رئيس الجالية ل"الفجر": "نحن في مهمة لم شمل مئات شردتهم الظروف المزرية"
لا تفصلنا عن العيد سوى أيام قليلة ينتظر الجميع مرورها بفارغ الصبر، غير أن فرحة العيد يبدو أنها لن تشمل مئات العائلات الجزائرية المهجرة من سوريا الجريحة، والتي تدفقت على وطنها طلبا للحماية فوجدت نفسها بين فكي المعاناة ولم تنعم بالتكفل الذي ناله اللاجئون السوريون؛ إذ أن حوالي 90 بالمئة من الفارين من العنف لا تُعرف وجهتهم وهم مشردون في عدة مناطق من الوطن. أما الباقون فيصارعون لاقتناص فرصة ينالون بها مساكن أو مناصب عمل، أو حتى مجرد إعانات تغنيهم عن معاناة الشعور بالعجز.
لم ينس أولئك الذين هاجروا إلى سوريا لملاحقة لقمة العيش أن لهم الحق في التمتع بجزائريتهم وهم في بلاد الغربة، ولم يغب عن خيالهم حلم العودة إليها لمقاسمة أبناء بلدهم فرحة استنشاق هوائها، كما لم يتجاهلوا حقوقهم عندما اشتد الوعيد، وسيطرت لغة الحديد على يومياتهم، فتدفقوا على أرض الوطن طامعين في حضنها وهي تستعيد أولادها الذين غابوا لفترة، ليجدوا أن أمهم تختبر مدى صبرهم وترجئ حلولها إلى أجل غير مسمى، في وقت أنهكت الحرب قواهم ودمرت حياتهم وجعلتهم يخلفونها وراءهم بحثا عن حياة أخرى، فضاع حوالي 2500 منهم بين الأهل والأقارب وأجبر آخرون على الاستسلام لمقصلة الكراء، ومنهم من لا يُعرف كيف تدبر أمره، المهم أن الجميع يجهلون الطريقة التي تمكنهم من الاتصال بهؤلاء الذين لم يعرفوا حتى كيف يطالبوا بالتكفل بهم، ولم يستطع أحد الوقوف على مدى الضرر الذي لحقهم باعتبارهم يعيشون دون ضروريات الحياة الكريمة، فوجدوا أنفسهم للمرة الثانية مشردين، كما أنهم فروا دون أن يأخذوا معهم ولو فلسا واحدا يقاومون به قسوة الأيام القادمة.
الكرة في ملعب الوزير المكلف بالجالية الذي وعد بالتسوية
كشف رئيس مجلس الجالية الجزائرية بسوريا، سمار حسين، في تصريح ل”الفجر”، أنه حرص على رفع انشغال هؤلاء الجزائريين، الذين وصفهم بالمنكوبين، إلى كاتب الدولة المكلف بشؤون الجالية الجزائرية بالخارج، بلقاسم ساحلي، ووضعه في صورة المعاناة التي يقاسيها هؤلاء بمن فيهم 80 عائلة تتمركز في العاصمة والولايات المحاذية لها من بومرداس، تيزي وزو، تيبازة والبليدة، الذين يعانون الأمرين لمجرد توفير لقمة العيش، أما الإيواء تحت سقف يجمع أفراد العائلة الواحدة فذلك هدف بعيد المنال، بالنظر إلى التجاهل الذي قوبلوا به رغم حاجتهم الماسة إلى التكفل بهم، فهم ليسوا مسؤولين عن تبدد كامل أحلامهم، وضياع مستقبلهم ومستقبل أولادهم، وقد عادوا إلى أحضان بلدهم بعد شهور من الخوف لقوا خلالها مختلف أنواع العنف والتهديد بالموت. وأضاف رئيس المجلس أن ”ساحلي” وعدهم بتسوية مشاكلهم في القريب العاجل، خاصة الذين طرحوا انشغالهم وهم 80 عائلة يمكن لكل ولاية في القطر الوطني أن تتكفل باثنتين منها ويتبدد المشكل، في انتظار الانتقال إلى العائلات الأخرى التي لا يعرف في الوقت الراهن مكان تواجدها، وأوضح المتحدث أنه طالب بضرورة إدماج الجالية في المجتمع الجزائري عن طريق تمكينها من السكن والعمل وتقديم تسهيلات اجتماعية.
