نسب بني زيان إلى زناتة مصدرها عبد الرحمن بن خلدون؛ ونسب بني زيان إلى الأدارسة مصدرها يحيى بن خلدون الأخ الأصغر لعبد الرحمن كذلك؛ إذن، فأصل بني زيان يتضارب بين فكرتين رئيستين، تبناها فيما بعد معظم المؤرخين في بلاد المغرب والأندلس؛ فمنهم من اعتمد على قول عبد الرحمن بن خلدون، ومنهم من تبنى مقولة أخيه يحيى بن خلدون٠
يحفل التاريخ الزياني بالكثير من القضايا والإنعطافات التي ما زالت بقعة من بقع التاريخ المنسي، فعلى الرغم من تصاعد الدراسات الكثيرة في حقل التاريخ الزياني خلال هذين العقدين الأخيرين، لا تزال بعض القضايا الخاصة بهذا التاريخ بعيدة عن مناطق الضوء وتبقى مراجعة كاملة لكتابة تاريخ سلالة بني زيان، بنو عبد الواد، من أصولها إلى سقوطها على يد الأتراك٠
لقد كانت في كل الجهات داخل الحدود الدولة الزيانية حاميات وعمال وأمراء من بني زيان يقيمون في تلك الديار بأولادهم.. وفي كل مدينة أو قبيلة كان يوجد الحافظ (الوالي) وهو حافظ النظام الإسلامي، وإلى جانبه المحتسب وهو المشرف على الحسبة، والقاضي وغيرهم من موظفي الدولة وجباة الضرائب٠
وجود بعض الأمراء والأعيان من بني زيان في الزيبان كان طبيعي، لأن الزّاب، هذا الإقليم تارة يكون تابعا للحفصيين و تارة يصبح للزيانيين و تارة أخرى يمسي ضمن نفوذ الدولة المرينية، و أحايين كثيرة يتمتع بالاستقلال٠
المرحلة الأولى
علا قة بني زيان بالزّاب بعد تأسيس دولتهم ترجع الى عهد يغمراسن بن زيان، حيث أمر المستنصر الحفصي بتدمير قبيلة رياح الهلالية في 1267 م 1268 م؛ هاجم بقوة مخيمات الذواودة، و أرسل رؤوسهم إلى بسكرة؛ فأجبر العرب على الفرار؛ فأولاد محمد لحقوا ببني مرين و أولاد سباع بن يحيى لحقوا بيغمراسن بن زيان بتلمسان، وترك شبل بن موسى سباعا ابنه طفلا صغيرا فكفله عمه بمساعدة يغمراسن الزياني، فكسوهم وحملوهم فارتاشوا وقاتلوا واحتالوا وزحفوا إلى مواطنهم وغلبوا على الزاب وضواحيه، فالجانب الغربي منه وقاعدته طولقة لأولاد محمد و أولاد سباع بن يحيى وكانت لأبي بكر بن مسعود فلما ضعف بنوه ودثروا اشتراها منهم علي بن أحمد شيخ أولاد محمد وسليمان بن علي شيخ أولاد سباع٠
هذا ادى الى التعزيز الروابط بين اولاد سباع الذواودة و بني زيان؛ و اصبح الجانب الغربي من الزّاب وقاعدته طولقة قاعدة انسحاب ودعم وتجنيد الجند ومرتعا وجسرعبور للبلاد الإفريقية تونس لصالح بني زيان (كان موقع طولقة إستراتيجي، وقد ذكر البكري في المسالك والممالك: الطريق المعبد الذي يصل شمال المغرب الأوسط بالقيروان يمرعلى مدينة طولقة). كانت المنطقة المحصورة ما بين جبل السارسو و منطقة الزّاب مراعي لبني زيان، فكانت الثروة الحيوانية عنصر هام في اقتصاد الدولة الزيانية، و ذلك بإنتاج اللحوم و مد الصناعة بالصوف، و عسكريا وذلك باستخدام الخيول في الحروب (مختار حساني، تاريخ الدولة الزيانية)٠ وكانوا بني زيان يعملون على توسيع نفوذهم إلى الشرق من هذا الخط الحدودي للاراضي الشاسعة ما بين الزيانيين والحفصيين، اين تعيش القبائل الدواودة الهلالية بحرية؛ (يمتد هذا الخط شمالا، الى الحضنة، و الى غرب بجاية)٠
المرحلة الثانية
