يواصل الشيخ الهاشمي سحنوني، شهادته "للشروق" بالحديث في هذه الحلقة عن ما يسميها تجاوزات عباسي مدني، في حق مجلس الشورى الوطني، وعريضة سحب الثقة منه التي أفسدتها أحداث الخليج، ويتحدّث الهاشمي عن مؤامرة داخل مجلس الشورى كانت تهدف إلى تطهير السلفيين من قيادة الجبهة بحجة عدم كفاءتهم، كما يروي المتحدِّث تفاصيل تعامل الجبهة مع أحداث الخليج.
بعد فوز الجبهة في الانتخابات المحلية ازداد أعداد المنتمين اليها حتى من حساسيات أخرى؟
نعم نجحنا ورغب كثيرون في الالتحاق بنا ومنهم من طمع وأراد الانضمام إلى الجبهة بعد ان توسعت وكبرت قاعدتها، منهم بعض جماعة جاب الله ونحناح والجزأرة، ومسؤولون وإطارات كانوا ينتمون إلى باقي التيارات الاسلامية، حتى أن قيادات جماعة الجزأرة اتصلت بنا وسألونا إن كنا قادرين على تسيير الأوضاع لوحدنا، قلنا لهم لا، واقترحنا عليهم الانضمام، فقالوا إن الوقت لم يحن بعد لكن ممكن أن نزودكم ببعض الكفاءات ونشارككم في إعداد البرامج والخطط والتصورات، وقالوا إن الانضمام رسميا يحتاج إلى مشورة كل القيادات في كل الولايات.
البعض قال إن الجبهة أصبحت اكبر من قيادتها وأنه ينبغي أن تستفيد من الكفاءات من خارجها؟
نعم حتى أن مصطفى براهمية، وحمي، وهما من قيادة الجزأرة شرعا يزوراننا في مكتب الجبهة باستمرار دون أن ينضما رسميا، خاصة بعد أن ساد أن الأوائل المنضمين إلى الجبهة من الأميين والآن توجد كفاءات يجب أن تأخد فرصتها في القيادة، وظهر من داخل الجبهة من يطالب بإعادة الهيكلة، والذي طرح الفكرة في البداية علي جدي وبوخمخم وحشاني داخل المجلس الشوري.
من كان المستهدف من إعادة الهيكلة داخل الجبهة؟
هناك من أبلغني أن فكرة إعادة الهيكلة كان المقصود منها إقصاء السلفيين من داخل الجبهة، أنا وعلي بن حاج وڤمازي وتعويضهم بقيادات الجزأرة، حتى أن عباسي قالها صراحة "الجبهة جسمها جسم فيل ورأسها رأس ذبابة" كان يقصد أن الجبهة كبرت وقيادتها لا تزال صغيرة، هو شخصيا لم يكن مقتنعا بأعضاء مجلس الشورى.
هل تعتقد أن ذلك دفع عباسي إلى الاستفراد بالرأي داخل الجبهة وتهميش مجلس الشورى؟
عباسي بدأ يتصرف بعيدا عن مجلس الشورى مند البداية، التقى بالرئيس بن بلة دون أن يكون لنا علم وسافر الى ليبيا والتقى العقيد القذافي، وأكل معه المشوي في خيمة دون أن يخبرنا، سألناه فأنكر، وبعدما واجهناه بأدلة سفره الى ليبيا من المطار، اعترف أنها كانت دعوة من القذافي والتقاه كأستاذ جامعي وليس كرئيس للجبهة.
لكن ماذا فعلتم كأعضاء مجلس الشورى من اجل إعادة الاعتبار للمجلس؟
عباسي قال لنا أن هناك أعضاء في مجلس الشورى عملاء للمخابرات
من قال إننا لم نتحرك..!؟ في 1أوت 1990 حررت أنا شخصيا عريضة داخل مجلس الشورى بعد الانتخابات المحلية بناء على المادة 22 من القانون الأساسي التي تتحدث عن القيادات الشورية واتخاذ القرارات بشكل جماعي وليس بشكل فردي، وجاء في العريضة انه وبناء عليه فإن عباسي مدني قد أخل بكل هذه الشروط، فلا يستحق أن يكون ناطقا باسم الجبهة ولا رئيسا لها، وقعت على الوثيقة وتبعني17 عضوا في مجلس الشورى بتوقيعاتهم وهم الأغلبية، منهم السعيد مخلوفي، كرار، بشير لفقيه، مراني، قمر الدين، بوكليخة وجماعة من الشرق، لكن الذي لم يوقع معنا هو الشيخ ڤمازي، بوخمخم، قشي، على بن حاج، والسبب أن تنحية عباسي لم يحن وقتها المناسب، وعندما اجتمع المجلس مساء، نطق رجام الذي لم يوقع على الوثيقة أصلا، وقال يا جماعة توجد مؤامرة داخل المجلس على الشيخ عباسي، قام السعيد مخلوفي وتلا العريضة بحضور الجميع، وقمت أنا وأخبرتهم أنني أول من وقع عليها، وبدأت الفوضى بعد ان طالبت صراحة بسحب الثقة من عباسي لأنه لم يعد أهلا للقيادة، خاصة وأنه صرح لجريدة "أرابيزا" الإسبانية أنه في حالة وصول الجبهة الى الحكم فإن الخمر لن يكون حراما وأنه سيقوم بعملية مقايضة مع فرنسا يصدر لها الخمر ويستورد منها السيارات، وأعتقد أن هذا كلامٌ لرجل لا يمت بصلة للدين، وفي الوقت الذي كنا ندعو فيه البنات للالتزام بالحجاب قال عباسي في تصريح لنفس الصحفية أنه من أرادت ارتداء الحجاب فلها ذلك، ومن رفضت لن يطلب منها أحد ذلك، هذه التجاوزات وغيرها مثل الانفراد بالقرار والتقائه مع الرئيس الشاذلي دون علمنا دفعت 17 عضوا الى توقيع العريضة ضد عباسي ..
