الجزائر

يعيشان في كهف وسط حرمان لا مثيل له



يعيشان في كهف وسط حرمان لا مثيل له
أصبح اسم مجدوب وفاطنة أشهر من نار على علَم في المملكة المغربية؛ ليس لأنهما نجمان سينمائيان ولا هما من الأعيان ذوي الحظوة لدى المخزن، ولكن لأن فقرهما أخرجهما من العدم إلى واجهة الأحداث، ليس في المغرب فقط ولكن أيضا في فرنسا.وكان يمكن أن ينتهي الزوجان وهما في أرذل عمرهما بعد أن تجاوزا السبعين من عمرهما، في طي النسيان دون أن يلتفت إليهما أي أحد لولا فقرهما، الذي تحوّل من نقمة إلى نعمة في مفارقة لا يصنعها إلا الحظ فقط حتى وإن جاء في نهاية حياة كلها شقاء وهوان، عندما حوّلتهما تعاستهما إلى حديث الشارع المغربي والفرنسي على السواء.ولم يكن لا الزوج مجدوب ولا زوجته فاطنة التي رافقت مسيرته الحياتية، يتوقع أن الفقر المدقع الذي يعيشانه سيجعلهما محل عناية دولية بعد أن استنفرت منظمات إغاثة فرنسية قواعدها، وتنقلت إلى مدينة مراكش لمعاينة وضعيتهما المأساوية واكتشاف الوجه الآخر البائس حد التعاسة لمدينة أرادت الدعاية المغربية أن تسوّق لها على أنها مدينة لتعايش الثقافات والأديان والشعوب ولو على حساب الغلابى من عامة الشعب المغربي.ولم يصدّق من شاهد صورهما أن مواطنين مغربيين يعيشان في الألفية الثالثة مثل وضعيتهما، وقد قضيا حياتهما كلها في كوخ سقفه من الديس والتبن في حي يُعد من أفقر أحياء "المدينة الحمراء" دون عائل ولا وريث.ولم تكن قناة "2 .أم" المغربية الخاصة تتوقع أن يأخذ الروبورتاج الذي أنجزته عن ظروف معيشة مجدوب وفاطنة، بعدا دوليا مع كل الانعكاسات السلبية التي تركها على الصورة الأخرى، التي تسعى المغرب لتسويقها باتجاه السياح الأجانب.والمفارقة أنه في الوقت الذي لم تتحرك أية جهة رسمية مغربية لإعالة الزوج "الميت الحي"، تحركت منظمة "هالب دكتورس" الفرنسية ومنظمة "شاهد" المتخصصتين في تقديم المساعدات الإنسانية في مثل هذه الحالات، عندما تحركت مشاعر مسؤوليها ولم تتمكن من الصمود أمام صورة الزوج المقعد الكفيف وعجوزه التي تعيله في ذلك الكهف منذ خمسين عاما رغم قصر نظرها، إذ تعاني من تبعاته منذ عقود.وإذا كان البطل الفرنسي في المصارعة الحرة شيخ كونغو، تأثر هو الآخر لحال الزوجين وانتقل إلى مدينة مراكش رفقة مسؤولي المنظمتين، قاطعا مبارزة في الولايات المتحدة وتعهّد رجل أعمال مغربي بإعادة بناء بيتهما، إلا أن ذلك يبقى غير كاف في نظر المنظمتين الإنسانيتين لتعويض الشيخين عقودا من المعاناة، التي أوصلتهما إلى حد البؤس والتعاسة.والمؤكد أن أمثال مجدوب وفاطنة يوجدون بالملايين، ومصيرهم سينتهي دون شك إلى الموت البطيئ والنسيان المحتوم في مملكة انقسم مجتمعها إلى شريحة أغنياء إلى حد التخمة وفقراء محرومين.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)