السلطان الزياني أبو حمو الاول (706هـ ،1307م / 718 هـ ،1318م) بعث بجنوده إلي الزّاب الجزائري فاستولي عليه سنة 710هـ ، 1310م وأذعنت لطاعته بلاد الجزائر الشرقية، فتقلص عنها ضل بني حفص.. و في 1318 م / 1336 م، إبنه السلطان أبو تاشفين عبد الرحمن الاول حاول إخضاع كل بلاد الزّاب الى سلطته، و كان يجلب على أوطان الحفصيين يدعم هؤلاء السنية اتباع الشيخ سعادة الرحماني الرياحي الطولقي رافع لواء السنة انطلاقا من زاويته بطولقة، و كان يبعث للفقيه أبي الأزرق بجائزة معلومة في كل سنة حتى انقرض أمر السنية من رياح، واقتطع أراضي الحضنة و الزّاب الى انصاره زعماء اولاد سباع من الذواودة رياح بني هلال٠
المرحلة الثالثة
في 753 هـ جوان 1352 م، لما هلك السلطان الزياني، أبوسعيد عثمان الأب لأبي زيان محمد وعم أبي حمو موسى الثاني في جمادي الأول على يد السلطان أبي عنان المريني، فر أمراء وفرسان بني عبد الواد الذين هزموا في المعركة، فغادرت بني عبد الواد بلادها فرارا، فجازت فرقة منهم للبلاد الافريقية ( تونس)، وفرقة للجريد والزاب، وفرقة بين ظهور زناتة والأعراب، وفرقة للبلاد الأندلسية؛ وفر ابي حمو موسى الثاني مع ضباط من قومه إلى بلاط بني حفص في تونس؛ وتقبض على ولي العهد الامير أبو زيان بن السلطان ابي سعيد عثمان وأودعه الملك ابي عنان السجن بفاس٠
من فاس المغرب الأقصى، تحرك السلطان أبي عنان المريني الى المغرب الاوسط والادنى للقضاء على قبيلة رياح وأحلافهم وخصيصا طولقة في بلاد الزاب التي لم تكن خاضعة لأي سلطة، ولكونها قاعدة يعقوب بن علي أمير الدواودة و رياح، وقاعدة حصينة لأعداء الدولة المرينية، وكانوا الذواودة يفرضون حق الحماية (الخفارة) من السكان المستقرين ويرفضون تسليم الرهائن. في زهر البستان: خروج ابوعنان الى الناحية الشرقية، كان يبحث عن الزيانيين الفارين في جميع الاقطار، لانه كان على علم... ان بني زيان كعادتهم بعد الهزيمة و الشتات لابد من تجديد سلطانهم و رجوع خلافتهم٠ فحاصر ابوعنان طولقة المحصنة حصارا شديدا؛ فوجدت السلطة المرينية الا نفسها في طولقة، لان السكان عندما سمعوا بخطة السلطان أبي عنان المريني كلهم خرجوا من طولقة. وبإشارة بن مزني امير بسكرة آمر السلطان بالقبض على أمير طولقة عبد الرحمن الطولقي بن أحمد وأودعه الى السجن بفاس؛ وعقد سلطة طولقة على بن مزني. ومكث السلطان أبي عنان المريني الأيام الأواخر من رمضان 758 هـ بمنزله بطولقة (بين فرفار وطولقة)، وقضى يوم الجمعة 23 رمضان بطولقة؛ ثم عند خروجه منها .. خرب حصون يعقوب بن علي و كل القصور في طولقة و فرفار وقصور أمراء الذواودة .. فدمرها تدميرا. وفزعت القبائل الدواودة العربية التي تدعمها بني عامر إلى ابي حمو الزياني، عرضت الدعم له بحقه للعرش بصفته ابن شقيق أبو سعيد السلطان٠
ابو حمو الثاني بدأ تنضيمه و معركته من الجريد لاستعادة تلمسان.. فقسنطينة، فميلة (لمحاربة بني مرين).. ثم دخل بسكرة و قاتل مزني، و دخل طولقة وأقام فيها عشرة أيام؛ وقد جعل أبي حمو أخاه أبو جميل أميرا على طولقة، و تركه مع والدته زينب، و زوجته، و أولاده، و أصحابه، و كاتبه اليلماني و مائة فارس من بنو يلمان، و سكن قصبتها و هي القوسة و ما حولها من الديار و النخيل. وفي خريف 758هـ 1358م تم اللقاء أبو حمو مع صغير بن عامر في بريكة، واعتزم صغير على الرحلة بقومه و العودة إلى صحراء