مهلا.. يا سيادة الوزير.. مهل.
لقد أطنبتم بلغة الأدب في شتمنا وبهدلتنا، ومسّ كرامتنا، يا سيادة الوزير، إذا لم أقل تماديتم، بلغة السياسة والإعلام، في نعتنا بكل النعوت، وتفتخرون بأنكم أول من بهدل التلفزيون على المباشر. سأحاول أن أكون مختصرا، لأنني لو أخرجت الكامن بداخلي، لما استوعبت صفحات هذه الجريدة كلها ما أود البوح به.
أذكركم سيادة الوزير... لأن الذكرى تنفع المؤمنين: هل نسيتم ما كان جاثما على صدر التلفزيون؟ هل نسيتم دور التلفزيون وصحافييه الذين تولّوا، في وقت ما، مهمة وزارتكم وكل الوزارات والهيئات التي كان يختبئ القائمون عليها في الإقامات... ولا تعرف عن المجتمع إلا ما يبثه التلفزيون، وكفاءات التلفزيون، وشجعانه.
وحتى لا أذهب لأكثـر من هذا، فأنا لا أريد، ولن أرضى في يوم من الأيام أن أغسل الغسيل، وأنشره عبر الصحف، رغم كونها وطنية، لأن ذلك وسخنا جميعا، والكل يعرف بأن علامة الاستفهام، بكل اللغات، معوجة من الأعلى.. والحمد لله، الإصلاحات سترت عيوب الكثيرين.
فاسألوا عنا زملاء شاركونا المحن، أمثال بلحيمر، مزالي، بن شيكو، عمير، وحميدة العياشي... وغيرهم كثير. واسألوا عنا ضباط الجيش الذين تكبّدوا الويلات إلى جانبنا في سبيل هذا الوطن، فلم نضعف ولم نَبِعْ.
فليس من العيب أن يرفع الصحافيون شكوى جور الوصاية عليهم إلى رئيسهم، إنهم لم يشتكوا لرئيس دولة أجنبية.
أستحلفكم بالله! ما هو دور وزارة الإعلام؟ إنني لم أجد الجواب الشافي لهذا السؤال!
سيادة الوزير، أنا لا أدافع عن صحافة (التراباندو) كما سمّيتها، ولا عن صحافة (الرداءة) كما وصفتها، وإنما أرد الاعتبار للنزهاء الشرفاء الذين لم ولن يتبدلوا، ولا تغريهم مغريات، ليس في التلفزيون فقط، بل في كل وسائل الإعلام.
فالرداءة، للأسف، منتشرة على كل المستويات، في الإعلام وفي الإدارات، والوزارات، والأحزاب، والبرلمانات، وحتى في الأسواق التي لا يعرف مسؤولونا مواقعها وأسعارها، وشكاوى المواطنين الذين يقصدونها.. ومشروع مارشال الذي تتحدثون عنه لا يخص التلفزيون فقط، بل الوصاية أيضا، وكل المؤسسات والهيئات التي تظهر عورتها من خلال التلفزيون.
وهكذا، آن لأبي حنيفة أن يمدّ رجله.
والتلفزيون الذي تصدى لكل الرياح العاتية، يوم كانت أسس الدولة على المحك، هاجرت طيور النَّوْرس وبقيت الدولة قائمة من خلال التلفزيون!
أيّ مهنية تتحدثون عنها في التلفزيون؟ المهنية مرادفة لحرية التعبير، وحرية التعبير في مؤسسة هي ملك الشعب ودولته، بجميع هيئاته وأطيافه وتوجهاته. وبالتالي، فالحرية فيه مرهونة بالمسؤولية. وعلى هذا الأساس، لم يطالب صحفيو التلفزيون بحرية التعبير إدراكا منهم بحجم المسؤولية، والحرية في التلفزيون تخضع لمعايير، أنتم سيّد العارفين بذلك. فهل يمكن كتابة وبث هذا المقال في نشرة الأخبار؟
أرجو من مسؤولينا ألاّ يتخذوا من التلفزيون مظلة لتبرير عجز السياسات الإعلامية المنتهجة عبر كافة الوزرات المتعاقبة، وكفانا مزايدات.
وما يدعو للاشمئزاز الحديث عن أن تكوين الصحافيين بالجامعة الجزائرية، غير مشرّف؟
اسأل سيادة الوزير زميلك وزير التعليم العالي عن أسباب ذلك، واسأل عن منظومة ''بافلوف'' التربوية، واسأل... واسأل، حتما ستجد الجواب وستجد الرداءة عامة، ''والمصيبة إذا عمّت هانت''.
والتلفزيون، يا سيدي، بكل عيوبه ورداءته!؟ لم ولن ينثني في يوم من الأيام، مادام هناك رجال صادقون مخلصون لوطنهم، يقدّرون المسؤولية حقّ قدرها ولا تغريهم المناصب، ولا أموال القنوات التي تحدثتم عنها، وموعد الانتخابات على الأبواب، والتلفزيون، بوجود وزارة أو بعدم وجودها، بمهنيته أو رداءته، سيكون في الموعد وسيتحدى.
فمهلا يا سيادة الوزير... مهل
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 29/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : ب. محمد
المصدر : www.elkhabar.com