تمثل مئذنة مسجد سيدي أبي لحسن، الذي شيده السلطان أبو سعيد عثمان خليفة وابن يغمراسن في سنة 696هـ تكريما لذكرى الأمير أبي عامر إبراهيم وأعطاه اسم الولي أبي الحسن بن يخلف التنسي أحد مشاهير العلم في تلمسان في عصره، نموذجا للتعاون الفني بين أمراء بني زيان وأمراء الأندلس. فقد استعان الأمير الزياني في بناء هذا المسجد الصغير الحجم ومئذنته المتوسطة الأبعاد مقارنة بالمآذن التلمسانية الأخرى، بالصناع والحرفيين من الأندلس الذين أنجزوا تحفة معمارية رائعة لا زالت تبهر الزوار. وتحتل المئذنة الركن الجنوبي الشمالي من المسجد ويبلغ ارتفاعها الكلي 14.25م، وهي بذلك من أقصر المآذن التي شيدها الزيانيون غير أنها لا تقل عنها أهمية من حيث زخارف واجهاتها الأربع 1. تنقسم مئذنة مسجد سيدي أبي الحسن بدورها إلى برج رئيسي وجوسق:
البرج الرئيسي:
بني البرج الرئيسي كليا بالآجر ويساوي عرض قاعدته 3.50م، أما ارتفاعه فيصل إلى 11.60م. وللبرج سطح يوصل إليه سلم يلتف حول نواة مركزية فارغة، ضلعها الداخلي يقدر بـ 2.66م وضلع نواتها المركزية يساوي 1.35م. أما عدد درجات السلم فيصل إلى 44 درجة بمعدل 3 درجات في كل دورة، وعرض الدرجة الواحدة 0.88م 2.
يعلو هذا البرج حائط يصل ارتفاعه إلى 1.29م وسمكه 0.40م، وينتهي الحائط بـ 8 شرفات مسننة صغيرة القاعدة (0.60م للواحدة) والارتفاع (0.47م للواحدة)، وهذا ما يعطيها ذلك الشكل الهرمي. أما شرفات الزوايا فعددها أربعة. على غرار المآذن الزيانية والمرينية في تلمسان، فإن البرج الرئيسي زخرف في واجهاته الأربعة بمجموعة من الشبكات المعينة اتخذت في جزئها العلوي شكل عقد رخو ، ولقاعدتها شكل عقد بثلاث رؤوس.
يبلغ عدد المعينات داخل كل شبكة 41 معينا في الواجهة الشرقية بمعدل 5 صفوف ب 5 معينات، و4 صفوف ب 3 معينات و4 صفوف بمعينين ليصل المجموع إلى 20 معينا. تتكئ شبكة المعينات على أعمدة ن الرخام ذات تيجان مزخرفة بقطع من الفسيفساء . وتصل كل شبكة معينات بالتي تعلوها حافة مزخرفة بفسيفساء خزفية ذات اللون الأخضر والوردي والأبيض والأصفر وهي مقسمة بخطوط بيضاء إلى 4 أقسام محاطة بأربعة حلقات صغيرة ذات اللون الأصفر. أما الشبكة العليا فقد زخرفها الفنان بثلاث عقود ذات 9 فصوص وتحملها أعمدة من الرخام ذات تيجان مزخرفة بالفسيفساء. أما زوايا هذه العقود فزخرفت كلها بفسيفساء الخزف ذات اللون الأصفر والأبيض والأخضر والأزرق ، وبهذا فهي تختلف في زخرفتها عن مآذن الجامع الكبير ومسجد أقادير. وتحت مجموعة شبكة المعينات يوجد إطار زخرف بعقد واحد ذي فصوص متشابكة ، له ثلاث واجهات فقط باعتبار أن الواجهة الرابعة موجودة داخل مبنى المسجد، وله نفس عرض الشبكات.
الجوسق:
وفي علو البرج الكبير يأتي الجوسق الذي يقدر ارتفاعه بـ4.70م وعرضه حوالي 1.45م . تعلو الجوسق قبة وينطلق من فوقه صار يحمل تاجا من نحاس وتفاحتان، الأولى أكبر من الثانية ويتوجهما هلال. زخرف جوسق مسجد سيدي أبي الحسن بعقد واحد ذي 7 فصوص، أما إطار الجوسق فقد زخرف بفسيفساء الخزف، وتنهي زخرفته عند بداية العقد، وتتخذ هذه الزخرفة شكل مربعات ذات أضلاع سوداء، تتصل فيما بينها بمربعات بيضاء. وقد استبدلت شبكة المعينات التي تزين الجوسق بزخرفة من فسيفساء الخف على شكل مربعات ذات اللون الأسود والأبيض، وتشغل هذه الزخرفة كل أوجه الجوسق 3.
أما الفتحات، فإننا لا نجد في مئذنة مسجد سيدي أبي الحسن إلا 4 فتحات مستطيلة وضعت للإنارة أو التهوية، ونجدها في أركان الشبكة السفلية في الجزء العلوي من المئذنة، اثنان في الواجهة الشمالية واثنان في الواجهة الشرقية. وتعتبر المئذنة العنصر المعماري الوحيد الذي بقي على أصله الأول ولم تتعرض للترميمات والتجديدات التي أحدثت على المسجد .
1 : صالح بن قربة: المئذنة المغربية الأندلسية في العصور الوسطى ، الجزائر: م.و.ك ، 1986، ص98.
2 : Rachid BOUROUIBA: L’art religieux musulman en Algérie, 2ème ed., Alger: ANEP, 1981, p. 187.
3 : Rachid BOUROUIBA: Apport de l’Algérie à l’architecture religieuse arabo- islamique, Alger : OPU, 1986, p.298.
تاريخ الإضافة : 26/10/2010
مضاف من طرف : tlemcenislam
المصدر : www.almasalik.com