المغرب الأوسط. وفي الدوسن اين قامة حفل تنصيب ومبايعة ابو حمو ملك على المغرب الاوسط (الجزائر)، و قد حاول أبي حمو والدته على الرحيل معه إلى تلمسان فأبت، و تحير حاله على فراقها، و قد تعللت بأنها ستبقى مع أخاه أبو جميل لأنه صغير ولا تقوى على فراقه، ثم دعت له والدته بخير، فانصرف أبي حمو باكيا، و رجعت زينب من الدوسن الى طولقة مع ولدها أبو جميل، و جنوده، و طبوله، و نفيره، و أرباب دولته.. (من مخطوط الفقيه أمحمد بن تريعة)٠
دخل ابو حمو إلى تلمسان عاصمة المغرب الاوسط (الجزائر) على رأس جيش كبير اكثره من بني عامر بقيادة اميرهم صغير بن عامر؛ و من أمراء الذواودة رياح، صولة بن يعقوب بن علي وزيان بن عثمان بن سباع وشبل ابن أخيه، ومن بادية رياح دغار بن عيسى بن رحاب بقومه من سعيد. (ابو حمو حكم المغـرب الأوسـط من سنة 760 هـ/ 1359 م الى سنة 791 هـ/ 1389 م)٠
السلطان المريني أطلق من الاعتقال ولي العهد ابي زيان بن السلطان من السجن بفاس ونظمه بمجلسه وأعده لملك أبيه السلطان أبوسعيد عثمان بن عبد الرحمن لمزاحمة ابن عمه السلطان أبي حمو بن يوسف بن عبد الرحمن، فأعطاه الآلة ونصبه للملك وبعثه إلى وطن تلمسان؛ خالد بن عامر قد بايع ابا زيان وجاء به زحفا .. وسرح إليهم السلطان أبو حمو عسكرا فشردهم عن تلمسان.. قال عبد الرحمن بن خلدون: واتجها خالد بن عامر وأبي زيان إلى بلاد الدواودة حيث أجارهما شيخ الدواودة يعقوب بن علي، فأقام فيهم أبي زيان ابن السلطان، حدث هذا في سنة 763 هـ /م 1362؛ ثم قال رجع أبو زيان إلى مكانه من حلل الدواودة حيث استقر نهائيا، حدث ذلك في سنة 770 هـ / 1368 م؛ و حلل الدواودة كثيرة، طبعا طولقة لأولاد محمد وأولاد سباع بن يحيى، ويعقوب بن علي مقره فرفار طولقة، قال إبن خلدون: و سلكنا القفر إلى الدوسن من أطراف الزاب ثم صعدت إلى التل مع حاشية يعقوب بن علي وجدتهم بفرفار الضيعة التي اختطها بالزاب، (فرفار مقر يعقوب في الشتاء و انقاوس مقر يعقوب في الصيف).. ثم قال إبن خلدون في كتاب العبر، الجزء السادس، ص 890: التجأ إلى بسكرة أبو زيان، ابن أبي سعيد عثمان عم أبي حمو؛ الذي نافسه على تلمسان بمساعدة بني مرين؛ فاستقر أبو زيان ببسكرة عند أحمد بن مزني، 1379م. (التركيبة او النواة الزيانية الزّابية اناذاك تشكلت بابي حمو و ابو جميل و ابو زيان بن السلطان وكلهم احفاد عبد الرحمن بن يحي بن يغمراسن بن زيان بن ثابت بن محمد.. مثلا، السلطان ابومالك عبد الواحد ابن ابي حمو، ابنه ابو جميل زيان، وعمه ابوجميل، وامه خولة الزابية التي اصبحت في مغانم ابي زيان بن السلطان في معركة بجاية 1366م). اما بني زيان رؤساء بسكرة الذين اقتتلوا مع بني مزني، فهم من ذوي زيان قبيلة زغبة الهلالية (كتاب "درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة" من تأليف احمد بن علي المقريزي)٠
المرحلة الرابعة
