🖋 لا ريب ولا شك أن لكل منطقة في ربوع بلادنا العزيزة لها كنهتها الخاصة بها في الشهر الفضيل ، بيد أن منطقة القبائل تزدان هذه النكهة من خلال تلك الأصالة المتجذرة عبر الأزمان ..
✓ ولعل الأصالة هنا هي التي تشد الأسر والعائلات القبائلية إلى الحنين إلى قيم هذا الدين الحنيف ..
✓ لا عجب حين نبحث متوغلين في أسرارها ، إذ نجد عبق شهر رمضان الفضيل حبا واستعدادا له ، بل وغرسا في الناشئة ، هي لمن أهم المعالم البينة الواضحة الجلية في مكونات الشخصية لدى الأسر القبائلية ..
✓ فهيا لنتجول في مغاوير هذه الأصالة التي تأبى الزوال والإندثار :
لقد أشبعت الأسرة القبائلية بثقافة حب أركان هذا الدين الحنيف ومنه فريضة صوم شهر رمضان ، فلطالما سمت العائلات من يولد في شهر رمضان ب : رمطان ، محند أورمطان ، برمضان ، لهلال ، وغيرها الكثير ، بل وينذرون لله عز وجل إن رزقهم بمولود في رمضان أن يسمى بإسم شهره تيمنا وطلبا للبركة وصلاح الولد ذكرا أو أنثى ..
✓ وهكذا يولد الطفل وينادى بإسمه ويذكر دوما بشهر مولده ، والطفل مع هذا الغرس ينموا ويترعرع وهو في غاية الشوق والحنين لصومه والعبادة فيه ..
✓ وتتواصل فرحة العائلة القبائلية حين يردف الأب أبنه معه إلى المسجد في الشهر الفضيل في أحلى حلة ، آخذا معه مصحفا ، ليعود إلى البيت ليجد زغاريد نسوة البيت من أم وجدة وأخوات وربما استدعي لهذه المناسبة الجليلة عماته وخالاته ..
✓ كم هي رائعة تلك اللحظات ، يستشعرها الطفل وتخلد في ذكراه سيما ذاك اليوم الأول الذي صام فيه وتعود على صومه ولو لساعات رغم مكابدة الجوع والعطش ، لكنه مصر أن يدخل البهجة والطمأنينة على قلبي والديه ، وكأنه يقول بلسان حاله : لا تخافوا ولا تقلقوا فأنا سأكون اللبنة الواصلة لمسار السؤدد والعز الذي تربى عليه آباؤنا واجدادنا ، سأكون نعم الولد الذي يحافظ على قيم الدين وأخلاقه ، سأكون سالكا لدروب الفضيلة ضمن سلسلة طريق العز الذي نستقيه من نور قرآننا المبين وهدي نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام في كل آن وحين ..
✓ إيه والله ، من يتذكر ويستحضر الطفولة في رمضان سيستشعر روعة منطقة القبائل ، فهي التي تعود الطفل على الصيام ليس من باب العادة فحسب، بل قصدها ربط الطفل بالطهر والفضيلة ، فأنعم بها من منطقة مساجدها وزواياها منارات ، وفلذات أكبادها في الوفاء لهذا الدين المبين والإعتزاز به علامات في صفحات المجد التي ارتشفت منه فاطمة نسومر والشيخ الحداد وغيرهم الكثير ..
✓ بارك الله في منطقة القبائل موئل الدين والفضائل ، وبارك الله في الآباء والأمهات وهم يغرسون في أبنائهم بذرة الإستقامة وجميل الخصال والشمائل ، وبورك في أطفالهم وهم يصومون إمتثالا لهدي ربهم راجين المثوبة والإقتداء بنبيهم ، ليكونوا في مضمار الخير من الأوائل ..
✓ (سيدي عيش- بجاية) ..
تاريخ الإضافة : 25/03/2024
مضاف من طرف : patrimoinealgerie
المصدر : Histoire, culture, Art & Nature de kabylie