ماذا كان رد فعل عباسي بعد أن سمع هدا الكلام؟
بقي صامتا ثم تحجج بوعكة صحية وغادر الاجتماع.
يعني استطاع أن يفوت عليكم الفرصة وانتهى الموضوع؟
في الغد مباشرة وقع غزو الكويت واجتمع المجلس في جلسة طارئة لدراسة موقف الجبهة، ونجح عباسي ومن معه في تجاوز الأزمة، وذهبت جهودنا في مهب الريح بعد الظروف الطارئة.
من كان يعارض عباسي أكثر داخل مجلس الشورى؟
أولا مراني كان آخر المعارضين لعباسي ولا يتكلم في حضرته، والذي كان يعارض عباسي بشدة أذكرهم للتاريخ بالترتيب السعيد مخلوفي، والبشير لفقيه، كرار، الهاشمي سحنوني، بوكليخة وكنا نواجهه بشكل مباشر ونقول له رأينا في حضرة الجميع، أما الدين لم يوقعوا فكانوا يعتقدون أنه على حق وأننا جهلة.
البعض يرى أنكم كنتم تتحاملون على عباسي لأنه كان يميل للكفاءات وأصحاب الشهادات؟
الجميع كان يدرك تجاوزات عباسي، وأذكر أنه في إحدى المرات استضافنا شقيق مصطفى بويعلي في بيته لتناول الغداء، أنا و بن عزوز زبدة، علي بن حاج، وعباسي تحدثنا عن المجلس الشوري، وسألنا عباسي عن القرارات التي يتخذها بصفة فردية فتخيل ماذا كان جوابه.
أكيد دافع عن نفسه؟
لا قال لنا أنتم لا تعلمون ما أعلم، توجد مخابرات داخل مجلس الشورى، ولا يمكنني الحديث عن كل الأمور داخل المجلس.
هل ذكر لكم أسماء بعينها؟
نعم ذكر لنا احمد مراني، السعيد مخلوفي، بوكليخة، وقال إنه يملك الدليل على كلامه دون أن يظهره.
هل طلب منكم أن تكتموا هدا الخبر؟
هو كان يريد ذلك لكن في اليوم الموالي، كان هناك اجتماع مجلس الشورى، جاء ليفتتح الاجتماع لكنني وقفت وطلبت منه أن يتوقف عن افتتاح الاشغال، قال لي لماذا قلت له لأنه يوجد مخابرات بيننا.
لقد اندهش فعلا وعمت الفوضى في مجلس الشورى، لكنني واجهته بكلامه الذي قاله لنا في بيت بويعلي، وطلبت منه أن يكشف عن عملاء المخبارات الذين تحدث عنهم أمام الملأ .. تصور ماذا كان رد فعله.
ماذا؟
أنكر تماما أنه تكلم في الموضوع في بيت بويعلي.
كنت تقول إنه كان هناك شهود حاضرين معكم بن حاج وبن عزوز زبدة؟
علي بن حاج قال لنا: صدام رجل فاضل والملك فهد استقبلهم بالدعاء
للأسف الشهود سكتوا ولم يشهدوا بما سمعوا بينما ثار كل من شك في أنه هو المقصود داخل مجلس الشورى، وهددوا عباسي برفع دعوة قضائية بتهمة القذف إن لم يقدم دليلا على اتهامه لهم بأنهم من عملاء المخابرات وكان مراني من بين المحتجين.
نأتي على حرب الخليج الأولى والجولة التي قام بها عباسي وبن حاج إلى كل من العراق والسعودية مالدي أضافته للجبهة؟
بعد اندلاع الأحداث في الخليج قررت الجبهة الإسلامية للإنقاذ إرسال وفد قيادي لمحاولة الوساطة والحيلولة دون نشوب حرب في المنطقة، وكان يقود الوفد على بن حاج وعباسي مدني، وقد توجهوا مباشرة للرئيس العراقي صدام حسين واستقبلهم ثم إلى السعودية واستقبلوا من طرف الملك فهد بن عبد العزيز.
