يوسف بن محمد بن يوسف أبو الفضل عرف بابن النحوي ناظم "المنفرجة" توزري الأصل من قلعة بني حماد صحب اللخمي قال ابن الأبار: أخذ "صحيح البخاري عن اللخمي و لما جاء سأله اللخمي ما جاء بك ؟ فقال: جئت انسخ تبصرتك، فقال له: تريد أن تحملني في كفك للغرب أو كلاما هذا معناه يشير إلى أن علمه كله فيها.
و أخذ عن المازري و أبي زكرياء الشقراطسي و عبد الجليل الربعي و كان عارفا بأصول الدين و الفقه يميل إلى النظر و الاجتهاد له تآليف و حدث و أخذ عنه، وروى عنه القاضي أبو عمران موسى بن حماد الصنهاجي و توفي عن ثمانين سنة بقلعة بني حماد في محرم سنة ثلاث عشرة و خمس مئة (513) اهـ.
و قال أبو العباس الغبريني في "عنوان الدارية": كان من العلماء المسلمين و على السنن الصالحين، مجاب الدعوة حاضرا مع الله في غالب أمره له اعتقاد تام بأحياء الغزالي دخل القاضي الجماعة يوما في الجامع و هو يقرر للطلبة علم الكلام فسأل القاضي عن الحلقة فأخبر فأمر بإبطال الدرس فقال أبو الفضل: كما تسبب في إهانة العلم فأرنا فيه العلامة و خرج فتبعته ولد القاضي، وله اعتقاد في أبي الفضل فقال له: ارجع لوالدك لتوريه، فرجع فوجد أباه قتل صبرا قتله بعض أعدائه و يذكر أن أبا الفضل ما دعا قط إلا استجيب و هو ناظم: "اشتدى أزمة تنفرجي" اهـ.
و قال أبو العباس النقاويسي توفي بالقلعة الحمادية سنة ثلاث عشر و خمس مئة (513) و قبره مشهور بها البركة أحد أئمة الإسلام و أعلام الدين قال القاضي أبو عبد الله بن علي بن حماد: كان أبو الفضل بلادنا كالغزالي في العراق علما و عملا و قال عياض: أخذ هو المازري عن اللخمي، كان من أهل العلم و الفضل، شديد الخوف من الله غالب حاله الحضور معه تعالى لا يقبل من أحد شيئا إنما يأكل مما يأتيه من توزر
أصبحت فيمن لهم ديـن بـلا أدب
و من له أدب عار من الديـن
أصبحت فيهم غريب الشكل منفردا
كبيت حسان في ديوان سحنون
أشار لقوله في الجهاد:
وهــان على سـراه بـني لؤي
حـريق بالـبويـرة مسـتطـير
و كان يصلي فيكثر رفع الصوت من داره باللغط فقال ضيف عنده لابنه: أما تشغلون خاطر الشيخ؟ قال: إذا دخل في الصلاة لم يشعر بذلك، ثم أدنى السراج من عينيه فما شعر لحضوره مع ربه و غيبته عن غيره.