في 1437م/1438م، محمد أبو زيان بن يوسف بن عبد الرحمن بن موسى (اي، ابو عبد الله محمد أبو زيان بن أبي ثابت بن أبي تاشفين بن ابي حمو الثاني) كان في تونس، فاستغل النزاع القائم في تلمسان بين ابناء ابي حمو الثاني، فغادر تونس واستولى على مدينة الجزائر في 5 يناير 1438م، فكون إمارته المستقلة وأصبح أسمه المولى أبي زيان محمد المستعين بالله؛ و فرض سلطته على متيجة، المدية، تنس ومليانة؛ وأظهر قساوته حتى أن سكان الجزائر العاصمة تمردوا عليه وقتلوه (ديسمبر 1438م)؛ ونجى إبنه محمد اذ كان حينئذ بتنس، استقر بتنس وجعلها إمارة له و أصبح أسمه ابو عبد الله محمد المتوكل على الله، حتى سنة 1461م جهز جيش كبير و زحف من مليانة على تلمسان؛ بيع وأصبح المتوكل بن أبي زيان ملك على الدولة الزيانية من 1461م الى (1485م)٠
في سنة 1466م، كان الملك المتوكل الزياني يستميل إليه الزاب و يخطط للاطاحة بالسلطنة الحفصية مع اعراب الزاب، الذواودة وغيرهم بزعامة الشيخ محمد بن سباع؛ فجاءت الأعراب من المغرب الاوسط، بني عامر و سويد يستنهضون الملك أبا عمرو عثمان الحفصي ضد المتوكل محمد بن أبي زيان و خطته مع الذواودة؛ فوقع الاتفاق مع بني عامر و سويد على ان يحاربوا بأسم الامير أبوجميل زيان بن ابو مالك عبد الواحد بن ابو حمو الثاني الذي كان يوجد في العاصمة تونس، وليكن هو صاحب السيادة لمملكة بني زيان بعد الاطاحة بالسلطان المتوكل.. الزركشي اعد ابو جميل زيان في قائمة ملوك بني زيان، و سماه أيضا ابو زيان٠
المتوكل هو الذي جمع كل من كان من أبناء الملوك اسلافه ممن كان في الشرق والغرب، وأدرعليهم الأرزاق، ورد الاعتبار لهم.. كلهم أبناء عمومته لانه ينحدر من ابو حموالثاني (من الاب) ومن ابو حمو الاول (من الام)٠
وهو المولى ابو عبد الله محمد المتوكل على الله بن ابو عبد الله محمد ابي زيان المستعين بالله بن أبي ثابت يوسف بن أبي تاشفين عبد الرحمن بن أبي حمو موسى الثاني؛ و أمه المولاة أمة العزيز بنت محمد بن أبي الحسن بن أبي تاشفين عبد الرحمن بن أبي حمو الأول٠
كل الملوك في آخر الدولة الزيانية (1437م/1554م) ينحدرون من المولى المتوكل بن أبي زيان محمد (( اهمهم: أبو تاشفين بن المتوكل، أبو عبد الله محمد الثابت بن المتوكل، أبو عبد الله محمد بن الثابت بن المتوكل، أبو حمو الثالث بن المتوكل، ابوزيان احمد بن الثابتي بن المتوكل المدعو المسعود و بن زيان، أبو محمد عبد الله بن المتوكل، أبو زيان أحمد بن أبي محمد عبد الله بن المتوكل، الحسن بن أبي محمد عبد الله بن المتوكل)). وفي تلك الفترة كتب الإمام المحدث، الحافظ المقرئ الفقيه أبو عبد الله التنسي التلمساني المخطوط ((نظم الدر والعقيان، في بيان شرف بني زيان، وذكرملوكهم الأعيان، ومن ملك من أسلافهم فيما مضى من الزمان))، ذكر انتماء بني زيان إلى الشرفاء الأدارسة٠
و في عهدهم، عهد اولاد محمد بن بوزيان (المتوكل)، كما قال بعض المهتمين بالتاريخ (منهم الكاتب محمد العربي حرزالله): "في آخر عهد الدولة الزيانة في 1496م، والتي كانت تلمسان عاصمتهم، حكموا الزّاب وأوكلوا إمارة العرب في نهاية القرن الخامس عشر الى آل بوعكاز الذواودة، الى علي بن السخري الذي كان يلقب ببوعكاز لحمله العصا التي لاتفارقه أبدا، سنة 1497م"٠
المرحلة الخامسة