وزارة التربية تخلص مئات الأطفال من تعقيدات التسجيل
أوضح السيد سمار أن وزارة التربية الوطنية بقرارها الجريء أزاحت عن المهجرين ثقلا كبيرا لطالما قض مضجعهم، وأثقل كاهلهم باعتبار أن الأمر يخص مستقبل أولادهم الذين لم يستثنوا من تبعات الحرب وتم حرمانهم من التمدرس وقد رافقوا عائلاتهم إلى بلاد تنعم بالأمان، وقد سارعت وزارة التربية الوطنية إلى إصدار قرار يفضي إلى تمكين جميع الأطفال القادمين من سوريا من الدراسة وتسجيلهم بالمدارس حتى ولو لم يحوزوا على وثائق ثبوتية. وهي المبادرة التي رحب بها جزائريو سوريا الذين حظيوا بهذا الامتياز وإن كانوا قد حرموا من إعانة المعوزين وأجبروا على الاعتماد على أنفسهم في توفير ما ينقصهم.وأبدت السلطات المحلية والمعنية قبل يومين، حسب رئيس مجلس الجالية الجزائرية في سوريا، استعدادها لمساعدة العائلات المنكوبة على الاستقرار في بلادها، وتحريرهم من الأزمة التي شلت حياتهم سيما وأن الانشغال الذي سيطر على تفكيرهم هو السكن الذي منعهم من تجاوزه إلى انشغالات أخرى تؤرق حياتهم، وأوضح أن كثيرين تفاعلوا مع مشكلتهم، منهم رئيس دائرة بومرداس الذي تعهد أمامهم بالعمل على تسوية مشاكلهم بمجرد تلقي الضوء الأخضر من السلطات العليا، ووعدوا بتسهيلات من خلال تمكينهم من السكن خاصة وأن الأمر لن يكلفهم الكثير بالنظر إلى عددهم الحالي الذي لا يتجاوز 80 عائلة موزعة على 48 ولاية.
جزائريون لم يجدوا رغيف خبز و50 بالمائة تخفيضات لا تكفي للعودة
لم تُخلّص الإجراءات التي اتُخذت في رحلات النقل الجوي الجزائري الذين يتواجدون على مرمى نيران القصف السوري من كابوسهم اليومي، ولم تتمكن من فك قيودهم ونقلهم إلى الجزائر سالمين، لأن التخفيضات التي أطلقتها والتي بلغت 50 بالمائة، لم تكن في متناول الذين لا يزالون تحت التهديد والذين يشكون الجوع والفقر، ومختلف أشكال المعاناة.
وحسب سمار فإن أوضاع الجالية في سوريا كارثية وفاقت كل الأوصاف، وينبغي العمل على إعادتهم إلى أرض الوطن في اقرب فرصة ممكنة، والأجدر بالسلطات الجزائرية أن تحرص على تأمين حوالي أربعة آلاف شخصا من مجموع 5500 مسجل قنصليا في سوريا، وطالب بإعادتهم مجانا دون إرهاقهم بما نسبته 50 بالمائة من سعر التذكرة التي لا يقوى عليها من لم يجد رغيفا يسد به جوعه.
الموت يلاحق الجزائريين كما يلاحق السوريين
يتساقط الضحايا الجزائريون في سوريا كما يتساقط السوريون، والعدد في تزايد مستمر، وهناك عائلات تكاد تباد عن بكرة أبيها، في حقائق تقع بشكل يومي ويعايشها جزائريون لم يستطيعوا الفرار من مناطق الموت وباءت كل محاولاتهم في البحث عن أماكن آمنة بالفشل، إذ في كل مرة تطالهم نيران القصف.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/10/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حسيبة بولجنت
المصدر : www.al-fadjr.com