و أقرأ بسجلماسة "الأصلين" فقال ابن بسام أحد رؤساء البلد: يريد هذا أن يدخل علينا علوما لا نتعارفها فأمر بطرده من المسجد فقال: أمت العلم أماتك الله هنا فجلس ثاني اليوم لعقد نكاح سحر فقتلته صناهجة و جرى له مثله بفاس مع قاضيها ابن دبوس فدعا عليه فأصابته أكلة في رأسه فوصلت لحلقه فمات و قطع ليلة خروجه في صبحها بسجدة قائلا فيها اللهم عليك بابن دبوس فأصبح ميتا و لما أفتى الفقهاء بحرق الإحياء فأحرق الصحن في صحن مراكش و وصل الكتاب سلطان لمتونة بذلك و تحليف الناس بمغلط اليمين أن ليس عندهم الإحياء انتصر و كتب السلطان و أفتى بعدم لزوم تلك الأيمان و نسخ الإحياء ثلاثين جزءا يقوم كل يوم في رمضان فينسخ جزءا قائلا وددت أني لم أنظر في عمري سواه و كان إذا تأخر ما يأتيه من بلده دعا بدعاء الخضر: اللهم كما لطفت في عظمتك دون اللطفاء الخ فيخرج عنه، و شكى إليه بعض أهله الضيق من فراره من ظالم بلده، و رغبه في رفع الأمر للظالم ليأذن له بالرجوع فقال: سأفعل و أتضرع الله تعالى في تجهده فقال:
لبست ثوب الرجا و الناس و قد رقدوا
و قـمت أشـكو إلى مولاي ما أجد
و قلـت يـا سيـدي يـا منتهى أملي
يـا مـن علـيه بكشف الضر أعتمد
أشـكو إلـيك أمـورا أنـت تعلمها
مـالي عـلى حمـلها صـبر و لا جلد
وقـد مـددت يـدي للـضر مشتكيا
إليـك يـا خـير مـن مـدت إليه يد
و نظم "منفرجة" و أعاد أهله السؤال فقال: بلغ الأمر أهله و سترى فعن اليسر ورد الكتاب من توزر بالتلطف للشيخ و رغبته أن يرجع فقال للسائل: قضيت الحاجة ة أرى الباغي في نومه فارسا يحمل عليه بيده حربة من نار فتنبه مذعورا و يتعوذ ثم ينام و يعاوده إلى أن قال: إنما يتعوذ من الشيطان و أنا ملك و مالك و للعبد الصالح.
قال الشيخ أبو القاسم بن الملجوم الفاسي: ورد أبو الفضل فاسا فازمه أبي و حفيظ "لمع" الشيرازي عام أربعة و تسعين و أربع مئة و تسعين و أربع مئة و سافر منها للقلعة فأخذ نفسه بالتقشف و لبس خشن الصوف و كانت حبته إلى ركبته فمر يوما بالفقيه أبي عبد الله بن عصمة المفتي فلم يسلم عليه لشغل باله فعظم عليه فلما رجع ناداه محقرا يا يوسف فجاءه فقال له: يا توزري صفرت وجهك و رققت ساقيك و صرت تمر و لا تسلم فاعتذر فلم يقبل و أغلظ له في القول فقال: غفر الله لك يا فقيه يا أبا محمد فانصرف و كان مجاب الدعوة حتى يقال: نعود بالله من دعوة ابن النحوي و حصلت له المزية في الفقه و النظر و أخذ عنه جماعة من الأئمة الأعلام النظار كالفقيه أبي عبد الله محمد بن الرمامة رئيس مفتي فاس و الأخوين الفقيهين أبي بكر و محمد ابني مخلوف بن خلف الله و الفقيه أبي عمران موسى بن حماد الصنهاجي قال الحافظ الزاهد أبو الحسن بن حرزهم: أوصاني أبي أن أقبل يد أبي فضل من لقيته و لو لقيته في اليوم مئة مرة فبعثني إليه يوما ليدعو لي فأتيته عند الغروب فأذن و أقام و صليت معه فلما أراد أن يكبر نظرت لثوبه على كتفه يتحرك حركة شديدة يسمع صوته من شدة الخوف فلما سلم دعا لي فانصرفت لأبي و قلت له: رأيته صلى قبل وقت صلاة أهل البلد فقال لي: أتتكلم في ولي الله و هل وقت المغرب إلا الذي صلى فيه و إنما ابتعدوا التأخير عنه ثم قال لأمي هذا صبي نرجو أن ينفع الله به فإني وجدت بركة أبي الفضل و لقد دخل عليه نور فعلمت إجابة دعوته فيه اهـ. فكان كذلك و من كريم خلقه أن شابا من الطلبة بادر السلام عليه فأرق الحبر على ثوبه و كان أبيض فخجل فقال الشيخ: كنت أقول أي لون أصبغ ثوبي فالآن أصبغه حبريا فبعث به الصباغ اهـ ملخصا.