ثم بعـد سقـوط دولة آل زيان نهائيا على يد الأتراك، نزح بعض الأمراء والأعيان من بني زيان إلى طولقة في جـوار حلفائهـم الذواودة اولاد سباع واستقـروا في ديارأجدادهـم القديمـة.. (اي أجدادهـم السّابقيـن، عهد ابي تاشفين عبد الرحمن الاول، وعهد ابي حمو موسى الثاني (وشقيقه ابوجميل) وابي زيان بن السلطان، وفي عهد ابو جميل زيان و اولاد بوزيان؛ هذه المجموعات التي وردت الى الزاب كلها أبناء عمومة)٠ قال الكاتب و الباحث بوزياني الدراجي: اولاد بوزيان طولڤـة، وهـم مـن بـني زيـان التّلمسانييـن؛ نـزح أسلافـهم إلى طولڤـة بعـد سقـوط دولتهـم واستيـلاء الأتـراك على عرشهـم بتلمسـان سنـة 1554م؛ استقـروا في ديار أجدادهـم القديمـة بأرض الـزّاب، في ضيافـة الدولـة الحفصيـة آنـذاك، وفي جـوار حلفائهـم السّابقيـن أبنـاء سبـاع بـن يحـيى الرّياحييـن٠ استقروا في بدايـة أمرهـم في قلـب دّشـرة طولقة.. وبمـرور الوقـت خـرج بعضهـم إلى أطـراف البلـدة، أيـن شيّـدوا قصبـة تحصّنـوا فيهـا؛ وسميـت باسـم السّبخـة ؛ إذ استُمِـدَّ هـذا الاسـم كمـا يبـدو مـن أرضهـا الرّطبـة، المالحـة قبـل استصلاحهـا.. ومـع هـذا، فقـد بـقي جـزء معتبـر مـن العشيـرة في ديارهـم الأولى بوَسَـطِ طولقـة في محيـط المسجـد الجامـع وبالقـرب مـن رحبـة الجنـازة.. أمـا حي السّبخـة في ذاتـه، فهـو في الأسـاس حيّ أو محلّـة، بمثابـة القصبـة، شيّدهـا حكـّام طولڤـة الأولـون، بغـرض حمايتهـم وحمايـة عائلاتهـم، وأقاربهـم وأعوانهـم٠
في كتاب تاريخ الجزائر لمبارك الميلي قال فيه : "وقد افترق بنو عبد الواد بعد ذهاب ملكهم في الاوطان، قال أبو راس: ان منهم بني شعيب وشوشاوة و أولاد موسى في العطاف وفرقة بجبل اوراس"٠
ﺩ.ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺩﺤﻭ، من ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﺎﺘﻨﺔ، قال في برنامج متلفز عن الثقافة في الآوراس: ان من بني زيان، نزحوا الى باتنة الاوراس بعد سقوط دولتهم ثم استقروا في مدينة طولقة٠
قال العقيد هنري فابر مسياس: مدينة طولقة، والتي هي عاصمة هذا الأرخبيل من الواحات، تتكون من ثلاث مدن، كل واحدة تحيط بها الجدران والأسوار. الشيخ بلميهوب (البوزياني) زعيم هذه المنطقة (اوهذه الجمهوريات الصغيرة)، هو شاب جميل أشقر طويل القامة وديه ميل الى البدانة، من عائلة نبيلة جدا ومقدسة جدا، تقيم وراء المبنى المحصن بالأسوار والخنادق٠
وقال الضابط سروكا: وجدت هذا النوع من البشر الا في فئة في وادي عبدي عند الشاوية؛ (كانه الضابط الفرنسي سروكا يشير الى تواجد نفس الاسرة من بني زيان في طولقة وفي وادي عبدي عند الشاوية)٠
قول شفوي متداول عند البعض: و قد رجع إلى الزاب الأمير أبوزيان آخر عهد الدولة الزيانية و يعرف أبناءه بعائلة البوزياني، استقر في طولقة وكان فقيها، وقام ببناء المدارس وجلب المياه وملك في واد الشعير ولوطاية و بسكرة والزاب الضهراوي، واماكن اخرى (كلها حبوس لصالح اسرته)؛ ثم اولاده، اولاد بوزيان، بعدما كانوا فقهاء و رواد ومؤسسي الدولة، تولوا الإدارة المركزية التركية٠ قال بعض شيوخ عائلة رمضاني، اوماش (بسكرة)، انهم كانوا من ابرز القادة العسكريين عند دولة بني زيان، واستقرارهم في ارض اوماش، 30 كم من طولقة و 25 كم من بسكرة، كقاعدة لحماية بني زيان الذين نزحوا الى الزّاب (طولقة) بعد سقوط دولتهم على يد الاتراك؛ (ثم في العهد العثماني التركيي عائلة رمضاني حولت إلى مشيخة)٠
