أما عن العناصر الشرقية، فقد حطت عصا الترحال بمدينة تلمسان، منذ دخول الفاتحين المسلمين لها، في عهدي أبي المهاجر دينار (55-62هـ/675-681م) والقائد موسى بن نصير (86-96هـ/705-715م) الذي جعل من منطقتي طنجة وتلمسان إقليما إداريا واحدا، وعين عليه طارق بن زياد، وكان هذا الأخير يقسم وقت إقامته بين مدينتي طنجة وتلمسان(43)، ولا شك أن بعض الأسر العربية والمستشاؤين العرب، لطارق بي زياد، كانوا يقيمون معه، في تلمسان وإن كنا لا نعرف شيئا، عن الإنتماءات الجغرافية لهذه الأسر المشرقية وللقبائل التي استقرت بها.
غير أن خلفاء بني أمية في دمشق، حرصوا على طبع الدولة الإسلامية المترامية الأطراف، شكلا ومضمونا بحيث قلدوا الوظائف السامية، والمراتب العالية، وقيادة الجيوش لعشيرتهم والقبائل العربية المتحالفة معهم، ولا سيما منها القحطانية اليمنية والعدنانية المضرية(44).
فقد حلت فروع وافخاذ من هاتين القبيلتين، ومن غيرهما ببلاد المغرب مع الجيوش الفاتحة واستقرت في حواضره وبواديه، باستقرار الفتح فيه، وكانت بمدينة تلمسان حامية عربية من هذه الجيوش تقيم بها وترابط فيها(45).
استمر العنصر العربي في التدفق إلى بلاد المغرب، في عهد الولاة خلال القرن الثاني الهجري أي الثامن ميلادي(46)، من الحجاز ومصر وخرسان، والشام والعراق، مع القواد كلثوم بن عياض (123هـ/740) وحنظلة ابن صفوان (124-742)، ومحمد بن الأشعت الخزاعي (155-772م) وروح بن حاتم (172-790) ولا يعني أن هذه الطلائع هي الجيوش والقبائل العربية كلها، التي قدمت إلى بلاد المغرب، قصد الفتح والاستقرار وإخماد الثورات والفتن، في هذه الربوع، وإنما كانت هناك جيوش وقبائل وأسر عربية ومشرقية اغفلتها النصوص التاريخية.
والجدير بالملاحظة هو أن معظم القبائل والجيوش، الني قدمت إلى بلاد المغرب، كانت تتكون أغلبها من العرب اليمنية والمضرية، وأن التسمية الشامية والمصرية والحجازية والخراسانية، لا تعني بالضرورة انتماءات عرقية بقدر ما هي انتماءات جغرافية(47).
وإلى جانب هذه القبائل، فقد عرفت مدينة تلمسان فئة من الأشراف الحسنية، من أبناء سليمان بن عبد الله بن الحسن(48)، أحد إخوة مؤسس دولة الأدارسة بفاس سنة 172هـ/788م الذي اهتم بمدينة تلمسان، وجعلها قاعدة من قواعده الهامة في المغرب الأوسط سنة 173هـ/789م(49)، ومنذ هذا التاريخ صارت تلمسان مقرا مفضلا للإشراف الحسنين(50)، وفي القرن الخامس الهجري، الحادي عشر ميلادي اكتسحت قبائل بني هلال وبني سليم العربية بلاد المغرب، واستقرت في مناطق كثيرة، وعندما أقام يغمراسن بن زيان الدولة العبد الوادية سنة 633هـ/1235م. حالف أغلب قبائل بني هلال، واستقدم العديد منها، إلى ضواحي مدينة تلمسان، للاستفادة من خدماتها، في بناء دولتهم وتوسيع رقعتها وخاصة منها قبائل زغبة، والمعقل وحميان وبنو عامر(51)، الذين ازدادوا حظوة عند سلاطين بني زيان، وقد ظل بنو عامر مخلصين لبني عبد الواد إلى أن اضمحلت دولتهم في القرن العاشر هجري أي السادس عشر ميلادي(52)، فمنحوهم أراضي الإقطاع التي كانت للجماعات العسكرية، في عهد الموحدين مقابل ولائها وخدماتها الدفاعية، فانتقلت بذلك الأرض من إقطاع استغلال إلى إقطاع تمليك(53) وأسكنوا بعضهم إلى جانب القبائل الزناتية في بعض أحياء المدينة، وفي أرباضها، حتى سميت هذه الأحياء ((بسقائف القبائل))(54).
وكان لبني عامر بربض تلمسان يقطنون فيه(55)، وانزلوا البعض الآخر، بظهير المدينة وضواحيها، ليكونوا ذرعا واقيا للدولة الفتية، وحصنا حصينا لها، وتعد هذه الإجراءات، في حد ذاتها امتيازات خاصة لهذه العناصر، وبالرغم من غياب المعطيات الإحصائية، عن عدد هذه الجالية بدقة فإنها تمثل العنصر الثاني، في المجتمع التلمساني خلال العهد الزياني.
نبذة عن ضريح سيدي الزواوي الكائن بأولاد ميمون ولاية تلمسان
قادة مجاهد رضوان - موظف - tlemcen - الجزائر
28/11/2011 - 22733
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 27/10/2010
مضاف من طرف : tlemcenislam
المصدر : www.almasalik.com