و في "جذوة الاقتباس": يوسف بن محمد بن يوسف المعروف بابن النحوي يكنى أبا الفضل من قلعة حماد و أصله من توزر و دخل سجلماسة و مدينة فاس ثم عاد إلى القلعة و بها توفي صحب أبا الحسن اللخمي و أخذ عن عبد الله المازري و أبي زكرياء الشقراطيسي و عن عبد الجليل الربعي و أخذ عن أبو الفضل أبي عبد الله محمد بن علي عرف بابن الرمامة و موسى بن حمتد الصنهاجي و غيرهما.
و كان أبو الفضل من أهل العلم و العمل و كان ممن انتصر لعدم إحراق "الإحياء" للغزالي و كتب على بن يوسف إلى مدينة فاس بالتحرج على الناس في كتاب "الإحياء" و أن يحلف الناس بالإيمان المغلطة أن الأحياء ليس عندهم قال أبو الحسن بن حرزهم: لما وقع هذا ذهبت إلى أبي الفضل أستفتية في تلك الأيمان فأفتاني بأنها لا تلزم و كانت على محمله أسفار فقال لي: هي من الأحياء و وددت أني لا أنظر في عمري سواها قال ابن الرمامة المذكور و أنشدني أبو الفضل:
أصبـحت فيمن له دين بلا أدب
و مـن له أدب عار من الدين
وقد عـدوت لفقد الشكل منفردا
كبيت حـان الديوان سحنون
و كان يقال: نعود بالله من دعوة ابن النحوي و لما التقى بأبي الحسن اللخمي سأله ما جاء به فقال: جئت لأنسخ تأليفك المسمى بـ "التبصرة" فقال له: إنما تريد أن تحملني في كفك إلى المغرب، يشير إلى أن علمه كله هذا الكتاب.
حكى عن ابن حرزهم أنه قال: كان أبو االفضل يلبس البياض فدخل عليه شاب من طلبة العلم فبادر أن يسلم عليه فأراق الخبر على ثوب أبي الفضل فخجل الطالب فقال له أبو الفضل مزيحا عنه الخجل: كنت أقول أي لون أصبغ به هذا الثوب فالآن أصبغه حبرا فجرده و بعث به إلى الصباغ و ببركة دعائه انتفع أبو الحسن بن حرزهم و كان نزوله بفاس بعقبة بن دبوس و كان عارفا بأصول الدين و الفقه و لقي من أهل فاس أمورا يطول ذكرها فدعا على القاضي ابن دبوس فأصابته أكلة في قرن رأسه فانتهت في حلقه فمات و له "المنفرجة الجيمية" و نظمه في مدينة فاس:
يا فاس منك جميع الحسن مسترق
وساكنوك أهنيهـم يـا رزقـوا
هذا نسيمـك أم روح لـراحتنا
و ماؤك السلسل الصافي أم الورق
أرض تخـللها الأنهـار داخـلها
حـتى المجالس و الأسواق و الطرق
توفي رحمه الله بقلعة بلده سنة 513 هـ.
هذا ما وجدته في كتب أشرت إليهم في المقدمة و كله منقول منها بالحرف و لم أتصرف فيه بزيادة أو نقص إلا قليلا و القليل الزائد نسبة إلى قائله إن كان مفعولا و قد أدرجت تراجم بعضهم في هذا المجموع و في المدرسة الثعالبية تذكارا و شكرا و هم الغبريني و التنبكتي و المديوني و المقري و ابن الخطيب القسنطيني و لنترجم باقيهم هنا باختصار كثير إلا الكتاني "سلوة الأنفاس" لوفاته رحمه الله قبل اليوم بسنتين أو ثلاث فقط.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/10/2010
مضاف من طرف : soufisafi
المصدر : تعريف الخلف برجال السلف