أسرة أولاد بوزيان الزيانية التي تزامنت مع بداية الحكم العثماني التركي في الزّاب، حكمت إلى عام 1954م. على النحو التالي، الأكثر شهرة في العهد التركي: مرحلة الشيخ الحسن بن احمد ابي زيان (كان مع الدواودة). ثم مرحلة الشيخ الحسين بن احمد ابي زيان (الملقب بالسلطان). ثم جاء الشيخ المبروك اخوهم (1724) وهي المرحلة الهامة، وفقا للأسطورة الأسرة : بعد استكمال مهمته في سوريا، انضم سيدي مبروك إلى طولقة وعزز تنظيمه الداخلي بمساعدة ابنه الشكري لتثبيت إدارته الملكية؛ تحت تهديد التركي، الحاج سيدي مبروك رفض تسليم إدارته إلى الترك ومقاومة أي محاولة من الاحتلال. لحفظ المذابح، سيدي مبروك عمل التفاقا مع داي، و تبقى في يده السيطرة على المنطقة بكل قوة من الإدارة؛ ثم الشيخ الشكري (1762)، للحفاظ على الاسرة ولتعزيز قوته في المنطقة، كان صاحب شوراه ابن عمه وصهره محمد الشريف بن الحسن بن احمد ابي زيان الملقب بضيف الله؛ واتى بالشيخ سيدي عبد الرحمن بن موسى بن محمد بن مسعود بن عمر بن عطية لتعليم كتاب الله؛ وناشد الشيخ الشكري قبيلة لعمور (التي كانت متواجدة في السلسلة الجبلية من شمال الزاب حدود الاوراس إلى جبل راشد و هو جبل لعمور.. ومنهم من قال: ان بعض من لعمورانصار بني زيان طولقة كانوا على خلاف مع لبازيد الذين انسحبوا من الغرب إلى الزّاب بسبب قساوة أمراء بني زيان تلمسان). ثم الحاج الشيخ ارجب، شقيق الشكري ( فرفار1771). الشيخ بلقاسم (1789). الشيخ عبد العزيز. ثم تحت الاحتلال الفرنسي، 23 مايو 1844 دوق دومال أعط مشيخة طولقة و الزاب الظهراوي الى الشيخ بلميهوب الذي كان شيخ من قبل، كما توفي الشيخ في 1880م. ثم الشيخ محمد بن حسين توفي في عام 1890. الشيخ الأخضر حتى عام 1897. الشيخ أحمد. الشيخ البشير في 1942م. ثم الشيخ امحمد٠
بوزياني كان هو الاسم العائلي لاولاد ابوزيان الزيانيين في طولقة؛ وفي سنة 1932م، في سجل الحالة المدنية في طولقة اصبح اسم عائلة اولاد ابوزيان طولقة كمايلي: عزيزي بوزياني، برشيد بوزياني، شكري بوزياني، شكارة بوزياني، قيدوم بوزياني، حمادي بوزياني، حسني بوزياني، حجوج بوزياني، هولي بوزياني، خيرالدين بوزياني، ميهوبي بوزياني، محمودي بوزياني، مريني بوزياني، سنوسي بوزياني؛ عبد العزيز شكري، عبد الرحمن بن عبد الرحمن، حميدي بن حميدة، حسني هرشة، خوجة ضيف الله، خوجة بوزيان، خير الدين تكالي؛ عبد العزيز، بوزياني، بوسعيد، شيخي، ضيف الله، قندوز، حميدي، حسني، حسين، خيرالدين، مبروكي، ويدان (ويهدان)٠
قالت الرابطة الوطنية للشرفاء الأدارسة بالمغرب منهم النقيب الآدارسة مولاي العربي بن المكي العمراني الخيراني الادريسي: "اولاد بوزيان وهي الاسرة التي كانت تنشط في فجيج، القنادسة، الاغواط، وطولقة، وهم ذرية محمد بن أبي زيان (بن) محمد؛ وهم منحدرين من قبائل بني عبد الواد (الزيانيين)؛ لا ينتمي إليهم الشيخ سيدي امحمد ابن ابي زيان القندوسي، ولا ينتموا إليهم اولاد بوزيان ذوي منيع العربية الهلالية، والله اعلم"٠ (وأيضا: من غير بني زيان زغبة الهلالية، ومن غير بني زيان بن عثمان بن سباع الذواودة الرياحية)٠ اولاد بوزيان، الأسرة الزيانية التي بسطت نفوذها على طولقة في آخر عهد الدولة الزيانية، قالت: "انها تنحدر من اولاد ابي زيان (أحمد) احفاد أبوجميل (أبو زيان محمد)".. قد يكونوا من آخر بني زيان الذين تحالفوا مع ملوك فاس ضد الاسبان والاتراك٠