كيف كان أثر الزيارة على قيادات الجبهة؟
عباسي مدني كان يرى نفسه دائما رئيسا بدليل انه حين كان يزور مكتب الشاذلي يبقى يتأمل في زوايا المكتب بطريقة ملفتة للجميع، وقالها مرارا وتكرارا "إذا كان بن جديد الأمي رئيسا لم لا أكون أنا الدكتور رئيسا".
ماذا عن علي بن حاج؟
علي بن حاج أثرت فيه الجولة كثيرا وأثر فيه استقبال صدام له، وقال عنه إنه رجل فاضل، وحتى عندما التقى بالملك فهد تفاجأ بن حاج أن الملك استقبلهم بالدعاء دون توقف، حتى أن بن حاج قال لي "والله تخشع عندما ترى المشهد" وهذا ما يؤكد فعلا أن علي بن حاج كان رجلا عاطفيا كثيرا.
ماذا عن أول مسيرة نظمتها الجبهة بعد حصولها على الاعتماد؟
كان ذلك في 20 أفريل الموافق ليوم 27 رمضان قمنا حينها بمسيرة، وهي أول مسيرة قامت بها الجبهة للمطالبة بإطلاق سراح المساجين الدين سبق وأن اعتقلوا وحكم عليهم في قضية بويعلي، توجهنا إلى وزير العدل السيد علي بن فليس، وقلنا له بصراحة مادامت محكمة أمن الدولة قد ألغيت فلماذا لا تطلقوا سراحهم، وبالفعل أطلق سراحهم مباشرة، والبعض اقترح انضمامهم إلى المجلس الشوري، أما بن عزوز زبدة فقد اقترح انضمام الرئيس بن بلة كعضو شرفي في المجلس الشوري الوطني، لكن الأغلبية رفضت رغم موافقة عباسي.
مراني يقول إن عباسي مدني تلقى أموالا طائلة من السعودية وقد أودعها في حساب جمعية خيرية تابعة له بفرنسا؟
أنا سمعت بهذا، وهو مجرد كلام ليس عليه أي دليل، وأقول لمراني لماذا لم تخبرنا وتقدم لنا الأدلة في وقتها، وسمعنا أيضا أن بن بلة منح أموالا لعباسي كإعانة ومنحه سيارة وهذا موثق، أما خزينة الحزب فكان لا يدخلها سوى اشتراكات المناضلين وهي ليست بالحجم الذي يصوره البعض فقد كان كل مناضل يدفع 200 دينار في السنة تصرف برقابة شديدة.
لماذا إذن رفضت الجبهة تمويل وزارة الداخلية مثل بقية الأحزاب؟
لسبب بسيط هو حتى لا نقع تحت تأثيرهم، في حال منحونا الأموال سيقومون حتما بتوجيهنا ونحن لا نريد أن نخضع لأحد.
لكن يقال أنكم كنتم أيضا تجمعون التبرعات في المساجد لخزينة الحزب؟
هذا لم يحدث باستثناء جمع التبرعات لصالح الشعب العراقي، قمنا بنداء عاجل وجمعنا في أسبوع واحد 4 ملايير و700 مليون سنتيم و100 مليون بالعملة الأجنبية و4 كيلوغرامات ذهب و5كيلوغرامات فضة، أخذها بن عزوز لتسليمها للسفير العراقي في الجزائر.
هل لديكم دليل على تسليمها لمستحقيها؟
ليس عندي شك في تسليمها، لكن يقال أن السفير رفض أخذها دفعة واحدة وتركها بحوزته، لكننا لم نرى وصل التسليم إلى اليوم. وسمعنا أيضا أن عباسي أنشأ جمعية خيرية في فرنسا يترأسها المحامي أحمد مزراق لجمع أموال للجبهة بفرنسا لكن ليس لدينا الدليل.
ما قصة كميات الدم التي قال عباسي إنها هربت الى فرنسا؟
صحيح عباسي صرح للصحافة أن دماء الشعب الجزائري عوض أن توجه للعراق أرسلت إلى فرنسا، بعدها رفع الهلال الأحمر الجزائري دعوى ضده، واتضح بعدها انه كان على غير بينة وأنه أراد بها المزايدات السياسية.
هل كانت قيادات الجبهة تتقاضى راتبا من خزينة الحزب؟
كانت أموال الاشتراك والتبرعات تدخل خزينة الجبهة والمسؤول عليها هو عاشور ربيحي وأنا كنت أتقاضى راتبا شهريا قدره 5000 دينار، والأمر كان يسري على كل من لم يكن لديهم عمل يسترزقون منه مثلي، وقد كنت أملك طاولة خضر ببلكور اؤجرها ب700 دينار لأحد الشيوخ، لكن رئيس البلدية عبد الحميد بهلولي في ذلك الوقت افتكها مني بغير وجه حق.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/01/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الشروق اليومي
المصدر : www.horizons-dz.com