الإقامات و الهجرات المتعاقبة على المنطقة .
شاكي محمد
شاكي محمد - موظف - العيون تيسمسيلت - الجزائر
02/06/2015 - 260727