كتب الدكتور أبو القاسم سعد الله في كتاب تاريخ الجزائر الثقافي الصادر سنة 1998: كانت طولقة في أول القرن التاسع عشر على صفين، صف خليط من السكان و صف أولاد زيان (بني زيان) وهم من الأعيان، وكانوا مهاجرين من فاس اي من رجال الدين، ثم تولوا الادارة العثمانية التركية؛ وهم منتشرين في فوغالة، والعامري، والزعاطشة٠
كتبت جوليا الكاتبة الأمركية: معارك دموية بسبب ممارسة ضريبة الاستخراج في كثير من الأحيان بين أهل طولقة أو غيرها من القرى ضد الملوك المحليين بني زيان الذين كانوا من رجال الدين اشراف فاس ثم تولوا مع ذلك الإدارة العلمانية للحكومة المركزية تحت النظام التركي، و قد يكونوا نزحوا الى الزيبان في عهد الشتات الكبير للمرابطين٠
قال الورثيلاني في رحلته "نزهة الانظار": وقد دخلت طولقة وهم اهل الجود والفضل اطال الله سعدهم خصوصا اولاد بوزيان فقد عم فضلهم الخلق فان لم يصبهم وابلهم فطل احسن الله إليهم بمنه وكرمه٠
في كتاب الزعاطشة في 1849 لدكتور أعثماني ستار، يشير الى كبار مشائخ عشيرة اولاد بوزيان في ذاك العهد: الشيخ بلميهوب و محمد بن ضيف الله و محمد بن حسين بن الشكري ومصطفى بن محمد بن الشكري.. وكان الشيخ بلميهوب هو الاهم في الزاب الضهراوي، نفوذه التي تفوق شيوخ الزاب، وتجدد له الثقة باستمرار الدولة الفرنسية، رغم هذا ورغم ثورة الزعاطشة مكث في قريته ولم يشارك في أي وسيلة لقمع انتفاضة الزعاطشة ودون إخفاء تعاطفه مع بوزيان؛ لم يستسلم الشيخ محمد بلميهوب رغم الضغوطات، بل صمد وراوغ بدهاء وذكاء و رفض في يوم 1849.05.18 مرافقة الملازم سيروكا لما توجه للزعاطشة للقبض على الشيخ بوزيان. أيضا الرسالة التي بعثها محمد بن ضيف الله من أولاد بوزيان طولقة إلى الشيخ بوزيان الزعاطشة، يخبره عن وصول القوى الاستطلاعية الثانية للجيش الفرنسي الى بسكرة؛ كذلك ام هاني بنت نجمة اخت الشيخ محمد بلميهوب ذهبت مرتين الى الزعاطشة لزيارة الشيخ بوزيان؛ الشيخ محمد بلميهوب كان يدعو سرا للمقاومة؛ (من وثايق المحفوظات في إيكس أون بروفانس بفرنسا)٠
العالم الفقيه أمحمد بن تريعة، فقد ذكر أصوله التي قال عنها انه من بني يلمان واصله من بني زيان، فقال: علاقة بني يلمان بطولقة ترجع الى رحيل ابو جميل من طولقة الى بني يلمان، فيقول أبي حمو: "فقدم إلينا أبو جميل (مع 3000 فارس من بني يلومي) بعد أن ترك أمنا زينب و من معه من الجنود و الأعيان في ونوغة قرب القصبة عند إخواننا بنو يلمان". ثم قال الفقيه أمحمد بن تريعة: ان بني زيان الذين يقطنون بني يلمان لهم علاقة قوية مع اسرة الشيخ علي بن عمر الطولقي؛ و قد توفي الشيخ امحمد بن تريعة مع صاحبه الشيخ علي بن عمر الطولقي صاحب الزاوية المشهورة في حادثة الصلح الشهيرة، و دفن في مقبرة سيدي قنيفيد بطولقة٠
و من بني زيان من استقر في الزّاب طولقة، ومنهم من كانت لهم فيها إقامة مؤقتة٠
أن الشيخ أحمد بن أبي زيان الطولقي وهو ابن الشيخ أحمد بن عبد الكريم حل بمدينة الأغواط حوالي 1652م قادما إليها من طولقة أولى البلدات التي نزح إليها جده من مدينة تلمسان معقل بني زيان بعدما قضى عليها الأتراك العثمانيون نهائيا سنة 1554م؛ عرفه الرحالة اميرالحجيج الشيخ الفقيه ابن ناصر الدرعي المغربي بأنه فقيه مدينة الأغواط سنة 1685م. توفي الشيخ أحمد خلال 1709م و دفن بالقرب من بستانه المسمى ببستان الخير الواقع وسط مدينة الاغواط٠
ويذكر المؤرخون و المجلد الثالث من دائرة المعارف الاسلامية: استقر في الأغواط بعض من عرب الذواودة و أولاد بوزيَّان؛ أولاد بوزيان بنوا قصرين (قريتين) قصر ندجال و قصر سيدي ميمون ٠ (ان أولاد بوزيان العذاورة حسب ما يروونه عن أنفسهم أنهم هم الذين كانوا يسكنون قصرسيدي ميمون).. يوجد في الاغواط أولاد بوزيان من حميان الغرابة و اولاد زيان الأرباع٠
مصطفى الأشرف، المناضل الثوري و الوزير الدبلوماسي و ذلك المثقف والصحفي الواعي و المؤرخ الاجتماعي، الذي ينحدر من أولاد بوزيان شلالة العذاورة، يقول في كتابه أعلام ومعالم.. ان أصوله تنحدر من أولاد بوزيان طولقة٠
قال قين (GUIN) في "الملاحظات التاريخية عن العذاورة": بينما أولاد بوزيان فجاؤوا من طولقة ( بسكرة ) واستقروا وسط العذاورة٠
في القرن الماضي، مجموعة من مدينة بنزرت التونسية جاءت الى قاضي مدينة طولقة والى اولاد ابوزيان؛ يقولون بانهم من اولاد ابو زيان طولقة و أن أجدادهم هاجروا من طولقة الى تونس ويريدون وثيقة لإثبات ذلك. (الوثيقة عند الموثق في مدينة طولقة)٠
كان اولاد بوزيان (اخر الزيانيين)، يمثلون الحلقة الاخيرة والدور الأخير من تاريخ الدولة الزيانية.. هي الدولة الوحيدة في المغرب الاسلامي التي كانت تواجه اثنين من القوى العظمى، الإسبان من الغرب والعثمانيين من الشرق.. وبني حفص، وبني مرين، والسعديين، والصراع حول السلطة داخل البيت الزياني.. (وتحالف الأعداء ضدّ الزيانيين، وظهر ظلم الرعية والجور.. نفس السيناريو كما هو اليوم في العالم الاسلامي و العربي).. وانقسم البيت الزياني إلى ثلاث: إحداها تضامنت مع الأتراك، والأخرى استعانت بالأسبان، والأخيرة تحالفت مع السعديين ملوك المغرب.. وهي الدولة الوحيدة في تاريخ المغرب الأوسط التي عمرت ثلاث قرون ونصف على أيدي 39 ملك من سلالة بني زيان، انتهت على يد الأتراك العثمانيون، الذين جعلوا مدينة الجزائر عاصمة لهم، وأطلقوا اسم الجزائر على كامل المغرب الاوسط٠ الدولة التركية التي وإن اكتسحت الدولة الزيانية الجزائرية، إلاّ أنّها حمت الهلال من تعصّب الصّليب.. فهذه الحقبة الطويلة من حكم الزيانيين للمغرب الأوسط، هي النواة التي ساهمت في تشكيل الدولة الجزائرية الحديثة.. مفدي زكرياء قال: ولولا ذلك لعمّرت طويلا ولكانت أكبر دولة إسلاميّة في دنيا العرب٠ في كتاب تاريخ الدّولة الزّيانّية لابن الاحمر(الممجد للمرينيين و حاقدا على ملوك بني زيان): لولا بنو زيان لما كان للمغرب الأوسط هذا الجزء الكبير اي جمهورية الجزائر الحالية٠
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ٠
وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم
شكرا لكم
Zahra Bouziani
05/09/2014 - 211972
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 16/04/2012
مضاف من طرف : yaghmoracen
المصدر : L’Afrique septentrionale.Ernest Mercierرحلة فيض العباب وإفاضة قداح الآداب في الحركة السعيدة إلى قسنطينة والزاب لابن الحاج النميري . كتاب:'السلطنة الحفصية' للمطوي محمد العروسي ابن خلدون. أبو عبد الله التنسي التلمساني. تاريخ الجزائر في القديم والحديث للشيخ مبارك الميلي